تقارير

مواقع التواصل الاجتماعي.. كيف تحوّلت إلى حلبة صراع ونشر للكراهية؟

09/05/2024, 10:13:01
المصدر : خاص - بشرى الحميدي

في عصرنا الرقمي، باتت مواقع التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، تُشكل مساحةً للتواصل والتعبير، وتُتيح فرصاً للتبادل الثقافي والتعلم، لكن تحوَّل هذا الفضاء الافتراضي إلى ساحة للصراع، حيث تُنشر الكراهية والأحقاد، وتُهدد القيم والأخلاق، وتُشكل خطراً على الأمن والاستقرار.

وقد شهدت السنوات الماضية، ازديادًا ملحوظًا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر العنف والتحريض على الكراهية، وتنوَّعت أشكال هذا العنف، من نشر الصور ومقاطع الفيديو، إلى التهديدات والشتائم، وصولًا إلى التحريض على أعمال العنف الجسدي.

أثار هذا التحول قلق الخبراء والمختصين الذين حذَّروا من مخاطر هذه الظاهرة، ودعوا إلى اتخاذ إجراءات جادة لمكافحتها.

- حلبة صراع ونشر الكراهية

وقد حذّر الخبير الإعلامي البروفيسور العيد زغلامي (من جامعة الجزائر 3، كلية الإعلام والاتصال)، من تحوّل مواقع التواصل الاجتماعي إلى حلبة للصراع، تُنشر فيها الكراهية والأحقاد، وتُهدد القيم والأخلاق.

وأوضح البروفيسور زغلامي، في تصريح لموقع "بلقيس "، أن انتشار الشبكة العنكبوتية على نطاق واسع أدى إلى تحول مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام الاجتماعية، إلى أدوات تواصل أساسية يستخدمها أكثر من 60% من سكان العالم.

وأشار إلى أن غياب الرقابة على هذه المواقع، وتعددها وتعقّدها، يُشكل تحدياً كبيراً، حيث تُتيح المجال لنشر المحتوى السلبي دون قيود.

وأضاف أن بعض هذه المواقع تحوّلت إلى أدوات لنشر الكراهية والأحقاد، والعداء بين الشعوب، مما يُهدد الأمن والاستقرار على المستوى الدولي.

وأكد البروفيسور زغلامي أن بعض المضامين على هذه المواقع تُهدد القيم والأخلاق، وتُساهم في تشويه سُمعة الأفراد والمجتمعات.

ودعا زغلامي إلى ضرورة تعاون دولي لتنظيم محتوى مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديد المسؤولية عن نشر المحتوى السلبي، كما شدد على أهمية دور المجتمع المدني في نشر المحتوى الإيجابي ومكافحة التطرف والتحريض على الكراهية.

وأكد البروفيسور زغلامي على مسؤولية الحكومات في توعية المواطنين بمخاطر مواقع التواصل الاجتماعي، وتفعيل القوانين لمكافحة المحتوى السلبي.

- تضليل ونشر الأحقاد

وفي عالم غارق بالمعلومات، أصبح من الصعب تمييز الحقائق من الأكاذيب فيه، يحذّر فهمي الباحث (مدافع عن الحقوق الرقمية) من تحوّل بعض مواقع التواصل الاجتماعي إلى أدوات تضليل ونشر الأحقاد، مشيراً إلى عوامل متعددة تساهم في هذه الظاهرة.

حيث يقول الباحث: "لقد خلقت وسائل التواصل الاجتماعي مساحة مفتوحة للجميع دون استثناء، وهذا الانفتاح، بينما يتيح حرية التعبير، يشكل تحدياً كبيراً في نفس الوقت، حيث يُصبح من السهل نشر الأخبار الكاذبة والمغلوطة وخطاب الكراهية"

ويرى الباحث أن هذه الإشكالية عالمية، ورغم الجهود المبذولة لمكافحة هكذا محتوى من قِبل المنصات نفسها، إلا أنه لا يوجد حل نهائي".

ويضيف الباحث: "أثيرت الكثير من التساؤلات حول تركيز هذه المواقع على الأرباح المالية بغض النظر عن الأضرار التي يمكن أن تلحق بالمستخدمين، أدى ذلك إلى الضغط على المنصات لتعديل سياساتها، وتوفير موارد وجهود أكثر لمحاربة المحتوى الضار، ولكن بسبب التنوع الثقافي واللغوي، أحياناً يكون من الصعوبة بمكان اكتشاف هذا المحتوى."

ويرى الباحث أن نموذج الأعمال القائم على الربح سيشكل تحدياً لمستقبل مواقع التواصل الاجتماعي.. فيقول: "تركيز المنصات على الربح المادي سيجعلها تبذل كل ما يمكنها لزيادة عدد المستخدمين، والحرص على نشاطهم الدائم".

ومن وجهة نظر الباحث، فإن "مواقع التواصل مستمرة في الانتشار، وقد أصبحت من المواقع الأكثر زيارة عالمياً، وهي بالتأكيد تقوم بخطوات بطيئة استجابة للضغوطات المجتمعية، ولكنها لم تصل إلى المستوى المنشود".

وعن كيفية تشجيع نشر المحتوى الإيجابي، وبناء ثقافة رقمية أكثر مسؤولية، يُشير الباحث: "من خلال التوعية وتشجيع كل المنصات والحسابات، التي تقوم بنشر محتوى مفيد وإيجابي، أو حتى ترفيهي هادف".

ويقول الباحث: "التفاعل مع المحتوى المُضلل أو الهابط أكثر من المحتوى المفيد، وهذه مسؤولية تقع على عاتق المستخدمين أنفسهم، لكن سيبقى التنافس والصراع بين أنواع المحتوى محتدما، وعلى حسب ثقافة الجمهور ووعيه ستُحدد النتائج".

وفي ختام تصريحه، يُشدد الباحث على ضرورة تضافر الجهود من قِبل المنصات والحكومات والمجتمعات لمعالجة ظاهرة التضليل، ونشر الأحقاد على مواقع التواصل الاجتماعي، وخلق بيئة رقمية أكثر أماناً وإيجابية.

تواجه مواقع التواصل الاجتماعي تحديات هائلة في مواجهة انتشار المحتوى المضلل، مما شَكل عبئاً كبيراً على هذه المنصات، والحكومات، والمجتمع المدني.

- انتشار المحتوى المُضلل

من جانبه، حذَّر شحاتة السيد (الرئيس التنفيذي لمجموعة "OSH" للتكنولوجيا وصناعات الذكاء الاصطناعي) من التحدّيات التي تواجهها مواقع التواصل الاجتماعي في ظل ازدياد انتشار المحتوى المُضلل، والأكاذيب على منصاتها، مؤكداً على دور الخوارزميات الحاسم في هذه الظاهرة.

يقول السيد: "تلعب الخوارزميات دوراً حاسماً في انتشار المحتوى على الإنترنت، حيث تستخدم لتحديد العروض والإعلانات، التي يتم عرضها للمستخدمين، بناءً على تفضيلاتهم وسلوكهم السابق على المنصات الرقمية، بينما تُساهم هذه الخوارزميات في تحسين تجربة المستخدم، وتقديم محتوى مُلائم، إلا أنها تثير قلقاً متزايداً حول إمكانية استخدامها لنشر معلومات مضللة أو محتوى سلبي".

يضيف السيد: "قد يؤثر سعي الربح سلباً على سياسات محتوى هذه المواقع، حيث قد تتجه بعضها نحو عرض محتوى جذاب لزيادة الإيرادات دون النظر إلى دقة المعلومات أو تأثيرها السلبي، على سبيل المثال قد تُعرض محتوى مضللًا يثير ردود فعل عاطفية قوية، مما يؤدي إلى زيادة التفاعل والإعلانات، دون مراعاة العواقب الوخيمة على المجتمع".

يقول: "تساهم بعض الجهات في نشر الأكاذيب والمعلومات المُضللة بشكل متعمد على مواقع التواصل، وذلك قد يؤدي إلى تشويه الحقائق، وتأثير سلبي على الرأي العام".

ويضيف: "تستخدم هذه المعلومات المضللة أحياناً لأغراض سياسية، أو اقتصادية، مما يُشكل خطراً كبيراً على استقرار المجتمعات".

يُشير السيد إلى أنه "قد يؤدي انتشار المحتوى التافه، والأحقاد على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى زيادة التوتر والانقسامات في المجتمع، ويعزز السلوكيات السلبية، ويقلل من مستوى التواصل الإيجابي بين الأفراد.

- الصحة النفسية

في عالم يزداد فيه تدفق المعلومات بشكل هائل، يحذّر وليد التميمي (مدير وحدة الدراسات والبحوث الإعلامية في مؤسسة الصحافة الإنسانية -عدن) من التأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للمستخدمين في البلدان التي تعاني من ويلات الحرب والتخلف والجهل.

يقول التميمي: "في ظل الأزمات، التي تعاني منها بعض البلدان، يصبح من الطبيعي أن يسود المحتوى الهابط، والمعلومات المضللة، والأخبار الكاذبة مواقع التواصل الاجتماعي".

ويضيف: "وهذا المحتوى السلبي يشكل خطراً كبيراً على الصحة النفسية للمتلقّي، حيث يُفقده الأمل في المستقبل، ويجعله يشكُّ في كل ما يقرأه أو يسمعه".

يتابع: "يتحوّل المستخدم في هذه الحالة إلى كائن ينتمي إلى عالم ما بعد الحقيقة، تتحكم به غرائزه العاطفية، ومعتقداته الدينية الخاطئة، كما يُصبح مدمناً على تقبل الشائعات المنسجمة مع ميوله المناطقية، والجهوية والسياسية، مما يؤدي إلى انغلاقه على ذاته، وازدياد عدوانيّته تجاه من يخالفه الرأي".

ويؤكد التميمي على أن "هذه الظاهرة تساهم في نشر خطاب الكراهية والتمييز، حيث يرى المستخدم أن هكذا سلوك هو ردة فعل شرعية للدفاع عن نفسه، ومجتمعه، ويعتقد أن بقاءه مرهون بتقمص دور الجلاد، بعد أن كان يدَّعي بأنه ضحية".

تؤكد تصريحات الخبراء على أن تحوّل مواقع التواصل الاجتماعي إلى أدوات لنشر العنف ظاهرة مقلقة تتطلب تضافر الجهود من قِبل جميع الفاعلين في المجتمع، بما في ذلك الحكومات والمجتمع المدني، والمنصات الرقمية والأفراد.

تقارير

كيف حوّل الحوثيون رسوم الكليات الطبية إلى مصدر للجبايات؟

في إطار سعيها المستمر لجباية المزيد من الأموال بطرقٍ غير مشروعة، ضاعفت مليشيا الحوثي من إجراءاتها الاستغلالية لطلاب الكليات الطبية في جامعة صنعاء، وحولت كل أنظمة الدراسة المعمول بها إلى مجال للتربح والمتاجرة، وأحد مصادر التمويل لحروبها العبثية ضد اليمنيين.

تقارير

أزمة سيولة وتدهور الريال.. ما مستقبل القطاع المصرفي في اليمن؟

انتكاسة جديدة يعيشها الريال اليمني، وسط عجز الحكومة عند تداركها، فيما المواطن يدفع ثمن حروب كثيرة، على رأسها الاقتصاد، إذ سجل الريال اليمني، في آخر التداولات، انهيارا أمام الدولار، متجاوزا حاجز 1700 ريال مقابل الدولار الواحد، وهي أدنى قيمة له منذ أكثر من عامين.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.