تقارير
مقتل الشيخ حنتوس.. أجندة طائفية وجريمة حرب ضد الإنسانية
شنت ميليشيا الحوثي حملة عسكرية مكونة من عشرات الأطقم العسكرية، لمهاجمة منزل ومسجد الشيخ "صالح حنتوس" بقرية نائية من قرى محافظة ريمة، فقتلته بقصف منزله بالقذائف، ثم سلطت عليه حسابات تابعة لها على وسائل التواصل الاجتماعي لتبرير جريمة القتل.
من الناحية القانونية، تمثل هذه الجريمة جريمة حرب مكتملة الأركان، وفق القانون الدولي الإنساني، استهدفت مدنيًّا مسالمًا في منزله، واستخدمت القوة المميتة دون أي مبرر.
هذه الجريمة تفضح استمرار استراتيجية ميليشيا الحوثي في فرض سلطتها عبر العنف ومحاولة السيطرة على التعليم الديني المستقل، بما ينسجم مع سعيها لإنتاج خطاب طائفي.
ومن الناحية الاجتماعية، يأتي الاستهداف للشيخ حنتوس ضمن عملية طويلة للحوثيين لإفراغ المجتمع من عناصره المؤثرة، بهدف تفكيكه والسيطرة عليه.
- أجندة طائفية
يقول المحلل السياسي ياسين التميمي إن الشيخ صالح حنتوس اختار طريق الحرية والكرامة والصلاح، ودافع عن قيمه ورسالته بهذه الروح وبهذه الشجاعة، التي جعلت منه إنسانًا أعزل يتحمل المواجهة مع قوة غاشمة تتصرف من منطلقات طائفية، وتتخادم مع الأجندات الدولية، وتتصرف كقوة منفلتة.
وأضاف: ميليشيا الحوثي وضعت بيدها إمكانيات الدولة اليمنية في مرحلة من المراحل، وها هي اليوم تسخر كل هذه الإمكانيات لضرب هؤلاء الرجال المصلحين، الذين يخدمون المجتمع بحق، والذين يخدمون القرآن الكريم بحق، والذين يشقون مسيرة أخلاقية على طريق الصلاح والإصلاح.
وتابع: أنا في تقديري أن هذه الجريمة ليست منعزلة، وليست منفصلة، وهي جزء من نهج هذه الجماعة، التي وضعت صنعاء بين يديها بفعل المؤامرة الإقليمية والدولية والمحلية، وكان الهدف واضحًا هو أن تتمكن هذه الجماعة الطائفية من تغيير ملامح هذا المجتمع ومحاربة دينه. وأردف: حدث التقاء سيئ بين أجندة طائفية تمثلها هذه الجماعة، وبين أهداف دولية تسعى إلى تفكيك المجتمع واحتوائه، ومنع هذا المجتمع من التعبير عن قيمه ومعتقداته بالشكل الذي يليق بأي مجتمع، وبما يتفق مع العهد الدولي لحقوق الإنسان.
وزاد: ميليشيا الحوثي تصرفت بهذا الشكل الهمجي، ليس فقط في السلفية، في مواجهة هذا الشيخ صالح حنتوس، وإنما أيضًا هناك نماذج عديدة خلال هذه الفترة، في أكثر من منطقة من اليمن، والأهداف واضحة ومماثلة، وهي اختيار هؤلاء الناس المصلحين الذين قرروا خدمة القرآن الكريم.
وقال: هناك دافع يتعلق بهذه الجماعة الطائفية، وهو أن هؤلاء في الحقيقة يقومون بما يتعين القيام به لخدمة القرآن الكريم، بينما هذه الجماعة ترفع شعار المسيرة القرآنية، بينما تتصرف على العكس من ذلك تمامًا، وهو شعار زائف، حيث تتصرف ضد كل ما له علاقة بالقرآن الكريم وبالمعنى الحقيقي للقرآن الكريم، وبالآيات الكريمة التي تحث على كل فضيلة، وعلى قيم العدل والحرية والكرامة والإنصاف.
وأضاف: ميليشيا الحوثي تتصرف ضد مبادئ القرآن الكريم، وهي تعتقد أن ما يقوم به الشيخ صالح حنتوس وغيره من الشخصيات، يتعارض مع منهجها الخاص لتطويع المجتمع وتطييفه، وفرض نمط ثقافي خاص بها.
إنها في الحقيقة تشعر بعزلة على المستوى الاجتماعي، وعلى المستوى السياسي والثقافي، ولهذا تسعى بكل قوة لخلق نمطها الخاص، الذي من خلاله يمكن أن تفرض نموذجها السياسي الشمولي الطائفي.
وتابع: الدافع الثاني هو أن هذه الميليشيا تتخادم مع المجتمع الخارجي من خلال هذه الأعمال، وكلما قامت بعمل إجرامي كهذا، تصدر مواقف المجتمع الدولي، أنها على عهدها فيما يتعلق بمحاربة الإسلام والمسلمين، وكل ما له علاقة بقيام الإسلام والمسلمين، وهذه هي "المقاولة" التي رست على هذه الجماعة منذ ما قبل 2014.
- جريمة حرب
يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، أنا اطلعت على البيان الذي صدر من إدارة الأمن التابعة لمحافظة ريمة، ووجدت أن هذا البيان مرتبك في حقيقة الأمر، وهو أشبه بوثيقة دفاع عن الجريمة دون القدرة على تبريرها.
وأضاف: من يغوص في هذا البيان، سيجد هذا الإرباك واضحًا، مرة يتهمون الشيخ بأنه يقود جماعة مسلحة، ثم يقفزون مباشرة إلى أنه يتعاون مع العدوان، ثم أنه يضر بالقضية الفلسطينية.
وهم يشعرون بأنه مع كل تهمة يحاولون أن ينسبوها للشيخ، يدركون بأنها سوف تنكشف، وبالتالي يحاولون أن يضعوا كل التهم في سلة واحدة، على الأقل من أجل أن تأتي واحدة منها ليصدقها الناس.
وتابع: جماعة الحوثي أدركت أن الصورة الذهنية التي حاولت تصديرها للعالم من خلال غزة اهتزت بصورة كبيرة جدًا، خاصة لدى الوعي اليمني، واليوم الوعي الخارجي، من خلال انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، التي نقلت وصية الشيخ، ونقلت استغاثة المرأة المسنة، ذات الـ 85 عامًا، ثم عملية الحصار، وأصبحت القضية مكشوفة.
وأردف: اليوم، وأنا أتناقش مع عدد من غير اليمنيين، أصبحوا ملمين بالواقع اليمني بصورة كبيرة جدًا، هذا على مستوى الجريمة، وبالتالي جريمة بهذا الشكل، أن تخرج حملة عسكرية تتبع سلطات الأمر الواقع، لقتل مدني تحت أي مبرر، هي جريمة قتل خارج القانون، أو عملية إعدام خارج القانون.
وزاد: هذه الجريمة مجرّمة لدى المجتمع الدولي، بموجب العهد الدولي لحقوق الإنسان، وبموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهناك مقرر خاص لجرائم الإعدام خارج القانون، يتلقى الشكاوى ويحث الدول على مكافحة مثل هذه الجرائم، ووضع القوانين والتشريعات المجرّمة لها.
وقال: هذه الجريمة اعتبرتها المادة السابعة من ميثاق روما بأنها جريمة ضد الإنسانية، واعتبرتها المادتان الثامنة والتاسعة بأنها جريمة حرب مكتملة الأركان، خاصة إذا تمت على نطاق واسع.
ونحن لو رجعنا في التاريخ قليلًا، منذ سقوط العاصمة صنعاء على يد هذه الجماعة الانقلابية، سنجد أن هذا النمط من الجرائم تكرّر في أكثر من مرة، وفي أكثر من محافظة، كانت نهايتها حملات عسكرية تحاصر منازل أو قرى، ثم تقوم بإعدام الناس بدم بارد.
- جماعة إرهابية
يقول وزير الأوقاف اليمني الدكتور محمد شبيبة: نحن أمام ميليشيا طائفية وسلالية وإرهابية ومنحطة، وهذه الميليشيا بكل قذارتها وبكل طائفيتها وبكل سلاليتها وعنصريتها، استخدمت فوق ذلك القوة والإرهاب.
وأضاف: ميليشيا الحوثي هي ميليشيا طائفية، لا تفرض طائفيتها بالحجة، وبالدعوة، وبالنشر، لكنها تفرض طائفيتها بالسلاح، وبالتخويف، وبالقتل، وبتفجير البيوت والمساجد، وتمارس كل صنوف الإرهاب.
وتابع: الإرهاب مدان ومستقذر، وإرهاب ميليشيا الحوثي منحط، لأنه إرهاب يتعمد إهانة المرأة، والطفل، ومداهمة الإنسان في داره، ودخول منزله، واقتحام حرماته، وهتك عرضه، وليس غريبًا على هذه الجماعة.
وأردف: ميليشيا الحوثي هي جماعة ليست منا ولا إلينا، ولا تنتمي إلى تربتنا ولا إلى هويتنا، وبالتالي فهي حاقدة علينا كيمنيين، حاقدة على هويتنا، حاقدة على أصلنا، ولذلك تقتلنا وتتشفى بقتلنا لأنها حاقدة.
وزاد: أنا كيمني أقول، إن هذه الميليشيا تعنينا نحن اليمنيين، فهي تصب كوارثها وإجرامها وإرهابها علينا، نحن المعنيين بالدرجة الأولى في مقاومة هذه الميليشيا، من أجل وجودنا، من أجل كرامتنا، من أجل هويتنا، من أجل حياتنا.
أما العالم فسيقف متفرجًا، ويتماهى مع هذه الميليشيا، ويستخدمها كورقة، فالأمر لا يعنيه، ويمسنا ويعنينا نحن كيمنيين.