تقارير

البحر الأحمر يشتعل مجددا: ما وراء استهداف الحوثيين لحركة الشحن الدولي؟

11/07/2025, 19:18:31
المصدر : بقلم: آية إسكندراني - المونيتور

استأنف المتمردون الحوثيون في اليمن هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر، في خطوة قالوا إنها تهدف إلى إجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار في غزة، ما يهدد الهدنة مع واشنطن ويثير قلقًا واسعًا في قطاع التجارة البحرية.

ويزعم الحوثيون، المدعومون من إيران، أن السفينتين اللتين هاجموهما هذا الأسبوع — "ماجيك سيز" و"إيترنيتي سي" — لهما صلات تجارية بإسرائيل.

لكن هذه الحملة المتجددة تأتي في لحظة حرجة، إذ تدرس واشنطن وطهران الدخول في محادثات جديدة عقب حرب مدمرة استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، بينما تجري مفاوضات تهدئة بين حماس وإسرائيل في قطر.

لماذا الآن؟ نفذ الحوثيون، الذين شنوا أيضًا هجمات مباشرة على إسرائيل، أكثر من 100 هجوم على سفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ نوفمبر 2023، بحسب مركز المعلومات البحرية المشترك الذي تديره قوات بحرية غربية. 

وكانوا قد أوقفوا هذه الهجمات خلال هدنة قصيرة في غزة مطلع هذا العام، قبل أن يستأنفوها في نهاية الأسبوع الماضي.

 ويقول الحوثيون إن هدفهم هو دعم الفلسطينيين في غزة، حيث قال رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط لوفد حماس في الدوحة: "تفاوضوا مرفوعي الرأس، فنحن معكم، وكل موارد شعبنا ستكون في خدمتكم حتى تنتهي الحرب.

" لكن محللين يرون أن استئناف الهجمات يتجاوز مجرد التضامن مع غزة.

فقد جاءت بعد أن خاضت إيران حربًا مدمرة مع إسرائيل دون أن تتلقى دعمًا مباشرًا من حلفائها في "محور المقاومة"، الذي يضم أيضًا حماس وحزب الله اللبناني.

وقال رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي: "هذه تذكرة من الحرس الثوري الإيراني، عبر أهم حلفائه (الحوثيين)، بأن ما تم كبحه في الجولة السابقة من القتال، يمكن تفعيله إذا تكررت المواجهة."

 من جانبها، قالت المختصة في تتبع الهجمات البحرية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، نُعَم ريدان، إن الحوثيين واصلوا مراقبة حركة السفن طوال فترة التوقف عن الهجمات. وأضافت: "لقد ضمنوا أن يشعر الجميع بوجودهم دائمًا."

- ماذا يأملون تحقيقه؟

 رغم أن إيران هي الداعم الرئيسي للحوثيين، فإن الجماعة لا تعد مجرد وكيل لطهران، بل لديها طموحاتها الخاصة ودوافعها للعب دور إقليمي أوسع. 

ووصف الباحث في معهد "تشاتام هاوس" البريطاني، فارع المسلمي، الهجمات بأنها "تحرك استعراضي للقوة" يتيح للحوثيين "إبراز نفوذهم إقليميًا ودوليًا.

" فمع تعرض حماس وحزب الله لضربات شديدة في حروب إسرائيل في غزة ولبنان، خرج الحوثيون كأقوى فاعل في "محور المقاومة" لم يتأثر بشكل كبير. 

وقد تعرض الحوثيون لسلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية ردًا على هجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيرة، كما شنت الولايات المتحدة حملة قصف مكثفة ضدهم مطلع هذا العام، قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في مايو مقابل وقف الهجمات على الشحن الدولي. 

وقال المسلمي: "رغم أن الحملة الأمريكية أضرت بشدة باتصالات الحوثيين وبعض قدراتهم العسكرية، فإنهم لا يزالون يمتلكون مخزونًا ضخمًا، وتمكنوا من إعادة بناء منظومة اتصالاتهم بسرعة"، معتبرًا أن قوتهم البحرية "تشهد ازدهارًا."

 وأشار المسلمي إلى أن الهجمات على إسرائيل كانت محدودة التأثير، في حين أن هجمات الحوثيين على الشحن شكلت "وسيلة فعالة لجعل الغرب بأكمله، ومعه أغلب الشرق، ينزف اقتصاديًا."

- ما المخاطر؟ 

أدت حملة الحوثيين إلى اضطراب كبير في أحد أهم الممرات البحرية في العالم — مضيق باب المندب والبحر الأحمر — والذي يمر عبره نحو 12% من تجارة العالم.

ومع ارتفاع أقساط التأمين بشكل غير مسبوق، اضطرت العديد من شركات الشحن إلى اتخاذ مسار بديل طويل حول الطرف الجنوبي لإفريقيا.

وقالت نُعَم ريدان لوكالة فرانس برس: "العبور عبر مضيق باب المندب لا يزال منخفضًا مقارنة بعام 2023 — بانخفاض يتجاوز 50%."

وأضافت أن الحوثيين استفادوا من تراجع الوجود البحري العسكري الدولي في المنطقة لتكثيف هجماتهم: "يبدو أن لدى الحوثيين حرية أكبر الآن للاعتداء على حرية الملاحة."

 وأصبح مصير الهدنة الهشة مع الولايات المتحدة، التي تهدف إلى تأمين الملاحة في البحر الأحمر، موضع شك. 

من جهته، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إلى تحرك فوري لوقف هجمات الحوثيين: "إذا لم تتم مواجهة الحوثيين، فإن هذه المشكلة ستتفاقم."

تقارير

تصعيد الحوثيين ضد إسرائيل والملاحة الدولية.. حسابات طهران أولا والمتاجرة لاحقا

عاودت مليشيا الحوثيين التصعيد ضد الكيان الصهيوني والملاحة الدولية في البحر الأحمر بعد توقف مريب خلال المواجهات الدامية التي اندلعت بين إيران وإسرائيل واستمرت 12 يوما، والاكتفاء بالتهديدات بالوقوف إلى جانب طهران دون تنفيذ عملي، ويبدو أن ذلك التوقف يعكس رغبة إيران في التهدئة وعدم الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة، وهو ما يعني أن هجمات الحوثيين ضد الكيان الإسرائيلي تتم وفق إملاءات طهران، وتنسف مزاعمهم بأنهم يعملون بشكل مستقل بعيدا عن الإملاءات الإيرانية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.