تقارير

الدراجات النارية.. وسيلة للرزق والموت

25/01/2021, 10:15:13
المصدر : خاص

"شرخ في عظام الجمجمة، وشلل نصفي، وفقدان جزئي للذاكرة والنظر في عينه اليسرى، بالإضافة إلى ثمانية أشهر من الإصابة والمعاناة والخسارة والتنقل بين مستشفيات وعيادات تعز وصنعاء، للتداوي الذي مازال طريقه طويلا"..
فاتورة باهظة يدفعها الشاب أحمد محمد الهمداني (27 عاما) ثمنا لتهوّر سائقي دراجتين ناريتين أدى إلى حادث مزدوج، كان الهمداني ضحيته أثناء عبوره في أحد الشوارع غير المزدحمة، فيما لاذ السائقان بالفرار، وتركاه مرميا على الأرض ينزف، فاقدا الوعي، والكثير من صحته وحياته.

حادثة من مئات الحوادث المرورية التي تشهدها شوارع صنعاء ومختلف المدن اليمنية، التي تكون الدراجات النارية وتهور سائقيها والسرعة الجنونية ومخالفة قوانين السير سببا رئيسا في حدوث 75% منها، بحسب مصدر في 'مرور الأمانة' -طلب عدم ذكر اسمه-، لتشكل بدورها وسيلة أخرى للموت ورافدا من روافد الدم اليمني المراق، على امتداد خارطة البلاد.

يأتي هذا بالتزامن مع انتشار متزايد في أعداد الدراجات النارية، التي ارتفع عددها ثلاثة أضعاف خلال خمسة أعوام، فبينما كان عددها 250 ألفا في العام 2012 تجاوز الرقم حاجز المليون عام 2017. وبينما تغيب الإحصائيات الرسمية، لا يستبعد المصدر تجاوز عددها الضعف خلال الثلاثة أعوام الماضية، مع لجوء كثير من المواطنين إليها، في سبيل البحث عن الرزق، وتحسين مستوى معيشتهم، وفي ظل إقبال كثيف عليها من قبل البُسطاء كوسيلة للتنقل وقضاء مشاويرهم بكلفة أقل، خصوصا في مناطق سيطرة المليشيات، في ظل ارتفاع أسعار البترول، وتكاليف المواصلات الخاصة.

باب للرزق

مؤخرا، وخلال خمسة أعوام من الحرب، التي فقد فيها ملايين المواطنين أعمالهم ورواتبهم، وأدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي والمادي في بلد هو الأفقر في المنطقة العربية ويحتل المرتبة "175" عالميا من حيث مستوى دخل الفرد السنوي والبالغ "645 دولارا"، بحسب تقارير دولية، ومع اتساع رقعة الفقر والبطالة، برزت "الدراجات النارية" لتمثل الحل السحري لآلاف المواطنين الذين فقدوا العمل والأمل، حيث باتت الوسيلة الأسهل ل"طلبة الله"، بحسب مشتاق محمد (24 عاما)، وهو مالك دراجة نارية، فضّل العمل عليها عوضا عن الدراسة ليختصر الطريق إلى المستقبل، تماما كما يختصر الطرقات بدراجته.

"في بداية الحرب تركتُ الدراسة، وبدأت العمل باستئجار باص صغير، لأجمع ثمن دراجة خاصة أعمل عليها"، يقول مشتاق. ويضيف ل"بلقيس": "لدي ثلاثة أخوة أكبر منّي، كانوا موظفين، عارضوني في البداية على ترك الدراسة والعمل على الدراجة، لكنهم الآن عاطلون في البيت، وأنا من يصرف على الأسرة من خلالها".

سليم.. معلّم على الدراجة


من جانبه، يقول سليم محمود (41)، وهو أستاذ وأب لخمسة أطفال: "بعد انقطاع الرواتب، مررنا بظروف سيئة وقاسية، وطردنا المؤجر من المنزل، لأنني لم أدفع له الإيجار حينها لمدة خمسة أشهر، بعدها استلفت مبلغا من قريب، وبعت ذهب زوجتي لأشتري هذا 'الموتور' مصدرا وحيدا للدخل ورزق أطفالي".

وعن المردود الذي يجنيه من عمله على الدراجة، يقول محمود: "الحمد لله، حالنا مستور، أدفع إيجار المنزل، وأعيل أسرتي وهذا يكفي".
ويستدرك حمود: "سابقا كان العمل أفضل، أما الآن مع زيادة الدراجات بشكل كبير، خصوصا مع نزوح الكثير إلى صنعاء، وعملهم في هذا المجال، أصبح هناك تنافس كبير، أحيانا يكون المردود جيدا، وأحيانا نعود بالمصروف بالكاد".

طريق الموت السريع


رغم الفترة التي قضاها في طريق التداوي، والتي تجاوزت خسارته المادية 5 ملايين ريال، جمعتها أسرته من خلال القروض، وبيع ما أمكن من ممتلكاتها في سبيل شفاء معيلها الوحيد، لم تزل حالته الصحية في خطر، رغم مؤشرات التحسن في الأشهر الأربعة الأولى، كما قال الهمداني.


وأضاف: "بعد إجراء بعض الفحوصات مؤخرا، تبين أن هناك شرخا في الجمجمة، أما الأطراف فمازلت رغم تحسنها أعاني من صعوبة في حركتها، ولا أدري كيف سأتمكن من علاجها، بعد أن بذلت أسرتي أكثر مما يمكنها، واقترضت بقدر يفوق قدرتنا المادية".
وفيما يضطر الهمداني إلى كتابة كل تفاصيل يومه ليتجنب النسيان، يرى أنه كان محظوظا بنجاتهِ من موت عبثي وأجل بدا محتوما، قبل أن يؤجّل موعده معه.

في المقابل، ما تزال "أم ربيع" تتذكر ولديها، اللذين فقدت أحدهما، فيما فقد الآخر ساقيه بحادث، تعرّضا له خلال ركوبهما دراجة نارية قبل ثلاثة أعوام: "حياتنا، أطفالنا، سلامتنا في خطر مادام الموتورات ملان الشوارع، ويسيروا في الطرق بسرعة، وبلا قانون ولا عقاب".
وتضيف بنبرة يملؤها الوجع: "ما يلقاش الواحد عافيته بعدهن، إما الموت أو إعاقة دائمة، ووجع مستمر له ولأهله".

غياب القانون وانعدام الرادع


اكتسبت الدراجات ميزتها في الوصول السريع إلى الوجهة التي يطلبها الزبون في أقرب وقت ممكن، من خلال السرعة العالية التي يقود بها سائقوها، بالإضافة إلى سهولة عكس المسارات المرورية، وإمكانية مرورها في الأماكن الضيّقة وبين السيارات في الزحام، وعدم التزام السائقين بقواعد السير "وهي ذاتها العوامل الرئيسية المتسببة في الحوادث المرورية في أغلب الحالات، في ظل غياب القانون الذي ظل، حتى وقت قريب، يعامل الدراجات معاملة المارّة لا المركبات"، بحسب المصدر في 'مرور الأمانة'.

ورغم القرار الذي أصدرته السلطات في صنعاء العام الماضي، الذي يعامل الدراجات معاملة المركبات، ويفرض على سائقيها ترقيمها والالتزام بقوانين السير وتطبيق القانون عند المخالفات، بالإضافة إلى الحملة الأمنية الأخيرة خلال الشهر الماضي، التي استهدفت الدراجات والمركبات غير المرقمة "مازال هناك الكثير من التساهل والتسامح وعدم تطبيق القانون على سائقيها غير المرقمين والمخالفين، وهو ما يدفع بهم إلى الاستمرار في تهورهم ومخالفتهم القواعد، واللامبالاة بحياة الناس، ويعد عاملا مساعدا في استخدام الدراجات وسيلة لسرقة المارّة، ونشل حقائب النساء في حالات كثيرة"، يقول المصدر.

تقارير

بواسطة الأقمار الصناعية.. صور تكشف بناء الحوثيين أنفاقا تحت الأرض

يظهر التحليل، الذي أجراه المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، لصور الأقمار الصناعية أن الحوثيين يحفرون وينشئون منشآت عسكرية جديدة وكبيرة تحت الأرض، التي يمكن أن تعزز من حمايتهم في حالة نشوب صراع في المستقبل.

تقارير

هل تهشمت صورة "إسرائيل" في المجتمعات الغربية؟

ما يحدث في الشارع الغربي المتضامن مع غزة يبدو أشبه بمحاكمة شعبية للأنظمة والمؤسسات الغربية، فمن الواضح أن السردية الصهيونية في الغرب، التي صمدت، منذ الحرب العالمية الأولى، بدأت تفقد سطوتها، خصوصا بعد أن ظهر جيل جديد يثير الأسئلة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.