تقارير
مركز القلب وزراعة الكلى في تعز.. قصة إنجاز طبي تتحدى الحرب
كان الستيني اليمني سلطان سعيد يمارس أعماله اليومية كالمعتاد، قبل أن يفاجأ بألم حاد في صدره. وبعد نقله إلى عيادة أحد الأطباء في ريف محافظة تعز، تبيّن أنه مصاب بجلطة قلبية حادة. وبناء على توصية الطبيب، تم إسعافه إلى مركز القلب والأوعية الدموية وزراعة الكلى بمدينة تعز، ليبدأ هناك سباق مع الزمن لإنقاذ حياته.
يقول سلطان: «كانت حالتي خطيرة، فقد أغلقت الجلطة أحد شرايين القلب، لكن الطاقم الطبي تحرك بسرعة مدهشة. بعد ساعتين فقط من وصولي، أُجريت لي قسطرة تشخيصية وتركيب دعامة خلال عشر دقائق، أنقذت حياتي».
ويضيف: «أشكر إدارة المركز والهلال الأحمر القطري وجمعية هائل سعيد أنعم على تغطية التكاليف، لأن مثل هذه العملية تكلف في الخارج نحو عشرة آلاف دولار».
يُعد مركز القلب وزراعة الكلى في تعز من أبرز المؤسسات الطبية في اليمن، إذ يقدم خدمات مجانية في تخصصات دقيقة، تشمل عمليات القلب المفتوح، وزراعة الكلى، وزراعة الكبد حديثاً، بتمويل من منظمات خيرية. ويعمل المركز بكادر طبي متخصّص، مستخدماً أحدث الأجهزة التشخيصية والجراحية.
وحتى نهاية سبتمبر الماضي، أجرى المركز 1216 عملية قلب مفتوح، و3297 عملية أوعية دموية، و2876 قسطرة قلبية، إلى جانب 130 عملية زراعة كلى، وقدم أكثر من 210 آلاف خدمة طبية متنوعة. كما يواصل إجراء عمليات نوعية معقدة مثل تبديل الصمامات القلبية وإصلاح الشرايين التاجية، بمعدل يومي يصل إلى عشر عمليات.
في يناير الماضي، نفذ المركز عملية مركبة فريدة من نوعها تضمنت جراحة قلب مفتوح وزراعة كلى لمريض واحد، باستخدام تقنية التدخل المحدود، ما اختصر زمن التعافي بشكل كبير. كما شهد يوليو افتتاح أول عيادة متخصّصة بزراعة الكبد والمسالك البولية، مجهزة بأحدث المعدات وغرف العناية المركزة.
لا يقتصر دور المركز على العلاج فقط، بل يمتد إلى الجوانب الإنسانية والتعليمية. فالمركز يقدم مساعدات غذائية وسكناً مؤقتاً للمرضى القادمين من الأرياف، بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني، لتخفيف الأعباء عن الفئات الفقيرة.
كما يضطلع المركز بدور أكاديمي عبر برامج تدريب وتأهيل للأطباء اليمنيين في مجالات القلب والأوعية الدموية وزراعة الكلى، ويستضيف خبراء دوليين لتطوير الكفاءات الطبية المحلية.
يواصل المركز تنفيذ مشاريع طبية قيد الإنشاء تشمل قسم المسالك البولية، وقاعة المحاضرات، ومشروع زراعة الكبد، فيما تتطلب مشاريع أخرى دعماً مالياً، مثل العمليات المجانية للقلب والكلى، وتوسعة العناية المركزة، وبرامج التوعية الصحية، بتكلفة تتجاوز 8 ملايين دولار سنوياً.
يقول مدير المركز البروفيسور أبو ذر الجندي إن هذه الجهود «تمثل ركيزة أمل للمرضى في مدينة تعز واليمن عموماً، وتؤكد أن الإرادة الإنسانية قادرة على إنقاذ الأرواح رغم الحرب والحصار ونقص الإمكانات».
العربي الجديد