تقارير

نادي الخريجين.. وسيلة مليشيا الحوثي الجديدة لاغتيال الفرح وعداء الأجيال

06/10/2022, 07:34:39
المصدر : قناة بلقيس - عبد السلام قائد - خاص
شكلت مليشيا الحوثيين مؤخرا ما سمته "نادي الخريجين" ليكون وسيلة ضمن وسائل كثيرة ممنهجة سبق أن اتخذتها المليشيا تباعا لقمع المجتمع وقهره، وتحديدا فئة الطلاب، واتخذت من شعار "الفضيلة" لافتة للتغطية على إجراءاتها الاستبدادية لجعل المجتمع في حالة قهر وذل وخضوع دائم لسلطتها الكهنوتية، ولقطع الطريق على كل ما تعتقد المليشيا أنه قد يهدد سلطتها مستقبلا، وهناك إجراءات كثيرة لا تهتم وسائل الإعلام بتسليط الضوء عليها، وكان الطلاب أكثر الفئات استهدافا بالقمع والتضييق، لدرجة أن هناك إجراءات تُتخذ بحقهم من دون أن يكون لها مردود معين، ولا تعكس سوى مبالغة المليشيا في القمع والاستبداد وإرهاب المواطنين.
 
يدرك الجميع أن مليشيا الحوثيين بلا مرجعية أخلاقية تبرر سلوكها القمعي باسم الأخلاق، وأيضا من الصعب تبرير سلوكها القمعي لإرهاب المجتمع بأنه يعكس عقيدة دينية مذهبية متطرفة، لأن قيادات وأتباع تلك المليشيا معروفون بالتفلت الديني والأخلاقي، وهو ما تعكسه تصرفاتهم اليومية في مناطق سيطرتهم وفي بعض الجبهات المحاذية لأحياء سكنية يتعرض قاطنوها للقنص والهجمات العشوائية التي تسفر عن قتل وجرح البعض منهم من مختلف الفئات وخصوصا الأطفال والنساء.
 
- المشوار الطويل لقمع الطلاب
 
بدأت مليشيا الحوثيين بالتضييق على المواطنين في مناطق سيطرتها والتدخل في خصوصياتهم وحرياتهم الشخصية منذ انقلابها على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014، وتتناول وسائل الإعلام المحلية -من حين لآخر- أخبارا غير مألوفة لدى المجتمع اليمني، مثل الاعتداء بشكل هستيري على شبان بسبب ملابسهم أو بسبب طريقة حلاقة شعر رؤسهم، وعممت على صوالين الحلاقة تعليمات بشأن طريقة الحلاقة التي عليهم التقيد بها.
 
ولاحقا أقدمت قيادات في المليشيا على إغلاق مطاعم في صنعاء بذريعة الاختلاط ووجود عاملات فيها، وأحرقت أربطة خصور في محال لبيع الملابس النسائية، وحلقت شعر شبان بشكل مشوه بذريعة مشيهم بالقرب من مدارس للبنات، كما اختطفت بعض العرسان وأودعتهم السجون بسبب الأغاني ولم تفرج عنهم إلا بفدى مالية، وأيضا اختطفت فنانين من صالات حفلات زفاف بذريعة أن الغناء حرام، وهكذا حشرت المليشيا نفسها في تحديد حتى شكل اللباس وقصة الشعر وطريقة حفلات الزفاف والتخرج من الجامعات وغير ذلك.
 
وبما أن مثل تلك الحوادث قوبلت من البداية بسخط شعبي واسع، فقد خففت المليشيا الحوثية من اندفاعتها لقمع المجتمع واتخذت خطوات تدريجية لتفرض على المواطنين نمط الحياة الذي تريده، وكانت البداية من السيطرة على الجامعات والمدارس والمساجد ووسائل الإعلام، وحولت كل ذلك إلى وسائل للدعاية الحربية وإعادة تشكيل ثقافة المجتمع وهويته بما يتناسب مع خدمة السياق العام لمشروعها السياسي السلطوي الكهنوتي، وقد مكنتها السيطرة على مؤسسات التعليم العام والجامعي من التدمير الممنهج للتعليم من خلال نهب رواتب المعلمين والمعلمات والتضييق عليهم، وعدم طباعة الكتاب المدرسي باستثناء المواد التي غيرت فيها دروسا كثيرة تخدم مشروعها السياسي الطائفي والسلالي.
 
على الجانب الآخر، كان هناك توجه ملحوظ من قِبَل كثير من المواطنين في مناطق سيطرة المليشيا لتعليم أبنائهم كرد فعل على التدمير الممنهج للتعليم، وخصوصا في الأرياف والمناطق التي لا توجد فيها حاضنة اجتماعية أو طائفية للحوثيين، وظهرت مبادرات مجتمعية لدفع رواتب المعلمين مقابل استمرارهم في التدريس، بينما الموسرون من سكان المدن دفعوا بأبنائهم للدراسة في المدارس الأهلية، فازدهرت المدارس الأهلية، وظهرت بالتوازي مع ذلك حفلات التخرج كإحدى وسائل التشجيع وتحفيز الطلاب لمواصلة الدراسة، وتنامى نشاط الصالات المخصصة للحفلات وازداد عددها، وصارت حفلات التخرج لا تقتصر على خريجي الجامعات، ولكن بعض المدارس تنظم أيضا حفلات بمناسبة نهاية العام الدراسي لجميع الصفوف الدراسية.
 
لم تقف مليشيا الحوثيين موقف المتفرج من تلك التحولات التي تعكس رفضا شعبيا لإجراءاتها التدميرية للتعليم الذي تعده السم الزعاف الذي يهدد ظلامية مشروعها الإمامي الكهنوتي ويكشف زيفه، فعمدت إلى فرض مناهجها الطائفية على جميع المدارس الحكومية والأهلية، وأنشأت مدارس أهلية منافسة بنكهة طائفية، كما فرضت مقررات طائفية كمتطلبات جامعية على طلاب الجامعات في مختلف الأقسام والتخصصات بما فيها التخصصات العلمية، وفرضت على الجامعات والمدارس الأهلية إتاوات جائرة لدفعها إلى حافة الإفلاس، كما أجبرتها على تنظيم فعاليات طائفية، والهدف من كل ذلك هو ملاحقة الطلاب الذين حولهم أولياء أمورهم من المدارس الحكومية إلى المدارس الأهلية هربا من تسميم عقولهم بالأفكار الطائفية، مما دفع كثيرا منهم للإحجام عن تعليم أبنائهم.
 
ورغم كل ذلك، ما زالت المدارس والجامعات تعج بالطلاب والطالبات، ولم تفلح محاولات مليشيا الحوثيين لجعل جميع الطلاب وقودا لمعاركها العبثية، كما لم تفلح وسائلها لدفع الطلاب للإحجام عن مواصلة التعليم، مثل رفع رسوم الالتحاق بالجامعات الحكومية ورسوم ما يسمى "التعليم الموازي"، وإنهاك الطلاب برسوم إضافية بذريعة رسوم أنشطة، ثم تكون المفاجآت الصادمة للمليشيا أنه رغم حشر توجهاتها الطائفية والسياسية في مختلف مراحل التعليم، إلا أن حفلات التخرج يغلب عليها الأسلوب المقاوم للمليشيا الحوثية بطريقة غير مباشرة، وهذا الأسلوب امتد أيضا إلى حفلات الأعراس التي تُفتتح بالنشيد الوطني ويُرفع فيها علم اليمن، وتفاعُل الحاضرين مع تلك الأجواء بطريقة لا تطيقها مليشيا الحوثيين، وأصبحت الكثير من حفلات التخرج بمنزلة احتجاج غير مباشر على سلطة الحوثيين الكهنوتية.
 
- إجراءات قمعية لا تنتهي
 
من الصعب حصر جميع انتهاكات مليشيا الحوثيين بحق الطلاب والطالبات في جميع المراحل الدراسية منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى قبل ثماني سنوات، والتي كان من أبرزها اختطاف بعض الطلاب وإجبارهم على القتال إلى جانب المليشيا، والاعتداء على بعض الطلاب والطالبات بذريعة الاختلاط أو الحديث مع بعض، لكن ينبغي الإشارة إلى أغرب تلك الانتهاكات والتي تكشف أن المليشيا تتعامل مع الطلاب وكأنهم من المطلوبين أمنيا وأصحاب سوابق يجب إخضاعهم للرقابة الدائمة، وهي انتهاكات تشمل جميع المواطنين وليس الطلاب فقط، وتعكس القبضة الأمنية الحديدية للمليشيا بشكل مبالغ فيه، لكنها بارزة أكثر فيما يتعلق بالطلاب.
 
فمثلا، وزعت المليشيا الحوثية مندوبين من أجهزتها الأمنية على جميع معاهد اللغة الإنجليزية والحاسوب والجامعات الحكومية والأهلية، يراقبون الطلاب والطالبات، وإذا تحدث طالب مع طالبة يذهبون إليهما ويسألونهما عن نوع العلاقة بينهما ويمنعونهما من مواصلة الحديث، كما وزعت المليشيا مندوبين من جهاز الأمن السياسي التابع لها على جميع معاهد اللغة الإنجليزية الكبيرة والمتقدمة والجامعات الأهلية والحكومية، وهؤلاء المندوبون يرتدون ملابس مدنية، ويتجولون بين الطلاب والطالبات ويتلصصون على أحاديثهم الخاصة، ويتفحصون وجوه بعض الطلاب بتركيز شديد.
 
يضاف إلى ذلك أن المليشيا تطلب من القائمين على الجامعات الحكومية والأهلية ومعاهد اللغة الإنجليزية والحاسوب ومدارس البنين والبنات الحكومية والأهلية، تزويدها بكشوفات تشمل جميع بيانات الطلاب والطالبات، مثل: الاسم كاملا مع اللقب العائلي، ومكان وتاريخ الميلاد، وعنوان السكن، ورقم الهاتف. وإذا كان الطالب أو الطالبة لا يمتلك هاتفا فإنهم يطالبون برقم هاتف ولي أمره وصورة بطاقته الشخصية، بل فحتى طالبات محو الأمية، وهن نساء كبار في السن أو شابات حرمن من التعليم في طفولتهن، يطلبون منهن بياناتهن كاملة: الاسم الرباعي مع اللقب العائلي، ومكان وتاريخ الميلاد، وعنوان السكن، ورقم الهاتف، وصورة البطاقة الشخصية، وإذا لم يكن لدى الطالبة بطاقة شخصية يطلبون منها صورة بطاقة زوجها أو ولي أمرها ورقم هاتفه. 
 
وبالنسبة لمعاهد اللغة الإنجليزية، خصوصا الكبيرة منها والمزدحمة بالطلاب والطالبات، يطلب الحوثيون من القائمين عليها تزويدهم بجميع بيانات الطلاب والطالبات شهريا، أي مع بداية كل دورة دراسية تستمر لمدة شهر، لأنه في كل شهر يلتحق طلاب جدد بتلك المعاهد ويتوقف آخرون عن الدراسة أو ينتقلون إلى معاهد أخرى. والبيانات المطلوبة: الاسم كاملا مع اللقب العائلي، ومكان وتاريخ الميلاد، وعنوان السكن، ورقم الهاتف، وصورة البطاقة الشخصية أو صورة رقم الجلوس أو أي وثيقة إذا لم يكن لدى الطالب أو الطالبة بطاقة شخصية.
 
وأخيرا، يبقى التفسير الوحيد للسلوك القمعي للمليشيا الحوثية ضد الطلاب والمؤسسات التعليمية بأنه يعكس مخاوف أمنية وسياسية أكثر من أي اعتبار آخر، فالطلاب يمثلون الفئة الحيوية في أي مجتمع، وهم من يقودون عملية التنوير في مجتمعاتهم، وتختزن الذاكرة الجمعية لليمنيين أدوارا وطنية عظيمة للطلاب في محطات التحول المهمة التي شهدتها البلاد.
 
فالطلاب اليمنيون في الخارج (مصر تحديدا) كانوا أول فئة نظمت مظاهرات ضد الإمامة الكهنوتية قبل اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962، وكانوا هم العمود الصلب للثورة السبتمبرية بعد عودتهم إلى البلاد، وكان طلاب الجامعات هم من أشعلوا ثورة 11 فبراير 2011، والآن أصبحت حفلات التخرج من الجامعات تمثل إحدى وسائل المقاومة المجتمعية والتعبير عن الرفض الشعبي للمليشيا من خلال الأناشيد الوطنية ورفع علم البلاد وإعلاء قيمة العلم، وهي رسائل تفهمها مليشيا الحوثيين جيدا، وبسببها يزداد عداؤها الهستيري للطلاب وللمؤسسات التعليمية.
تقارير

الكاتب والصحفي الراحل محمد المساح.. استوقف الزمان وغادره بصمت

الكاتب والصحفي اليمني محمد المسّاح، صاحب عمود "لحظة يا زمن"، الذي أطل به على قرائه من على صحيفة "الثورة" الرسمية، لسنوات طويلة؛ يودع الحياة ويترك خلفه إرثا ثقافيا ومعرفيا ملهما للأجيال الصحفية والأدبية، التي جاءت من بعده.

تقارير

وعود برحلات وهدايا وسلال غذائية.. هكذا تستقطب مليشيا الحوثي الطلاب لتجنيدهم في مراكزها الصيفية

دشّنت مليشيا الحوثي معسكراتها الصيفية لطلبة المدارس في مناطق سيطرتها، بعد إنهائها العام الدراسي مبكراً وتنفيذ حملات ترويجية، تضمنت وعوداً بجوائز وسلال غذائية، وسط الاهتمام الشديد من زعيم المليشيا بهذه المعسكرات، وتحذير الحكومة من خطرها.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.