تقارير

ما وراء اعتقال قيادات حزب المؤتمر من قبل مليشيا الحوثي في صنعاء؟

23/08/2025, 08:52:54
المصدر : قناة بلقيس - خاص

شنّت مليشيا الحوثي حملة اعتقالات واسعة ضد قيادات في حزب المؤتمر الشعبي الموالي لها في صنعاء، ثم تبعت ذلك بحملات تخوين ودعوات إلى حظر الأحزاب في مناطق سيطرتها.

اعتقلت المليشيا أمين عام المؤتمر في صنعاء، واثني عشر قياديًا في الحزب، وفرضت الإقامة الجبرية على عدد آخر من القيادات، بعد أيام من إجبارها المؤتمر على إلغاء احتفالاته بذكرى تأسيسه.

وبالمجمل، تبدو الاعتقالات الأخيرة بحق قيادات المؤتمر الموالي للمليشيا مؤشرًا على وصول التحالف بين الطرفين إلى نقطة فارقة ستلقي بظلالها على الحزب بشكل كبير. فالمليشيا -على ما يبدو- مصرّة على التخلص من وجوده ووراثة تركة صالح السياسية والاجتماعية في مناطق سيطرتها.

- الشراكة قائمة

يقول الصحفي طالب الحسني: «في حقيقة الأمر هناك فصل بين هذه القضايا الثلاث. الأول: موضوع إلغاء فعاليات المؤتمر بذكرى تأسيسه في ٢٤ أغسطس الجاري، وهذا الأمر مرتبط بالمؤتمر نفسه، وهو من أعلن إلغاء الفعالية».

وأضاف: «صحيح أن هناك تخوفًا من إقامة الفعالية في ظل أحداث كان يجب ألا تحدث، وهذا ربما ألقى بظلاله على قرار الإلغاء، لكنه أُعلن أنه تم إلغاء الفعالية لأسباب تتعلق بغزة وفق بيان المؤتمر الشعبي العام بصنعاء».

وتابع: «المسألة الثانية مرتبطة بالاعتقالات، وهذه لا تخص المؤتمر وحده ولا المؤتمر كحزب سياسي، وإنما حركة لها علاقة بإشعال الفوضى في أوقات حساسة مرتبطة بذكرى تأسيس المؤتمر وذكرى ثورة ٢٦ سبتمبر».

وأشار معترفًا: «الاعتقالات شملت أيضًا أحزابًا أخرى مثل البعث، ومن أبرز المعتقلين نجل عبدالوهاب محمود الأمين العام السابق لحزب المؤتمر الشعبي العام، إضافة إلى أشخاص لا علاقة لهم بأحزاب بل بحركة كانت تنوي القيام بأحداث فوضى».

وأوضح: «يجب مناقشة هذه الاعتقالات بوضوح وشفافية، وعدم الخلط بين المؤتمر ككيان وبين شخصيات فيه تعمل بشكل فردي، مثل غازي الأحول، الأمين العام المساعد، الذي تم اعتقاله. لكن هل كان هناك نشاط حزبي من خلاله؟ ينبغي انتظار نتائج التحقيقات».

وأردف: «أما مسألة حظر الأحزاب فهي مجرد دعوات من ناشطين أو أشخاص محسوبين على الجماعة، وليست توجهًا رسميًا من المجلس السياسي (التابع للحوثيين)».

وأكد: «لا يمكن لحركة عاقلة أن تقدم على خطوة كهذه في هذه الظروف، ولذلك فإن الحديث عن توجّه لحظر الأحزاب غير دقيق».

وقال أيضًا: «يجب التذكير أن الشراكة بين المؤتمر والحوثيين مرت بمراحل صعبة، خصوصًا عند إعلان علي عبدالله صالح في ديسمبر ٢٠١٧ ما سماه ثورة ضد الحوثيين، وانتهت بمقتله ونهاية تياره. لكن بقيت قيادات في المؤتمر فضلت الاستمرار في الشراكة».

وأضاف: «سواء كان المؤتمر الذي في الخارج  يعترف بمؤتمر صنعاء أو لا، هذه مسألة تتعلق بالمؤتمر وقياداته وقواعده، فالذين بقوا في مسار التحالف والشراكة (مع الحوثيين) كان يجب أن يكون هناك نوع من المصداقية في التحالف وعدم الذهاب يمينا ويسارا».

وأشار: «كان هناك نوع من تجاهل هذا التحالف، على سبيل المثال تم اختيار أحمد علي عبد الله صالح ليكون نائبا للأمين العام للمؤتمر الشعبي العام أو رئيسا للمؤتمر الشعبي العام، بالرغم أنه
لم يكن هناك رفض من حركة (الحوثي)، وكان فيها نوع من الاستئزاء بهذا التحالف».

وأوضح: «ما يجري الآن لا علاقة له بفيلم وثائقي ولا بتصريحات، بل بحركة كانت تريد فوضى تورّط فيها جزئيًا المؤتمر وأحزاب أخرى مثل البعث. وبالتالي، الحديث عن ارتباط ذلك بحدث إعلامي غير دقيق».

وأردف: «هناك قيادات كبيرة وتقليدية في المؤتمر، مثل أبو راس والراعي وغازي الأحوال وغيرهم ما زالوا يمارسون دورهم. والشراكة مع الحوثيين قائمة حتى الآن».

وأضاف: «صحيح أن هناك اختلافًا في الرؤى بين حزب عريق كالمؤتمر وحركة ثورية كالحوثيين جاءت عام ٢٠١٤، لكن الشراكة في مواجهة العدوان لا تزال قائمة. وعندما تنتهي ستنتهي بإعلان واضح من الطرفين، لا بمجرد تكهنات».

وتابع: «لا يمكن أن يذوب المؤتمر الشعبي العام في حركة الحوثيين، فهناك اختلاف في الرؤى. المؤتمر حزب عريق، والحوثيون حركة ثورية نشأت عام 2014. لذلك من الطبيعي وجود خلافات، لكن ذلك لا يلغي الشراكة».

وأوضح: «أما قضية الحكم الصادر بحق أحمد علي عبدالله صالح، فهي لم تصدر اعتباطًا. ظل صامتًا لفترة طويلة، لكن في الآونة الأخيرة كان هناك تواصل بينه وبين تحالف السعودية والإمارات، إضافة إلى تواصل مع حلقات داخلية مرتبطة به. وبالتالي، صدر الحكم من المحكمة العسكرية باعتباره منخرطًا في تحركات سياسية ضد صنعاء».

وختم بالقول: «من مصلحة الحوثيين والمؤتمر معًا الحفاظ على هذه الشراكة الوطنية. الحركة لا تسعى لتدمير النسيج السياسي، بل تريد الحفاظ عليه طالما هناك خطوط عريضة متفق عليها مثل مواجهة التدخلات الخارجية. أما الدعوات لحظر الأحزاب فهي مجرد اجتهادات شخصية، وليست توجهًا رسميًا».

- جماعة فاشية ونازية 

بدوره يقول ثابت الأحمدي: «ما حصل في الأيام الأخيرة يثبت أننا أمام جماعة فاشية ونازية لا ترى إلا نفسها. ويثبت أيضًا أن المؤتمر الشعبي العام ليس متحالفًا معها، ولن يكون متحالفًا، مثلما لم تتحالف هي مع أي حزب من قبل».

وتساءل: «أين أمين عام المؤتمر اليوم، وأين رئيسه؟ هو الآن تحت الإقامة الجبرية، أين عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني محمد قحطان وهو مختطف لا يُعرف مصيره؟ أين نجل زعيم حزب البعث عبدالوهاب محمود؟ الجميع في المعتقل أو تحت الإقامة الجبرية، والشعب اليمني كله أسير هذه الجماعة».

وأوضح: «الجماعة تضيق على كل من عداها، وتخاف حتى من شباب يرفعون علم الجمهورية أو يحيون ذكرى ٢٦ سبتمبر. فهي تدرك حجمها وحقيقة وزنها لدى الجمهور. كل الأحزاب ذات الفكر الجمهوري الوحدوي تتناقض مع فكر الجماعة المليشياوية العصبوية، ومن الطبيعي أن تحاربها ما دامت ممسكة بالسلطة وأدوات الدولة».

وأشار: «البيان الذي نُسب للمؤتمر الشعبي العام لم يصدر عنه إطلاقًا، بل كتب في مكتب عبدالملك الحوثي. حتى قيادات المؤتمر في صنعاء كأبو رأس والراعي نفوا علمهم به. خطب الجمعة الأخيرة في صنعاء كانت موجهة بشكل مباشر ضد المؤتمر وضد الأحزاب».

ويرى: «لا يوجد تحالف رسمي بين المؤتمر والحوثيين إطلاقًا. ما كان موجودًا مجرد تعاون بين عناصر من المؤتمر لفترة محدودة ثم انتهى. رئيس المؤتمر حينها كان عبد ربه منصور هادي، وليس علي عبدالله صالح».

وتابع: «أما تعيين أحمد علي كنائب فقد تم بقرار من الحوثيين، ولم يرشح نفسه وفق لوائح المؤتمر. هذه إجراءات شكلية فُرضت بقوة الحديد والنار».

وأوضح: «الحكم الصادر ضد أحمد علي من الحوثيين يؤكد كلامي، فهم جماعة عشوائية فوضوية لا تحتكم إلى أنظمة أو مؤسسات. يصعدون شخصًا اليوم ثم يعدمونه غدًا. هم حالة مليشياوية لا علاقة لها بالدولة ولا بالحزبية».

وأضاف: «المؤتمر الشعبي العام في صنعاء لا يمثل الحزب الحقيقي، بل عناصر محدودة من قياداته تعاونت لفترة مع الحوثيين ثم انتهى ذلك التعاون. أما الأنشطة التي تُنسب إلى المؤتمر اليوم فهي مجرد أنشطة صيغت داخل مكتب عبدالملك الحوثي، والدليل البيان الأخير الذي صدر باسم الحزب ولم تعلم به حتى قياداته في صنعاء».

وأكد: «الحقيقة أن جميع الأحزاب السياسية في مناطق سيطرة الحوثيين، بما فيها الإصلاح والاشتراكي والبعث والمستقلون، تعيش تحت سطوة الحديد والنار. وما يصدر عنها اليوم لا يمثلها ولا يعكس إرادتها. حين تعود الدولة ستعود الأحزاب إلى نشاطها الطبيعي وتعبِّر عن نفسها بحرية».

وتابع: «المليشيا الحوثية جماعة قمعية لا تقبل التعدد ولا الشراكة. فهي تضيّق حتى على شباب يرفعون علم الجمهورية أو يحيون ذكرى 26 سبتمبر. لذلك، فهي جماعة مرعوبة تتحكم ولا تحكم، وتعيش هاجس السقوط، ولن تدوم مهما بطشت».

وختم بالقول: «المؤتمر، مثل بقية الأحزاب، يبحث اليوم عن استعادة الدولة أولاً، ثم بعد ذلك يمكن الحديث عن الحياة الحزبية والسياسية. أما الآن فلا دولة ولا حياة حزبية في ظل سلطة قمعية مليشياوية لا تؤمن بالقانون ولا بالتعددية».

تقارير

تعزيزا للنزعة الطائفية.. حملات حوثية لمصادرة الكتب الدينية من المساجد

في إطار الحرب المحمومة على التنوع الثقافي والفكري والمذهبي التي عاشتها اليمن منذ قيام ثورة 26 سبتمبر، تحاول مليشيا الحوثي طمس كل الاختلافات، وتفصيل كل مقومات البلد على مقاساتها ومعتقداتها، ومحو كل ما يخالفها أو لا يؤمن بأفكارها.

تقارير

في ظل تصاعد التوتر مع حزب المؤتمر.. أصوات حوثية تطالب بحل الأحزاب

تصاعدت الدعوات في أوساط ميليشيا الحوثي، التي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال اليمن، لحلّ الأحزاب السياسية واعتبارها "شرًا مستطيرًا" يهدد استقرار البلاد، في خطوة تكشف عن توجه متزايد لإقصاء شركاء العمل السياسي، وفي مقدمتهم حزب المؤتمر الشعبي العام.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.