تقارير
مخاطر اقتصادية لتحول مسار السفن من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح
ارتباك للشحن عبر البحر الأحمر في ظل المخاوف، التي دفعت 18 شركة شحن لتغيير مسار سفنها إلى رأس الرجاء الصالح، ما يعني ارتفاع الكلفة، يقابلها زيادة في مدة الرحلات، لمدة تصل إلى 20 يوما.
في المقابل، يترقب المستهلكون زيادة سعرية ناتجة عن ذلك التحول، خاصة في ظل إعلان مسؤولين في مجال الخدمات اللوجستية أن أكثر من 200 مليار دولار من التجارة الدولية غيّرت مسارها عن طريق الملاحة البحرية الحيوية في الشرق الأوسط، نحو رأس الرجاء الصالح.
- خسائر كبيرة
يقول المحلل الاقتصادي فارس النجار: "إن المخاطر والخسائر الاقتصادية - نتيجة تحول السفن من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح - كبيرة، فهناك 126 مليون ميل ستقطعه السفن سنويا، زيادة على ما كانت تقطعه، وذلك نتيجة لتغير مسارها، لا سيما وأن مسار الملاحة في البحر الأحمر تمر عبره نحو 21 ألف سفينة سنويا".
وأضاف: "هناك خسائر يومية تقدر بـ45 مليون دولار يوميا، بما يعادل 16 مليارا و428 مليون دولار سنويا".
وتابع: "10% من حجم التجارة العالمية يمر في طريق البحر الأحمر، ويقدر بـ3 تريليونات دولار، علما بأن إجمالي قيمة التجارة الدولية يقدر ما بين 25 - 30 دولار".
وأردف: "يمر في هذا الطريق أكثر من مليار و378 مليون برميل سنويا، وتحوله نحو طريق آخر سيرفع من تكاليف الشحن للحاويات".
وزاد: "هناك خسائر كبيرة، فبحسب ما صرّحت به شركة الشحن سيدك الدنماركية بأن هناك -على سبيل المثال- حاوية 20 قدما ممكن أن تتجه من جنوب الصين باتجاه سواء ميناء عدن أو الموانئ التي حولها، ستزداد تكاليفها ما بين 500 - 700 دولار، وهي ما تسمى بتكاليف تي دي أس، وهي تكاليف إضافية نتيجة ارتفاع تكاليف الشحن".
وقال: "يعد شهر يناير، بداية كل عام، موسم الذروة، الأمر الذي ترتفع فيه تكاليف الشحن والنقل بشكل عام".
وأضاف: "على سبيل المثال، سيكون هناك ارتفاع لأسعار نقل الحاويات الواصلة إلى ميناء عدن، ما بين 1750 دولارا إلى 2450 دولارا للحاوية 20 قدما، وما بين 3500 دولار إلى 9000 دولار للحاوية 40 قدما، بينما في ميناء الحديدة قد تكون أكبر من ذلك، حيث سترتفع تكلفة الشحن بنسبة 80% للحاوية 20 قدما".
وتابع: "ارتفاع تكلفة الشحن ليس على مستوى السفن القادمة إلى اليمن، وإنما أيضا يخفض من القدرة التنافسية للموانئ اليمنية، خصوصا ميناء عدن، الذي ليس فقط لاستقبال السفن والحاويات، وإنما هو ميناء ترانزيت يقوم بتزويد السفن بالوقود، وميناء يمتلك أحواض سفن للصيانة".
وأردف: "هذه الأحداث في البحر الأحمر ستنعكس أيضا على مستوى الإيرادات العامة، التي تحصل عليها الدولة، وعلى مستوى حياة المواطن، لأن أي ارتفاع بتكاليف الشحن يتم إضافته على المنتج النهائي، وترتفع الأسعار".
وزاد: "حتى وإن كانت مليشيا الحوثي أعلنت عن استهداف نوع معين من السفن وليس كل السفن، ألا يؤثر ذلك على السفن التي ممكن أن تمر بجوار سفن ممكن أن تتعرض للاستهداف؟".
وقال: "عندما نتحدث عن منطقة يحدث فيها استهداف عسكري، سواء كان من قبل القوات الأمريكية للرد، أو من قبل مليشيا الحوثي باستهداف السفن، فإن هذا الوضع يجعل هذه المنطقة خطرة، وعلى هذا الأساس يتم احتساب تكاليف التأمين والشحن".
وأضاف: "عندما نتحدث عن سفن حجم تجارتها يقدر بـ3 تريليونات دولار، ونحو مليار و378 برميل نفط سنويا، فهذه أرقام ليست سهلة للمرور من هذه المنطقة".
وتابع: "ما الذي قد يجعل شركات الشحن البحرية أن تغامر بمليارات الدولارات من خلال المرور بطريق خطرة؟".
- اختناق اقتصادي
يقول مدير المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات، محمد صالح عمر: "إن تحول السفن إلى رأس الرجاء الصالح يعني المزيد من المتاعب الاقتصادية والاختناقات التجارية، والتوترات السياسية، ويضاعف من الصعوبات، التي يعانيها الاقتصاد العالمي".
وأضاف: "الكثير من الشركات رفعت أسعار النقل والشحن والتأمين، غير الوقت الذي تأخذه هذه السفن، والذي يكاد أن يكون وقتا مضاعفا".
وتابع: "هذه المنطقة شهدت، في السابق، مجموعة من القراصنة التي تقوم باختطاف السفن، ومن ثم تقوم بالمطالبة بالفدية، وفي الفترة الأخيرة كانت هناك سفينتان اختطفتا إلى السواحل الصومالية، أو إلى سواحل شرق إفريقيا تحديدا".
وأردف: "هذه المتاعب الاقتصادية تأخذ بعضها البعض؛ لتشكل حالة الاختناق والانسداد السياسي على مستوى العالم، وليس على مستوى منطقة الشرق الأوسط فقط".