تقارير
هل ستنهي التفاهمات السعودية - الحوثية الحرب في اليمن؟
التزمت كل من مليشيا الحوثي والرياض بالهدنة السابقة بينهما، فيما لم تلتزم المليشيا بمتطلبات الهدنة تجاه اليمنيين، وهي الآن ـ على ما يبدو - مستعدة للذهاب بعيدا في تقديم التنازلات للسعودية، أو بشكل أدق سيقدم الطرفان تنازلات لبعضهما البعض، في حين ترفض المليشيا تقديم أي تنازل لليمنيين من أجل إنهاء الحرب وإحلال السلام.
وفي حين يقدم الحوثيون تفاهماتهم مع السعودية على أنها نصر كبير لهم، تقول التقارير إن المليشيا التزمت بأمن الحدود السعودية مقابل قبول الرياض سيطرتهم على المناطق التي يسيطرون عليها.
يقول البعض إن مثل هذه التفاهمات يمكن أن تشكَل بداية لتوقف الحرب، إلا أن المؤشرات تؤكد عكس ذلك، فأسباب الحرب لا تزال قائمة، حيث إن جماعة الحوثي ذاتها ـ بالنسبة لليمنيين ـ هي المشكلة، بوجود السعودية أو بعدم وجودها، كما أن الحوثيين لا يريدون من وراء هذه التفاهمات سوى إطلاق يدهم في حربهم ضد اليمنيين.
ـ الخروج من الحرب والحصار
يقول الصحفي طالب الحسني ـ ردا على سؤال هي يعني خروج السعودية من الحرب اليمنية بتفاهمات مع مليشيا الحوثي نهاية الحرب ـ "سيكون ذلك خطوة، لأنه لا بد أن يحصل إخراج اليمن من حالتي الحرب والحصار".
وأضاف أنه "من ضمن حالة الحرب وجود السعودية والإمارات في المحافظات الجنوبية ـ وهو مطروح على طاولة المفاوضات ـ يجب أن يكون هناك انسحاب لهذه القوات"، مشيرا إلى أنه "سيبقى شرط آخر ثالث وهو توقيع اتفاق سلام بين السعودية والجمهورية اليمنية (مليشيا الحوثي)".
وتابع: "إن كان هناك قناعات قد ترسخت لدى دول التحالف أن تغادر الحرب وترفع الحصار، فيمكن أن يكون هناك متغيرات كثيرة، ولربما من المؤشرات هو الرغبة في تمديد الهدنة"، مؤكدا أنها "حاجة سعودية ورغبة أمريكية، وانتصار بالنسبة لليمن (مليشيا الحوثي)، لأنها جزء من كسر الحصار"، حسب رأيه.
ـ شروط جديدة
وأوضح أنه "يجب أن تكون هناك شروط جديدة، خاصة في ظل الحديث عن تجديد الهدنة، ومنها فتح مطار صنعاء الدولي، وفتح موانئ الحديدة بشكل كامل"، مؤكدا أن "اليمن (مليشيا الحوثي) الآن ينحت في الورقة المتبقية لدى التحالف وهي الحصار".
ويرى أن "هذه الحاجة، وهذه الرغبة، وهذه الشروط هي في مسار صحيح بالنسبة للجمهورية اليمنية (مليشيا الحوثي)، وهي في مسار كان يجب أن تكون من وقت مبكر، بالنسبة للسعودية وبالنسبة لدول التحالف، وللولايات المتحدة وبريطانيا وكل الذين هم جزء أساسي ورئيسي من حالة الحصار وحالة الحرب".
وتابع أن "المفاوضات التي يجب أن تشعر السعودية ودول بأنها خرجت من الحرب، هو العودة إلى ما قبل مارس 2015، وبالتالي الأطراف المحلية ستكون موجودة، وسنرى ماذا بعد 2015".
واعتقد أنه "سيكون هناك نوع من المصالحة الوطنية والمفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة، يجب أن يبدأ بعد إخراج التحالف من التدخل العسكري والحصار على اليمن".
وبرر تفاوض مليشيا الحوثي وتفاهماتها مع السعودية بالقول: "هناك حروب تحصل وتنتهي بمفاوضات واتفاقات سياسية وطاولة واحدة، وحتى في المستقبل علاقات جيدة".
ـ تداعيات مستقبلية
ويرى الحسني أنه حتى في حالة اتفاق مليشيا الحوثي مع السعودية "ستكون هناك تداعيات مستقبلية، وهناك ثأر تاريخي سيبقى بكل تأكيد"، مؤكدا أنه "لا أحد سينسى ما فعلته السعودية في اليمن، ولا ما فعلته الولايات المتحدة في اليمن"، حسب اعتقاده.
واستغرب من الحديث عن عودة الدولة، متسائلا "من هي الدولة التي يجب أن تعود؟ هل هي الدولة التي تركَبت بعد 2012، أم العليمي ومجموعته، أم الانتقالي؟".
واستبعد أن يكون هناك حل سياسي ـ حتى ما بعد خروج اليمن من الحرب والعودة إلى ما قبل 2015 ـ واتفاق سياسي مع بعض هذه الأطراف (اليمنية الداخلية).
ـ ليست الجمهورية اليمنية
بدوره، يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء، عبد الباقي شمسان "إن الحرب لن تنتهي، لأن المليشيا الحوثية ليست الجمهورية اليمنية، وهذا لا بُد من توضيحه".
وأكد أن "أي توافقات تتم بين السعودية ومليشيا الحوثي أمر لا يخص الشعب اليمني"، مشيرا إلى أن "الحوثيين عندما يذهبون في حوار مع السعودية فقط هو لإيقاف جبهة تكتيكيا؛ لأنهم يريدون التفرغ لاكتمال مشروعهم في الداخل، ومن ثمَ سيعودون إلى المملكة العربية السعودية وفقا للإستراتيجية الإيرانية"، ملفتا إلى "أننا أمام معركة طويلة".
وأوضح أن "أمريكا وبريطانيا والدول الغربية هي التي حافظت على الحوثيين، وهي التي ترتَب المنطقة وفقا لثنائية سُنة ـ شيعة، وشمال ـ جنوب، وبالتالي هم الذين أعطوا الضوء الأخضر ـ بما فيهم السعودية ـ للتقدم إلى عمران، ومن ثمَ هم تجاوزوا هذه الخطوط، وبالتالي أخرجتهم الولايات المتحدة من تصنيف قائمة الإرهاب، وهناك توافقات ورضا عن الوجود الحوثي لأسباب تتعلق بجعل المنطقة هشة".
وبيًن أن "أي اتفاق بين الانقلابيين الحوثيين وبين السعودية أمر لا يعني الشعب اليمني، وأن هذا المشروع ينبغي مواجهته وإنهاء هذا الانقلاب"، موضحا أن "الخطوة الأولى نحو تحقيق السلام للشعب اليمني والحفاظ على وحدته تبدأ من إنهاء الانقلاب، واجتثاث هذه الجماعة التي منحها الشعب اليمن أكثر من فرصة، منذ اتفاقية جدة، وفي مؤتمر الحوار، وكانوا يخططون ويستغلون هذه الروح السلمية للشعب اليمني للانقلابات".
وقال إن "هناك حماية للحوثيين من قِبل أمريكا وبعض الدول الأوروبية، وهناك حماية مقدَمة لهم من الإمارات صاحبة الطرف الآخر في الانقلاب؛ باعتبار أن وجود الحوثيين يمكًنها من فك ارتباط المناطق الجنوبية والتخادم معهم، وبالتالي يتفرَغون لمواجهة الإصلاح، ومن هنا المعادلة الدولية لصالحهم، وهناك الملف الإيراني".
ـ لا مجال لأي توافق
وأضاف "اليمن لن يشهد السلام طالما هذه الجماعة السلالية تعتبر نفسها الجمهورية اليمنية، وطالما هم (الحوثيون) مستمرون في الانقلاب"، داعيا الشعب اليمني إلى أن يحسم أمره.
ويرى أن "المصالحة الوطنية تحتاج إلى عدالة انتقالية، ينبغي رفض ومحاكمة القيادات الحوثية، وكل من ارتكب جرائم حرب، واستولى على المال العام، ونهب الموارد العامة للدولة"، مؤكدا أنه "لا مجال لأي توافق أو حوار مع الجماعة الحوثية".
وقال: "السعودية لم تهزم، بل حققت أهدافها، هي والإمارات، بأنها وجدت في الجغرافيا اليمنية، وجدت في عدن، وسيطرت على الجزر، أضعفت هذا البلد، وحافظت على الحوثي، بهدف أن يتفرغ للتجمع اليمني للإصلاح، وأن يدخل في مواجهات، وسيتم استنزافه، وسيتم بعد ذلك دعم بعض الجماعات الوطنية لمواجهة الحوثيين واستنزافهم".
وأضاف: "يريد الحوثيون من خلال التوقيع مع السعودية تحقيق مجموعة من الأهداف، الأول الاعتراف بأهم بأنهم سلطة واقعية أو الجمهورية اليمنية، كما يحلمون، الثاني إيقاف الضربات الجوية والتفرغ للداخل والسيطرة على الحكم"، مؤكدا أنهم "لن يستقروا في صنعاء لأن الشعب سينفجر وليس لديهم أي شرعية سياسية أو دستورية، لديهم جرائم وفساد، وبالتالي سيفتحون العديد من الجبهات".