تقارير

معهد الخليج في واشنطن: طارق صالح يبحث عن حضور له في طاولة المفاوضات

22/04/2021, 13:47:09
المصدر : معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة خاصة

بالتزامن مع الذكرى السادسة لتدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن أعلن طارق صالح، ابن شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وقائد قوات "المقاومة الوطنية"، عن تشكيل "مكتب سياسي".  

إعلان صالح، الذي أعقب تعيين مبعوث أمريكي خاص لليمن في فبراير، وضغط مكثف من إدارة الرئيس جو بايدن لإنهاء الحرب، هو محاولة للتأكد من أن وجوده في ساحة المعركة لن يؤدي إلى تجاهله على طاولة المفاوضات. 

من نواحٍ كثيرة، التحدّي الرئيسي لإنهاء الحرب في اليمن هو كيفية استيعاب عدد من الجهات الفاعلة المختلفة بأهداف سياسية متباينة على نطاق واسع. 

بدأت الحرب بشكل أساسي بين المتمردين الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية لدعم حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي في عام 2015، لكنها لم تستمر على هذا النحو. 

لقد تمزّق اليمن، وانقسم مع تشكيل جماعات سياسية جديدة، وتغيّر التحالفات القديمة، وتكاثر الجماعات المسلحة. 

بعد ست سنوات من الحرب، أصبح اليمن بعد سقوطه الكبير محطما، ومن المستحيل إعادة تجميعه مرّة أخرى. 

في عام 2015، كان طارق صالح والحوثيون يقاتلون المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والحكومة اليمنية المعترف بها من الأمم المتحدة، واليوم يقف على الجانب الآخر، ويستمد دعما ماليا وعسكريا من السعودية والإمارات لقتال الحوثيين. 

تحوّل صالح رمزا للكيفية التي خلقت بها الحرب حقائق جديدة، أكثر تعقيدا في اليمن. 

 في عام 2014، سهّل عم طارق (علي عبد الله صالح)، سيطرة الحوثيين على صنعاء كوسيلة للانتقام من حلفاء سابقين - مثل هادي وعلي محسن الأحمر - الذين انشقوا وأجبره على التنحّي عن الرئاسة. 

قبل سنوات -كرد فعل على احتجاجات "الربيع العربي" في اليمن- قرر علي صالح اتخاذ إجراءات ضد أعدائه. فأُجبر على تحالف مشترك مع العدو السابق: الحوثيين.  

خاض صالح والحوثيون ست حروب متتالية ضد بعضهم بين عامي 2004 و2010. وفي عام 2014، وضع صالح والحوثيون خلافات الماضي جانبا، وشكلوا تحالفا لحكم صنعاء وجزء كبير من المرتفعات الشمالية في اليمن. 

استمر تحالف "الحوثي - صالح" ثلاث سنوات. في ذروته، منتصف 2016م، شكّل الطرفان مجلسا سياسيا أعلى من 10 أشخاص لحكم الشمال، حيث رشّح كل من صالح والحوثيين 5 أعضاء.  

قاتل جنود الحرس الجمهوري، الذين ظلوا موالين لصالح، إلى جانب وحدات الحوثيين. 

وضع طارق صالح، الذي ظهر كقائد عسكري أساسي لعمه، استراتيجية مع نظرائه الحوثيين. 

ثم، في أواخر عام 2017، انهار التحالف بطريقة دراماتيكية. حاول علي عبد الله صالح، الذي أضعفته سنوات من عقوبات الأمم المتحدة، التحرر من الحوثيين، وتواصل علنا مع المملكة العربية السعودية. 

كان رد فعل الحوثيين قويا، حيث حاصروه في مجمّعه، وقطعوا المدينة لمنع حلفائه من القبائل من الوصول إليه. وبعد أيام قلائل من قتال الشوارع قتلوه. 

طارق صالح، الذي كان مع عمه خلال أيامه الأخيرة، تمكّن بطريقة ما من الهروب من صنعاء (لقد كان صامتا نسبيا حول كيفية نجاحه في ذلك). 

ومع ذلك، فقد تمكن الحوثيون من القبض على عفاش، والإبن الأكبر لطارق صالح، وأحد أشقائه (محمد)، وكلاهما ما زالا محتجزين مع الحوثيين. 

على مدى العامين التاليين، أعاد طارق صالح تشكيل قوة عسكرية ببطء، أطلق عليها اسم "قوات المقاومة الوطنية"، وحوّل نواته الأولية المكونة من 3000 مقاتل إلى ما يقرب من 20000 مقاتل، ويرجع الفضل في ذلك - إلى حد كبير - إلى الدعم العسكري للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. 

واليوم، يتمركز صالح ومقاتلوه في مدينة "المخا" المطلة على البحر الأحمر، حيث يتحالفون ضد مقاتلي الحوثي على طول الساحل في الحديدة. 

ومع ذلك، فإن طارق صالح ليس الفاعل الوحيد خارج سلطتي هادي والحوثيين، الذي سيحتاج المفاوضون الدوليون إلى التعامل معه، إذا كانوا يريدون بناء سلام دائم في اليمن.  

هناك أيضا المجلس الانتقالي الجنوبي ( المدعوم من الإمارات) الذي لم يكن موجودا في عام 2015، حيث شُكّل بحلول عام 2019، في عاصمة الرئيس هادي المؤقتة (عدن)، وهي المدينة التي ما زال المجلس يسيطر عليها حتى الآن. 

يدعو المجلس الانتقالي الجنوبي إلى استقلال جنوب اليمن، ويدعمه عدد من الوحدات العسكرية التابعة له، التي تم إنشاء العديد منها، وتدريبها، وتسليحها من قِبل الإمارات العربية المتحدة. 

  إن إقناع المجلس الانتقالي الجنوبي بالتخلي عن حلمه بدولة مستقلة لن يكون سهلاً، لكن تجاهل رغباته أو حرمانه من مقعد على طاولة المفاوضات أمر غير ناجح.  

يتمتع المجلس الانتقالي الجنوبي، بحكم دعمه في الجنوب، وكذلك المقاتلون التابعون له، بحق النّقض الفعّال على أي عملية سلام، ويمكنه أن يقوّض أي تسوية يشعر بأنها لا تمثل مصالحه بشكل كافٍ. 

هناك قضايا مماثلة في مأرب وشبوة وحضرموت. فهذه المحافظات، التي يُطلق عليها "مثلث القوّة" في اليمن، تشكل معظم صادرات اليمن من النفط والغاز. 

حصلت المحافظات الثلاث، أيضا، على درجة كبيرة من الاستقلال السياسي والاقتصادي على مدار الحرب، حيث يتم تحويل ما يقرب من 20 ٪ من عائدات النفط والغاز الآن إلى السلطات المحلية، بدلاً من إيداعها لدى الحكومة المركزية كما كانت من قَبل. 

ربما لا فرصة أكبر من هذه في حضرموت، التي لطالما دافعت عن حكم محلي واسع الصلاحيات. 

ست سنوات من الحرب مزّقت اليمن وقسّمت المشهد السياسي في البلاد. 

في عام 2016، كان من الممكن إجراء محادثات سلام في الكويت بين حكومة هادي والحوثيين.

مثل هذا النهج الثنائي لم يعد ممكناً. اليوم، يتعين على الوسطاء التنقل ذهابا وإيابا بين هادي والحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي، وكذلك السعوديين والإماراتيين. 

إعلان طارق صالح يوضّح أنه يريد أن يضاف إلى تلك القائمة. 

ثلاثة مبعوثين أمميين يقولون "إن بناء صفقة تُرضي جميع الأطراف المختلفة في اليمن مهمّة صعبة للغاية".

ولكن إذا لم تكن المحادثات بين طرفي الصراع في عام 2016 ممكنة في عام 2021، فلن تكون المحادثات الثلاثية أو الرباعية الأطراف لعام 2021 ممكنة في عام 2023. 

وكلما طالت الحرب في اليمن، ظهرت مجموعات أكثر، وزادت صعوبة حل الصراع.

تقارير

معادلة السلام والحرب.. عودة للمسار السياسي وخفض التصعيد في البحر

يشير الواقع إلى أن مليشيا الحوثي، التي عطلت مسار جهود الحلول الأممية، خلال السنوات الماضية، وفق تصريحات الحكومة المتكررة، لا تمانع الآن من الدخول في تسوية محدودة مع السعودية، تسد حاجتها المالية والاقتصادية، وتخفف من أزمتها الداخلية.

تقارير

صفقة سعودية حوثية.. ترتيبات متقدمة وتحذيرات من النتائج

تتسارع الخطى نحو وضع اللمسات الأخيرة على خارطة الطريق الأممية، التي تحمل في مضمونها تفاهما وتقاربا حوثيا - سعوديا، لم يكن يتوقعه أحد، لا سيما إن استعدنا شريط الذكريات للعام الذي انطلقت فيه عاصفة الحزم، وتهديد الطرفين بالقضاء على الآخر، إذ تعهد الأول بإعادة الشرعية إلى صنعاء، فيما توعد الآخر بالحج ببندقيته في مكة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.