تقارير

مدرسة البدو الرحل.. أطفال الصحراء يسابقون التحدّيات بحثاً عن التعليم في رحلة شاقة

15/09/2024, 08:16:58
المصدر : قناة بلقيس - خاص

في صحراء السديهات شرق اليمن، يواصل الطفل أيمن أبو سمرة، البالغ من العمر 12 عامًا، كفاحه اليومي للوصول إلى مدرسته، رغم المسافة الشاقة التي تفصله عن فصله الدراسي والتي تتجاوز العشرين كيلومترًا.

أيمن، الذي يعيش مع أسرته النازحة من محافظة الجوف بعد سيطرة جماعة الحوثي عليها، يواجه العديد من الصعوبات لتحقيق حلمه في إكمال تعليمه الثانوي.

الأطفال النازحون والبدو الرُّحل في هذه الصحراء القاسية، يواجهون تحدّيات كبيرة للوصول إلى التعليم، حيث يعتمدون على فصول متنقِّلة من الخيام التي بالكاد تحميهم من حر الصيف، أو برودة الشتاء.

أيمن يدرس مع 30 طالبًا آخرين في فصل واحد، يجمع طلابًا من مختلف المراحل التعليمية.

رغم التحديات، يُصر أيمن على الاستمرار في التعليم، قائلاً: "اشتريت كتبي من مكتبة في مدينة مأرب، ولا توجد كراسي، نحن نجلس على الرمال".

هذه الحالة تمثل جزءًا من الواقع المرير لـ600 طالب وطالبة في مدرسة البدو الرّحل التي تستقبل 230 طالبة و370 طالبًا من أبناء البدو النازحين، وأبناء النازحين من محافظة الجوف.

يعاني الأطفال النازحون والبدو الرُّحل قساوة الطبيعة في صحراء لاهبة  للحصول على التعليم في مدرسة مترامية الأطراف بفصول متنقِّلة من خيام لا تقي حر الشمس، ولا رياح حاملة حبات رمال الصحراء المتطايرة لتكون فصلا دراسيا يتلقون فيه درسا واحدا لطلاب من مراحل تعليمية مختلفة.

- 600 طالب في المدرسة

استقبلت مدرسة البدو الرّحل، هذا العام، في فصولها الثمانية 600 طالب وطالبة؛ منهم 230 إناثا، و370 ذكورا، وبعدد 120 طالبا من أبناء البدو الرحل الأصليين، فيما 480 هم طلاب من أبناء النازحين من محافظة الجوف في صحراء السديهات، بحسب إحصائيات من مكتب التربية في محافظة مأرب، التي تتبعها مدرسة البدو الرحل، التي أنشئت عام 1993 في المنطقة ذاتها ومخصصة للبدو الرّحل الذين يعيشون الصحراء متنقلين في مناطقها المتباعدة.

يقول مدير المدرسة، عبدالفتاح الحميدي، في تصريح لموقع "بلقيس": "هناك الكثير من الاحتياجات والصعوبات، حيث إن المعلمين البالغ عددهم أربعة معلمين فقط، وجميعهم متعاقدون بمن فيهم مدير المدرسة، عددهم لا يكفي لتغطية التعليم السنوي للطلاب في مدرسة مترامية الأطراف".

وأضاف: "إضافة إلى أن المعلمين يتقاضون مرتبات بعقد مع مكتب التربية في مأرب بمبلغ ثمانين ألف ريال يمني لا يكفي تكاليف التنقل، ولا حق ماء في وسط الصحراء".

- احتياجات متراكمة

ويشير الحميدي إلى أن المدرسة استقبلت طلابها  في عامها التعليمي الجديد بذات القدرات البسيطة والاحتياجات الكبيرة، التي مرت بها العام الماضي، دون تدخلات تُذكر للسلطات المعنية بخلاف توفير خيام بديلة للخيام التي تُستخدم كفصول دراسية بديلة عن السابقة، التي قطعتها بيئة عامين في الصحراء الملتهبة ومتقلبة الطقس والرياح الشديدة".

ومع بداية العام الدراسي الجديد، كانت مدرسة البدو الرُّحل أملا وحيدا لالتحاق الأطفال النازحين في صحراء السديهات، وصحراء رحبا؛ للمساهمة في بناء أجيال من الأطفال النازحين، يوضح الحميدي.

وتابع مستدركا: "لكن هناك صعوبات كثيرة تواجهها المدرسة المتنقلة، فالطلاب الملتحقين بالمدرسة المتباعدة فصولها يواجهون معاناة شديدة؛ حيث يسيرون بين رمال الصحراء مسافات بعيدة قد تصل إلى عشرين كيلو مترا من مناطق سكن بعضهم إلى الفصل، مما يؤثر على استمرارهم في التعليم، أو يتسبب لهم بمخاطر الضياع في الصحراء".

وأشار إلى أن "مدرسة البدو الرُّحل لا تشبه المدارس الأخرى، حيث إنها أنشئت على أساس تعليم الأطفال من أبناء البدو الرُّحل، وترتحل الفصول المكونة من الخيام مع تنقل البدو الرّحل الباحثين في الصحراء عن مناطق تواجد الماء والطعام والعُشب لمواشيهم من الأغنام والإبل".

- في خيمة واحدة

يقول الحميدي إن "المدرسة تتكون من ثمانية فصول دراسية، اثنان منها ثابتين ومبنيين من الحجر في منطقة الرويك، حيث استقر عدد من أُسر البدو الرُّحل فيها منذ زمن، فيما ستة فصول من الخيام متنقلة في مناطق متباعدة، حيث قد تصل المسافة بين الفصل والآخر مائة كيلو متر".

وبيّن أن "الفصل الواحد في المنطقة هو بمثابة مدرسة متكاملة، حيث يتعلم الطلبة جميعهم في هذا الفصل، ويتلقون تعليمهم بشكل جماعي من معلم واحد".

وتابع: اضطررت لإغلاق وإيقاف فصلين متنقلين؛ بسبب نقص وجود المعلمين، حيث يضطر الطلاب في مناطق الفصلين المغلقة الرّحيل مسافات بعيدة إلى الفصول الأقرب منهم، التي تستقبل الطلاب طوال العام".

- أساسيات منعدمة

تعد الفصول والكتاب المدرسي والكراسي والسبورات والمعلمون كلها أساسيات استمرار التعليم، إلا أن جميعها منعدمة في مدرسة البدو الرّحل ذات العنوان اللامع، والواقع المخزي؛ رغم عراقة تأسيسها، وأهمية أدائها في منطقة منعدمة الخدمات، لا توجد فيها مقومات العيش، وتهم عدد واسع من الأسر البدوية والنازحة في المنطقة.

وأوضح الحميدي أن إصرار الأطفال على تحمل الأعباء في جدية وهمة كبيرة من أجل حصولهم على التعليم واحد من دوافع إدارة المدرسة والمعلمين للاستمرار؛ رغم الصعوبات والعقبات الكبيرة التي يوجهونها".

وقال: "نحاول إيصال رسالة التعليم لهذه الفئات المهمشة من البدو الرُّحل والبدو النازحين من صحاري الجوف واللبنات، وهذه المنطقة المحرومة من الكثير من الخدمات بما فيها من قصور كبير في التعليم".

- لم يعودوا "غجرا"

وأضاف الحميدي: "إذا لم نهتم بتعليم هذه الفئة فهم يعتبرون قنبلة موقوتة، وقد يصبحون، بعد عشر سنوات، قطاع طرق ومهربين ومخربين".

وأضاف: "علينا أن نبادر إليهم بالتعليم قبل أن يلتحقوا بمن سبقوهم إلى تلك الأعمال غير السوية".

وأوضح أن "المنطقة الصحراوية، التي يمر عبرها الطريق الدولي بين اليمن والسعودية، تعد واحدة من أخطر الطرق التي يتعرَّض لها المسافرون للتقطع والقتل والنهب".

وتغيّر كثيرا اهتمام البدو الرُّحل، الذين يعروفون بالأميين والغجر، بالتعليم. يقول الحميدي إن الأباء والأسر من البدو الرُّحل باتوا يهتمون كثيرا بالتعليم، ويدفعون أبناءهم دفعا إلى التعليم.

وأضاف مستدركا: "لكن البيئة تتغلب على الطفل، وعلى الأب، وينقطع عن تعليمه لأسباب مالية، أو قبلية، أو أمنية، وغيرها".

- اهتمام وزاري

يقول نائب وزير مكتب التربية والتعليم في اليمن، علي العباب، إن مدارس البدو الرّحل في البلاد تعمل بحسب إمكانيات مكاتب التربية والتعليم في المحافظات، التي تتواجد فيها، وهي مأرب، وشبوة، وحضرموت، وغيرها".

وأضاف: "وزارة التربية تعير مدارس البدو الرّحل اهتماما كبيرا، لكن الحرب الدائرة في البلاد، وعملية النزوح الكبيرة، أنهكت قدرات مؤسسات الدولة، مما يؤثر على توفير كامل احتياجات العملية التعليمية".

وتعد مدرسة البدو الرّحل في صحراء شرق مأرب واحدة من خمس مدارس بدو رُحل في المحافظات المحاذية والقريبة من الصحاري في البلاد، إلا أن مدرسة البدو في صحراء مأرب والجوف هي المدرسة المتبقية والمحافظة على فصولها المتنقلة، ولم تتحول كبقية المدارس إلى مدارس ثابتة، وذلك بسبب عدم استقرار البدو الرُّحل في منطقة واحدة، مما ساهم في الحفاظ على عادات وتقاليد البدو الرُّحل قديما.

تقارير

الدرجات مقابل الحضور.. كيف تجبر مليشيا الحوثي طلاب جامعة صنعاء على المشاركة في مناسباتها الطائفية؟

ربما تتوقّف "منى" عن الدراسة الجامعية في أي مرحلة؛ نتيجة ظروف الأسرة المادية، التي تتدهور في بعض الأحيان، لتصل إلى عدم القدرة على توفير تكاليف المواصلات، التي تبلغ 600 ريال يوميا، ولهذا تحاول دائما الموازنة بين الحضور والغياب، إلا أن تلك الظروف لم تعفِها من حضور فعاليات جامعة صنعاء ووقفاتها الأسبوعية.

تقارير

ما مخاطر التعديلات الحوثية على قانون السلطة القضائية؟

في كل يوم يمر من عمر سيطرة مليشيا الحوثي على السلطة بالقوة، تبدي هذه المليشيا المزيد من الرغبة في التفرّد بالحكم، والتضييق على أتباعها، حتى المطيعين منهم، وتجريدهم من قدرتهم النظرية على إبداء رأي أو إحداث فعل.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.