العرشي يستعرض تجربته في العمل الدبلوماسي وكيف جاء قرار تعيينه وزيرا لشؤون الوحدة؟

ارتبط اسم يحيى العرشي بالوحدة اليمنية من خلال توليه منصب وزير "شؤون الوحدة" في الشطر الشمالي سابقا، في الفترة الأكثر حساسية في تاريخ ومسار الوحدة.

تستعرض الحلقة الثامنة من سلسلة برنامج "الشاهد"، مع يحيى حسين العرشي، وزير شؤون الوحدة الأسبق، وعضو مجلس الشورى، تجربته في العمل الدبلوماسي، وكيف جاء قرار تعيينه وزيرا لشؤون الوحدة؟ وتأثير أحداث الثالث عشر من يناير على مباحثات ملف الوحدة اليمنية.

- العمل الدبلوماسي

تحدَّث يحيى العرشي عن لقائه بملك المغرب، وموافقة الملك المغربي على تعيين سفير للمغرب في اليمن للمرة الأولى، مضيفا: "في الواقع كانت هذه مخالفة بروتوكولية في نظر البروتوكول المغربي، لكنه اقتنع وعيّن أبو بكر بنونة، وكان من ديوانه وشخصية ممتازة".

وتابع: "شكرت الملك المغربي على هذا التعيين، وقلت له أشكركم كذلك على ما قدمته المغرب من دعم في الظروف التي حدثت لنا في هذا الأسبوع من زلازل في اليمن، هو تفاجأ في الموضوع الأول وعيّن سفيرا، وقال زلازل في اليمن؟ قلت: نعم، زلازل، وتيسر أن الجهات المعنية هنا (الهلال الأحمر) يستعدوا لإرسال معونة، فقال لا بُد أن تقدموا معونة كاملة في ظروف اليمن، وطائرتين تذهب إلى اليمن، لتقدم العون لإخوتنا في اليمن".

"شهدت اليمن، في ديسمبر 1982، زلزالا مدمرا بين مدينة معبر ومدينة ذمار، تسبب في مقتل 2800 إنسان وإصابة 1500 شخص بجروح متفاوتة"

قال العرشي: "ملك المغرب وجٍَه بتقديم مواد متنوِّعة إعانة، وكذلك فريق إسعافي طبي، وقال لوزير الخارجية المغربي: عليكم أن تنجزوها في أسرع وقت، فشكرته مرة أخرى، وخرجت وأنا مرتاح الضمير؛ لأنني قدمت خدمة لبلدي، بأن يكون في تكافؤ وتكامل في السياسة المغربية واليمنية، ويكون لهم سفير في اليمن".

وأضاف: "عندما خرجنا السفراء من فندق مراكش، قال السفراء، الذين كانوا معنا، أنت خربت البروتوكول خالص، قلت لهم ما هي مهمة السفير؟ هذه هي مهمة السفير، وأنا قلت للملك أنت ما معك سفير عندنا، ونحن نشتي معونة، وشكرته؛ لأنه في المغرب البروتوكول طويل، لو طلبت مقابلة الملك لكي أطرح عليه هذا الموضوع، لمقابلة الملك ينتظر السفراء من أربعة إلى خمسة أشهر".
 
وتابع: "كان الإخوة السفراء يضحكون ويمزحون معي، ويقولون: والله إنك أعطيتنا فرصة، قلت لهم ظروف اليمن هكذا، هي تلقائية وبساطة اليمن هي هكذا، حتى في تعاملها مع الآخرين، ولهذا كنت بسيطا معه".

وأردف: "في تلك الفترة، جاء اتصال تيليفون، وإذا هم يقولون لي: وزير الخارجية يريد التحدث معك، رحت وهو وزير الخارجية المغربي، قال لي: صاحب الجلالة يؤكد على الموضوعين، وجّه وزارة الخارجية بعمل الإجراءات البروتوكولية في التعيين، والمعونات نحددها الآن؛ لأن القوائم نريد أن لا تتكرر مع معونات تجيكم من بلدان أخرى".

وزاد: "اتفقنا على نوعية المساعدات والمعونات، واتجهت بعدها إلى الرباط؛ لأن استقبال الملك كان في مراكش؛ لأنه كان من عادته أن يتنقل من منطقة إلى أخرى لأشهر، وهذا الأمر فيه إنعاش للمدن المغربية، بدل من
أن يبقى الحاكم والمسؤول في بلد في مدينة واحدة، يتنقل لأشهر بين مراكش والرباط، وله قصر في كل مكان".

وقال: "اتجهت إلى الرباط، وأنا محمَّل بهذه النتيجة الطيبة، وأبلغت صنعاء بما يتعلق بالسفير، وكانت نتيجة طيبة، وأبلغت كذلك باتصال بالرئيس طبعا بالمعونات هذه، وأن عليهم هي استقبالها، وبقيت أتابع الجهات المعنية هناك، أتابع الخارجية، وتمت الإجراءات، وتم إرسال المعونات، وأحسست بأنني قمت بواجب".

وأضاف: "بعدها وقّعنا اتفاقية تبادل ثقافي، وتقديم منح لليمن خاصة بالدراسات الجامعية العليا، في مجالات مختلفة، حددت بعدد معين طبعا، وأبلغت صنعاء بهذه النتيجة بالاتفاقية بأن يوافقوا عليها، وكنت أتابع قدر الإمكان، وأريد أشاهد طلاب يمنيين هنا، عشان أحس هل هناك نتيجة للجهد الذي أقوم به أم مجرد كلام على ورق".

وتابع: "جاء عمر بهاء الدين الأميري، وقال لي: في طالب يمني يبحث عن دراسة جامعية، اسمه عبد السلام الأثوري، وكان أول طالب يمني وفقا لهذه الاتفاقية في جامعة الرباط، وكنت سعيدا وفخورا، بهذه النتيجة".

وأردف: "عُينت سفيرا في غينيا والسنغال وموريتانيا والمغرب وألمانيا".

- وزارتا الوحدة في صنعاء وعدن

يقول يحيى العرشي: "بالاتفاق الثنائي ما بين علي ناصر محمد والرئيس علي عبد الله صالح، في 1984، دعاني الرئيس علي عبدالله صالح، وقال: نحن اتفقنا أن يكون هناك وزيران للشأن الوحدوي، وأن يكون هذا الوزير مقبولا منهم، ووزيرهم مقبولا مننا".

وأضاف: "الإخوة في الجنوب كانوا قد اختاروا محمود عشيش، رحمه الله، وهو من الشخصيات المهمة، وكان عضو المكتب السياسي، ومن مؤسسي الجبهة القومية، واختير أن يكون وزيرا لشؤون الوحدة".

وتابع: "وفي الشمال، أخترت أنا لكي أكون وزيرا للوحدة، وكان لي شرط أن لا يتدخلوا فيما سأتعامل معه؛ لأن الشأن الوحدوي عملية سياسية كبيرة، ولا بُد أن تكون أنت الراعي لها بدرجة أساسية، ولكن إذا كنت قد سمعت أننا ماركسي في صنعاء، وعادنا في صنعاء، كيف وقدنا أذهب إلى عدن!؟".

وأردف: "بدأت مشواري، وأحسست بأنني لم أتسلم وزارة، ولكني تسلمت القضية، لما تتطلب من جهد، وما تطلب من حيثيات، وما تطلب أيضا من خصوصية في التعامل مع الخطوات الوحدوية".

وزاد: "وضعت خطة لمهمتي الوحدوية، وهي أن أتبين واقع ما وصلت إليه الخطوات، والخطوات هذه كانت في إنشاء المجلس اليمني، واللجنة الوزارية، واللجان، وعكفت على ما توصلت إليها اللجان (لجان الوحدة)، ومن ضمنها اللجنة الدستورية، وذهبت إلى عدن التقيت بالمسؤولين؛ من الرئيس علي ناصري إلى الشهداء علي عنتر، وصالح مصلح، وشايع، وآخرين، عبد الفتاح إسماعيل كان في موسكو".

وقال: "تبادلت الزيارات مع نظيري الكريم، فكنت أجد أن كل ما يتعلق بخطواتنا الوحدوية هي خطوات تكتيكية تنسجم مع عنوان التكتيك، يعني لا نتدخل في شؤون بعض، وأن تبقى الأمور هكذا، دولة في عدن بدون أن يكون هناك دخول، وكيف يمكن أن ما يثير الخلاف، وأهمها قضية الجبهة التي لها قيادتها في المكتب السياسي، وكذلك التنقل بين الناس والمواطنين".
 
وأضاف: "في خضم هذا المشوار، وكذلك مشروع الدستور أنجزته اللجنة الدستوريه بعد جهد مضنٍ في في كتابته، لكنه سلّم، وبقي في الدّرج بعد قِمة الكويت، ولم يجرؤ لا الرئيس في عدن ولا الرئيس في صنعاء، أن يخرجوه إلى الطاولة، وهذا الدستور هو محصلة لتفاهم، ووضع فكري سياسي معتدل، تطلب اتفاقا حتى على الحرف وعلى الكلمة، هو من شخصيات مهمة من الجنوب ومن الشمال، يسارية ومتطرفة ومعتدلة وإسلامية".