تقارير

يبيع فيه عصير البرتقال..مواطن في تعز يحول باصه إلى بوفية متحرّكة

03/03/2021, 17:40:09
المصدر : قناة بلقيس - هشام سرحان

يركّن فواز الشرعبي (36 عاماً) باصه المتهالك، وأحلامه في الحصول على وظيفة في قارعة البُؤس والشقاء، في "بير باشا"، وسط مدينة تعز، يعْصر البرتقال، ويبيعه على الزبائن والمارّة بأسعار متواضعة ومناسبة، مراعاةً لظروفهم وأوضاعهم المادّية المتردّية. 

ويتحسس الحاصل على بكالوريوس 'علم نفس' و'دبلوم اقتصاد وسياسة'، عصّارته الوحيدة، وأدواته المتواجدة داخل باص، كان ينقل به الركاب، وحوّله منذ سبعة أشهر إلى 'بوفية' متنقلة، حظيت بإعجاب المترددين عليها، لشرب عصير البرتقال الطازج، والمعروف بجودة مذاقه، ما أكسبه ثقة الزبائن، وزاد من إقبالهم. 

وتكتظ المدينة الأولى سكانياً على مستوى البلاد بخريجي الجامعات والمعاهد، الذين لم يجدوا فرص عمل تتناسب مع تخصصاتهم، فلجأوا إلى مهن شاقة ومتعددة، في مشهد برزت فيه العديد من التجارب، لشباب عانوا البطالة، والفقر، والفراغ، وشدة الحاجة، فتعلّقوا بقشّة مشاريع متواضعة قد تقيهم الغرق. 

خبرته في إعداد العصائر، التي اكتسبها من إحدى البوفيات، التي عمل فيها سنوات في صنعاء، أثناء دراسته الجامعية، إلى جانب ذكرياته الجميلة مع باصه القديم، المُهمل، والمُعطَل، جعلته يستغل الباص في بيع عصير البرتقال، ليبدد حزنه على توقفه، ويجعله قريباً من عينيه وقلبه، كما يقول لموقع "بلقيس".  

فكرة المشروع لازمته منذ طفولته، التي رافق فيها والده في زيارة لمصر، وهناك شاهد مشاريع مشابهة، وترسّخ إعجاب خفي في نفسه، ولكنّه ظل نائماً لسنوات، إلى أن أيقظه مؤخراً مشهد في فيلم أمريكي لعربة صغيرة تبيع السندوتشات والعصائر في 'نيويورك'، فقرر الشروع في الاستفادة من باصه المُقعَد. 

ويذكر "أبيع عصير البرتقال والفراولة، ولكن غلاء الأسعار والمواد جعلني أكتفي بالبرتقال فقط، الذي أقدمه للبعض ب200 ريال، والبعض ب100 ريال، وآخرين بالمجان". 

ويضيف "أراعي ظروف الناس وحاجاتهم، ولا أهتم بأسعار الآخرين". 

 إقبال ومعانات 

الإقبال على الشرعبي يتزايد يوما بعد آخر، وتتحسّن أوضاعه المعيشية وعائداته، التي تتأثر بالمكان، وحركة الناس، والظروف المحيطة. 

لمساته في إعداد عصير برتقال طازج، وحلو المذاق، أكسبته إقبالاً جيّدا خلال فترة وجيزة، تفشى فيها فيروس 'كورونا'، والحُميات الفيروسية، فتداعى الناس على هذا النوع من العصائر لفوائده الصحيّة. 

ويذكر "في مرحلة الشباب درست في صنعاء، وكنت أقضي بعض الوقت في بوفية أحد أقاربي، وأتطوّع لمساعدته، فتعلّمت أبجديات العمل، وصرت اليوم معلماً في صُنع العصير". 

ويقبل على عمله بإرادة وتصميم، هادفاً إلى إعالة أسرته والوفاء بالتزاماتها ومتطلباتها، وغير مكترث بالشهادة الجامعية، التي حصل عليها قبل سنوات، ونظرة المجتمع، التي تعيب ممارسة بعض الأعمال اليوم. 

ويعرج "على الإنسان أن يعمل قدر استطاعته، ويستغل كل شيء لنجاح عمله واستمراريته، حتى يتذوّق طعم النجاح، وحينها لن يهتم ببرد الشتاء، وحر الصيف". 

ويكافح مرارة الحياة، وقسوة الظروف، ومعاناته المتشعبة مع تقلّبات الطقس والمناخ، ففي الصيف يشكو أشعة الشمس الحارقة، وفي الشتاء يعاني الصقيع، ومعه الأتربة، والرياح، وذرات الغبار. 

وفيما تواجهه صعوبات، أبرزها قلّة الإمكانيات، وغلاء الأسعار، وضيق الباص، وحاجته الماسة إلى مولد كهرباء جديد، وعصارة، وباص مكشوف، يشكو تعسّف عناصر البلدية، التي باشرت -مؤخراً- في رفع البسطات، والعربيات من الشوارع، وهنا يقول بحسرة وأسى: "يجري ترفيع مصادر رزقنا من الأسواق إلى المجهول،

وكان الأحرى بالسلطة المحلية في تعز تنظيم البسطات، وإفساح المجال للباعة، وعدم مضايقتهم".

ويتساءل "ألا يكفي ما نعانيه من متاعب وهموم؟". 

 بين مهنتين وطموحَين 

ودعا محافظ المحافظة نبيل شمسان إلى مُراعات أوضاع هؤلاء البسَّاطين، وتنظيمهم، وعدم مصادرة بسطاتهم، كما حثّ السلطة المحلية على ما هو أهم من مصادرة بسطات 'الطماط' و'البصل'، وهو نزع السلاح، والحد من الانفلات الأمني، ووضع حل لطفح المجاري، وضجيج الورش، التي تعمل وسط الأحياء ليلاً ونهارا، والكثير من المهام، التي لا تحتاج إلى أموال واعتمادات. 

وفي مفترق مهنتين يتأرجح بين السائق سابقاً وبائع العصير حالياً، لكن روح الإنسان والفيلسوف تحضر في حديثه، ومفارقته بين مهنتين، كلاهما شاقة، فيرى أن نقل الرُّكاب، في مجتمع غير منضبط بالقوانين في ظل الحرب والصراع، يجعل المهمّة أكثر صعوبة، بينما يجد في صُنع العصير المُتعة والذّوق، وهو ما لم يجده في مهنة السواقة داخل مدينة، يقول عنها أنها "متمرِّدة على قوانين السير وثقافة العمل". 

يُشارك العامة همومهم ومعاناتهم، حتى في طموحه الشخصي، الذي ربطه بالعام، مستبعداً تحققه ما دام الفساد مستشرياً، والفاسدون ولاةً ومسؤولين مستبدين. ويختم حديثه لموقع "بلقيس": "أحلم في امتلاك سلسلة مطاعم للوجبات الخفيفة، أسوة بتلك المتواجدة في دول العالم المتقدّم". 

ويبدو أن الشرعبي سينتظر طويلاً، ومعه حلمه، في بلد "من لم يمتْ -فيه- بالسيف مات بالفقر والفساد".

تقارير

بائع الفاصوليا.. مشروع شاب يعرف زبائنه من أصواتهم

إذا اعتقدت بأن الحياة خذلتك في جانب معيّن، عليك أن تنظر ماذا فعلت الحياة مع "ياسر ثابت"، وكيف واجهها، ولم يعرف الاستسلام؛ كونه متسلحا بالأفكار، فمن لديهم الأفكار والهمم؛ سيعيشون لأجل تنفيذها، ويظلون يحاولون حتى يعثروا على الطريق.

تقارير

"حيث الإنسان" يساعد عشرات الأطفال في مأرب على الوقوف والسير من جديد

يحكي برنامج "حيث الإنسان"، - الذي تدعمه وتموِّله مؤسسة "توكل كرمان"- قصة أب لا يعرف الاستسلام، وقد صنع عالما أجمل لمجموعة صغيرة من الأطفال، بينهم طفله، بتأسيس مركز تأهيل للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، في مدينة مأرب، الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي لليمن.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.