تقارير
الهدنة.. خدمات مجانية للخارج على حساب اليمنيين
أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، موافقة الأطراف على تمديد الهدنة الأممية لشهرين إضافيين، دون إعلان عن انفراج أيٍّ من الملفات العالقة قبل الهدنة.
وفي الوقت الذي تُحقق فيه مليشيا الحوثي، والسعودية، والأطراف الدولية مصالحها من هذه الهدنة، يبرز المواطن اليمني كأول الخاسرين منها.
حيث لا اتفاق على صرف الرواتب، ولا اتفاق على فتح الطرقات المغلقة في تعز وغيرها من المحافظات، ولا توقف للحرب التي تواصل مليشيا الحوثي شنّها ضد اليمنيين.
ترحيب دولي موسّع لتمديد الهدنة في اليمن، وسط دعوات إلى الأطراف بالوفاء بالتزاماتها، وأمام هذا الاتفاق يبدو طرف الشرعية تائها بلا حيلة، إذ تحفَّظ عليها قبل أيام، ورحّب بها بعد إعلان المبعوث الأممي عنها، فهل يملك المجلس الرئاسي قراره في السلم والحرب، أم أن القرار الوطني صار مرتهنا بشكل كلي؟
- الخيار الأفضل
في هذا السياق، يقول عضو لجنة المفاوضات الحكومية بشأن فتح طرقات تعز، نبيل جامل: "للأسف الشديد، نحن نتحدّث بعد 6 أشهر من اتفاق تم، وينص على فتح طرقات في تعز، وكان الضامن لهذا الاتفاق هو المجتمع الدولي، لاسيما الرباعية (الأمريكان والبريطانيين والتحالف العربي)".
وأضاف جامل لبرنامج زوايا الحدث، الذي بثته قناة بلقيس يوم أمس: "كان هناك ضغوط كبيرة من قِبل هذه الدول على مليشيا الحوثي، ولكن نحن اليوم ندخل في الهدنة الثالثة فيما المواطنون في تعز لم يستفيدوا كثيرا من هذه الهدنة".
وأشار إلى أن "الجميع يعرف أن الوضع في اليمن معقد، كون هناك الكثير من الأزمات والمشاكل المتداخلة والمركّبة، والدخول في حوار بسيط يحتاج إلى مسار طويل".
وأوضح أن "الخيارات الموجودة حاليا عند المجلس الرئاسي والحكومة ليست كثيرة".
ويرى جامل أن استمرار الهدنة بالشروط السابقة نفسها أفضل من المقترح الأخير الذي قدّمه المبعوث الأممي.
وقال: "الهدنة لها فوائد على المستوى الوطني بشكل عام، وهي ضمن مسار سياسي شامل، لكن فلسفة بعض اللاعبين الدوليين والإقليميين بأن يعطى الحوثي الكثير من المطالب حتى يوافق الدخول، لم تراعِ المسيرة التاريخية للحوثيين بعدم تنفيذهم لأي تعهدات سابقة".
وأشار إلى أن "المجتمع الدولي وأمريكا لديهم أوراق ضغط كثيرة، ولكن نستطيع القول إن، في هذا التوقيت، مصالحهم ليست لصالحنا كحكومة شرعية، وإنما جاءت في خدمة مليشيا الحوثي".
- رهان خاطئ
من جهته، يقول الباحث السياسي البراء شيبان: "إن الهدنة الحالية ببساطة تعني بأنه لا يوجد اقتتال في مأرب وفي تعز، وهذا نلاحظه بشكل واضح، وكذلك توقّف غارات طيران التحالف، أما الهدنة بمعناها الأوسع لن يستطيع المجتمع الدولي تحقيقها ببساطة، كونه لا يمتلك أدوات نفوذ حقيقية".
ويرى شيبان أن "كل من يعتقد أن الضامن في هذه الهدنة هو المجتمع الدولي فهو يراهن على الرهان الخاطئ، لأن المجتمع الدولي بشكل واضح لا يوجد لديه أي قدرات للضغط على مليشيا الحوثي، وليس لديه النية للانخراط في إيجاد وسائل الضغط عليها".
ولفت إلى أن "بيان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، جاء من إدارة لا تدرك تفاصيل المشهد اليمني، كونه لم يتطرّق بشكل واضح إلى أي من مطالب الهدنة".
وأشار إلى أن "بايدن يريد أن يقول للناخبة الأمريكية أنه استطاع أن ينجز ما لم ينجزه سلفه الرئيس ترامب، من خلال تمديده للهدنة، وإيقافه للحرب، وأنه لم يعد يوجد اشتباكات وضحايا كما كان في السابق".
وعن قراءته لموقف المجلس الرئاسي، يقول شيبان: "لا أعتقد أن وضع المجلس الرئاسي في حالة تسمح له أن يرفض الهدنة، كونه غير مستعد للدخول في دورة جديدة من الصراع"، مشيراً إلى أن "اللجنة، التي شكّلها المجلس لدمج القوات وهيكلتها، إلى الآن غير قادرة على ضبط غرفة عمليات موحّدة لكل القوات على امتداد الجغرافية، التي يفترض أن تسيطر عليها الشرعية".
- تلبية رغبات قوى غير شرعية
من جهته، يرى الأكاديمي والباحث السياسي عادل دشيلة أن "هذه الهدنة جاءت لتلبّي رغبات القوى غير الشرعية، وهي السعودية، ومليشيا الحوثي، بينما على المستوى الداخلي لا يمكن لهذه الهدنة أن تمنح الشعب اليمني ما يريدونه، ولا يمكن أن تعالج الوضع الإنساني في جميع أنحاء اليمن".
وقال دشيلة: "على المستوى السياسي الهُدن لن تقود إلى معالجة جذرية للمشاكل السياسية، ولا يوجد حل للصراع داخل الجمهورية اليمنية، بل تمهيد بطريقة بطيئة للقبول بحكم الأمر الواقع، ونحن ندرك أن القوى التي تعادي المليشيات الحوثية ليست على ما يُرام".
ويرى أن "هذه الهدنة تخدم المصالح الدولية في المقام الأول، كما تخدم أيضا القوى الإقليمية المنخرطة في الصراع اليمني، وكذلك تخدم مليشيا الحوثي، وبالنسبة للأزمة الإنسانية في اليمن هي آخر ما يمكن الحديث عنه".
وأشار إلى أن "الجميع يدرك وضع المجلس الرئاسي في الوقت الحالي"، مضيفاً: "نقولها وبصريح العبارة هل المجلس الرئاسي مسؤول عن الشعب اليمني أم أنه مسؤول عن مصالح القوى الإقليمية التي أوجدته؟ فإذا كان المجلس يقوم بتنفيذ الإملاءات الإقليمية كالقبول بالهدنة وتقديم التنازلات لمليشيا الحوثي، يعني ذلك أن اليمنيين سيخسرون الدولة".