تقارير
ملف جرحى الجيش.. أشهر من الانتظار ووعود بلا تنفيذ
يواصل جرحى الجيش في محافظة مأرب منذ أيام اعتصامهم تحت أشعة الشمس الحارقة وبرد الليل القارس، على أمل الاستجابة لمطالبهم، فيما بدأ الجرحى في تعز اعتصاماً مماثلاً، في مشهد ينبئ بتوسع رقعة الاحتجاجات التي قد تمتد إلى محافظات ومناطق عسكرية أخرى ما لم يتم إيجاد حل عاجل لهذه القضية.
وفي هذا السياق، حاولت رئاسة الأركان احتواء الاحتجاجات عبر مقترحات محدودة شملت صرف راتبين وتسفير عدد محدود من الجرحى المحتاجين للعلاج في الخارج، غير أن هذه المقترحات لم تلامس الحد الأدنى من مطالب المعتصمين، في مؤشر يعكس خللاً واضحاً في إدارة الدولة لملفات الحرب ونتائجها.
الجرحى الذين أسهموا في الحفاظ على ما تبقى للحكومة الشرعية من مناطق للعودة إليها، وجدوا أنفسهم أمام مؤسسات تعمل بلا مركز قرار واضح، وتعالج الأزمات بحلول مجزأة لا تمس جذور المشكلة.
- مناشدات لإيجاد حلول حقيقية
يقول عضو الرابطة الوطنية للجرحى والمعاقين في مأرب، عنان البيل، إن رئاسة هيئة الأركان وعدت خلال اللقاءات الأخيرة بصرف راتبين وتسفير بعض الحالات، وقد وصل مبلغ بقيمة 400 ألف دولار وبدأ العمل على تسفير بعض الجرحى، لكنهم فوجئوا بصرف راتب واحد فقط يوم أمس.
وأضاف أن الجرحى “غاضبون وغير راضين”، إذ مرّ عليهم أكثر من خمسة أشهر بلا رواتب، وحتى الراتب الذي صُرف “لم يعد يساوي شيئاً”. وأوضح أن من أبرز مطالبهم مساواتهم ببقية التشكيلات العسكرية من حيث المرتبات، وهو ما أكدت رئاسة الأركان أنه خارج صلاحياتها، وأنه سيُرفع للمجلس الرئاسي والتحالف.
وأشار البيل إلى وجود وعود متعلقة بالترقيات والرتب، مؤكداً أنها جاهزة إدارياً، لكن الجرحى يريدون “حلاً جذرياً، لا مسكنات مؤقتة”، داعياً المجلس الرئاسي والحكومة إلى اعتماد ميزانية أو صندوق خاص لتسفير الحالات المستحقة بشكل مستمر دون العودة إلى المعاناة ذاتها.
- وعود على الورق
من جانبه، يقول عضو الرابطة الوطنية للجرحى والمعاقين، محمد قمر، إن وضع جرحى تعز لا يختلف عن جرحى مأرب أو الضالع أو عدن المنضوين في إطار المنطقة العسكرية الرابعة، حيث يعاني الجميع من ستة أشهر بدون مرتبات ومن غياب كامل للحقوق.
وطالب مجلس القيادة الرئاسي بالوفاء بالتزاماته تجاه الجرحى وأسر الشهداء، عبر صرف المرتبات والحقوق واعتماد موازنة ثابتة للعلاج، أو الإسراع في تشكيل الهيئة الوطنية لعلاج الجرحى. واستذكر أن رئيس مجلس القيادة أعلن في مايو 2022 تشكيل هيئة لأسر الشهداء والجرحى، ثم صدرت توجيهات بإنشاء صندوق خاص، “لكن شيئاً من ذلك لم يُنفذ حتى الآن”.
وأكد قمر أنه لا توجد أي جهة رسمية التقت بالمعتصمين منذ بدء الاعتصام، باستثناء زيارة من السلطة المحلية التي طلبت نقل الاعتصام من أمام مبنى الجوازات مقابل إعادة المبلغ المخصص لعلاج الجرحى بالخارج، مشيراً إلى استمرار الاعتصام أمام مبنى السلطة المحلية.
وأضاف أن وزير الدفاع محسن الداعري زار تعز في سبتمبر الماضي والتقى الجرحى، ووعد بصرف حقوقهم واعتماد ترقياتهم مالياً وإدارياً، “لكن حتى اليوم لا تزال الوعود مجرد حبر على ورق”.
وأكد أن مطالب الجرحى “واضحة وليست مستحيلة”، وتتمثل في تحمل القيادة السياسية والعسكرية مسؤولياتها الكاملة تجاه جرحى وشهداء المعركة ضد مليشيا الحوثي.
وأشار إلى أن معاناة الجرحى تشمل تعز ومأرب والضالع وعدن، حيث يتواصل معهم مئات الجرحى من عدن الذين يقولون إن “لا سقف لديهم للمطالبة بحقوقهم”، وإن الدعم يُمنح فقط لمن ينتمون للمجلس الانتقالي أو لعضو مجلس القيادة أبو زرعة المحرمي أو لطارق صالح، حيث يتم رفدهم بمبالغ بالدرهم الإماراتي.