تقارير

تحليل أمريكي: الغارات الأمريكية غيّرت مؤقتا الحسابات العسكرية للحوثيين

10/05/2025, 08:56:35
المصدر : مجلة فورين أفيرس مجزين - ترجمة خاصة

قال تحليل لمجلة "فورين أفيرس مجزين" إن الغارات الأمريكية على الحوثيين غيَّرت مؤقتا الحسابات العسكرية لجماعة الحوثي.

فعلى سبيل المثال، بُعيد تصنيف الجماعة ك'منظمة ارهابية أجنبية'، سعى الحوثيون في البداية إلى الاستيلاء على حقول النفط والغاز في محافظة مأرب، شرق العاصمة صنعاء، وهو مورد إستراتيجي كان من شأنه أن يخفف من بعض تأثير تصنيفهم في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

 إلا أن الحملة الجوية الأمريكية أخَّرت مؤقتا هذا الطموح الذي لو تحقق لكان من شأنه أن يعزز موارد الحوثيين، ويمهّد الطريق أمامهم لتنفيذ مزيد من الهجمات على المحافظات الأخرى المنتجة للنفط في الجنوب والشرق الخاضعة الآن لسيطرة الحكومة اليمنية.

وأضاف التحليل أن تحرّكات واشنطن مارست ضغوطا حقيقية على الحوثيين.

فعلى مدار الحملة، انخفضت عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية للحوثيين ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية بنسبة 87 في المئة، وانخفضت هجمات الطائرات المسيّرة بنسبة 65 في المئة، وفقا للبنتاغون.

وبالإضافة إلى ذلك، أجبرت الغارات الأمريكية مُعظم قيادة الجماعة على الاختباء، وأبطأت من اتصالاتهم الداخلية. كما كثفت أجهزة الأمن الداخلي التابعة للحوثيين من اعتقالاتها لليمنيين الذين يعتقد أنهم يكشفون عن معلومات استهداف لأولئك الذين قد يشاركونها مع الولايات المتحدة، أو حلفائها.

وإلى جانب الغارات الجوية المكثفة بشكل كبير، كثفت الإدارة أيضا الضغوط الاقتصادية والسياسية. وفي شهر مارس الماضي، أعادت الإدارة تصنيف الحوثيين ك'منظمة إرهابية أجنبية'، وفرضت عقوبات اقتصادية ودبلوماسية شديدة.

وقد أدى تصنيف الحوثيين في قائمة 'المنظمات الإرهابية الأجنبية' إلى خنق النظام المصرفي في المناطق التي يسيطرون عليها، وتقييد قدرتهم على استيراد الوقود، كما جعل من المستحيل تنفيذ عناصر الاتفاق المقترح المدعوم من الأمم المتحدة لإنهاء الحرب، الذي كان يجري التفاوض عليه قبل بدء هجمات الحوثيين على البحر الأحمر.

إذْ كان من شأن تنفيذ هذا الاتفاق، الذي يدعمه حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، أن يؤدي إلى وقف إطلاق النار وبدء عملية سياسية لتحديد ترتيبات تقاسم السلطة في اليمن.

 كما وعد هذا الاتفاق بتقديم فوائد اقتصادية كبيرة، بما في ذلك صيغة لدفع جميع رواتب القطاع العام في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

ونظرا لموارد اليمن المحدودة، كان من المُمكن أن يتطلب ذلك دعما ماليا خارجيا كبيرا، لكن تصنيف واشنطن للحوثيين ك'منظمة إرهابية أجنبية' يجرِّم التحويلات المالية إليهم، مما يجعل هذا العنصر غير قابل للتطبيق.

غير أن التحليل رأى أن حملة الضغط، التي شنها ترامب، كانت لها حدود، حيث بدأت في الظهور غضون أسابيع قليلة.

وفي حين قصفت القوات الأمريكية أهدافا للحوثيين، بشكل يومي تقريبا، بكميات هائلة من الذخائر، وادعى البنتاغون أنه قتل كبار قادة الحوثيين، إلا أنه مع ذلك، هناك القليل من الأدلة على أن أعضاء الهيكل القيادي الأعلى لجماعة الحوثي قد تم القضاء عليهم، فدائرتها الداخلية سليمة إلى حد كبير.

ومن المهم أيضا الإشارة إلى أن قدرة الجماعة على ضرب أهداف أمريكية وإسرائيلية لا يبدو أنها قد تضاءلت بشكل كبير. ومن جانبهم، يدعي الحوثيون أنهم أسقطوا ما لا يقل عن سبع طائرات أمريكية مسيّرة من طراز 'ريبر'، تكلف كل واحدة منها حوالي 30 مليون دولار، منذ شهر مارس الماضي.

وفي تأريخ 28 أبريل، فقدت طائرة مقاتلة أمريكية تبلغ قيمتها 60 مليون دولار في البحر عندما اتخذت حاملة طائراتها منعطفا صعبا لتجنّب نيران الحوثيين. وفي أوائل شهر مايو الماضي، تمكّن الحوثيون أيضا من تمرير صاروخ عبر الدفاعات الجوية الإسرائيلية ليضرب موقعا بالقرب من مطار تل أبيب، مما أثار ردا حادا من إسرائيل.

واعتبر أن المكاسب التكتيكية الأمريكية كانت تأتي بتكلفة باهظة ومخاطر جسيمة أكثر فأكثر. إذ زادت العمليات المستمرة من احتمالات مقتل أفراد الخدمة الأمريكية، وهو سيناريو كان من شبه المؤكد أنه سوف يجر واشنطن إلى مزيد من الصراع.

كما أشار التحليل إلى أن الولايات المتحدة كانت تستهلك الذخائر بمعدل ينذر بالخطر.

حيث كانت وزارة الدّفاع تكافح أصلا لمواكبة الطلب على الأسلحة، بعد أن استنزفت بسبب التزامات الولايات المتحدة السابقة تجاه إسرائيل وأوكرانيا، وكذلك بسبب الغارات التي شنّتها إدارة بايدن ضد الحوثيين والجهود الأمريكية للدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الإيرانية المباشرة.

وأعرب بعض المسؤولين الأمريكيين عن قلقهم من أن العدد الهائل من الأسلحة بعيدة المدى المستخدمة ضد الحوثيين، فضلا عن انتقال كتيبة باتريوت للدفاع الجوي من القيادة الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ إلى الشرق الأوسط، يمكن أن يضعف استعدادات الولايات المتحدة للتصدّي لتهديدات الصين.

وتابع التحليل بالقول: "لقد قدّم وقف إطلاق النار نهاية سريعة لحملة لا يمكن الدفاع عنها أكثر فأكثر. وباختصار، فبالرغم من أن الحملة الأمريكية وضعت الحوثيين تحت ضغط هائل، إلا أنهم كانوا بعيدين عن الردع، ناهيك عن الهزيمة، في وقت وقف إطلاق النار".

وبحلول أوائل شهر مايو، كانت الولايات المتحدة تحقق مكاسب تكتيكية في تدمير الأسلحة والقدرات الحوثية، ودفع القيادة إلى الاختباء، وإثارة مخاوف الحوثيين من شن حملة برية جديدة ضدهم قريبا. إلا أنها لم تكن قادرة على تحويل نقاط الضغط هذه إلى ميزة إستراتيجية.

وبشأن الإستراتيجية المفقودة، قال التحليل إن الولايات المتحدة يمكنها أن تحد من مشاركتها العسكرية وتدعم طريقا إلى التسوية، أو على الأقل لاحتواء خطر الحوثيين، وذلك من خلال العمل مع حلفائها لممارسة ضغوط عسكرية واقتصادية وسياسية على الجماعة. وللقيام بذلك، يجب على صانعي السياسة الأمريكيين أولا أن يتخلوا عن فكرة أنه يمكن أن يكون هناك خط واضح يفصل بين ما يحدث داخل اليمن وما يحدث في البحر الأحمر أو المنطقة الأوسع، لا سيما في الخليج.

وأشار في هذا الصدد إلى ما أعرب عنه كل من نائب الرئيس، فانس، ووزير الدفاع، بيت هيغسيث، عن عدم اهتمامهما بما يحدث في اليمن.
فعلى حد تعبير فانس، إذا توقف الحوثيون عن إطلاق النيران إلى البحر الأحمر، فيمكنهم "العودة إلى فعل كل ما كانوا يفعلونه قبل مهاجمة السفن المدنية".
ومع ذلك، فإن المشاكل التي تواجهها واشنطن وحلفاؤها في البحر الأحمر هي بالضبط نتاج دينامية القوة الداخلية في اليمن.

فبصفتهم قوة مسلحة بشكل متزايد وغير خاضعة للرَّقابة، يتمتع الحوثيون بالقدرة على إبراز قوتهم وتهديداتهم خارج حدود اليمن، وسيستمرون في القيام بذلك حتى يواجهوا قيودا داخلية حقيقية.

فبينما لا يمكن للولايات المتحدة أن تدير السياسة المعقَّدة في اليمن، وليست بحاجة إلى قيادة دفة السياسة اليمنية، لكنها على الأقل، يجب أن تكون لديها سياسة واحدة هناك.

ومضى التحليل قائلا: ولضمان الحفاظ على بعض التوازن على الأرض في اليمن، يجب على الولايات المتحدة أن تمنح داعمي الحكومة اليمنية في الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الضمانات الأمنية التي يحتاجونها لمواصلة دعم الحكومة سياسيا وعسكريا.

والبلدان هما الموردان الرئيسيان للأسلحة والأموال للقوات الحكومية اليمنية، لكنهما قالا علنا إنهما غير مهتمين بإشعال الحرب هناك. كما تعرف السعودية والإمارات أنه إذا تقدّمت القوات اليمنية ضد الحوثيين على الأرض، فمن المرجّح أن تقوم الجماعة أيضا باستهدافهما بالمثل، ربّما حتى لو ساعدوا حلفاءهم اليمنيين فقط في الدفاع عن خطوط المواجهات الحالية.

وبالرغم من أن الرياض وأبو ظبي قلقتان بشأن التهديدات الأمنية طويلة المدى التي يشكلها الحوثيون، إلا أنهما حريصتان على تحويل تركيزهما إلى الأولويات الاقتصادية المحلية.

ورأى التحليل أن الولايات المتحدة لم تتمكن من تحويل نقاط الضغط إلى ميزة إستراتيجية. فمن خلال تقديم ضمانات أمنية للرياض وأبو ظبي، ستتعهد واشنطن في الواقع بحماية حلفائها، والسماح لهما بتعزيز القوات المعارضة للحوثيين محليا، وبالتالي زيادة فرص التوصل إلى اتفاق متوازن لتقاسم السلطة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للولايات المتحدة أن تشجِّع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على تنسيق دعمهما العسكري والسياسي بشكل أفضل للقوات الحكومية اليمنية، التي غالبا ما يتم تعميق الانقسامات داخلها من قِبل الداعمين، وجزء منه -على سبيل المثال- يعود إلى نفور أبو ظبي الطويل الأمد من العمل مع المقاتلين المرتبطين في 'جماعة الإخوان المسلمين'.

هذا التنسيق أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث إن خيبة أمل القوات الحكومية اليمنية من الانسحاب الأمريكي، إلى جانب الضائقة الاقتصادية المتزايدة والاقتتال السياسي الداخلي، تنذر بانهيار الحكومة، وتنذر معها باحتمال حقيقي بتوسّع الحوثيين، أو عودة ظهور القاعدة في المناطق الحكومية.

وأوصى التحليل بالقول: يجب أن يكون للضغط على الحوثيين هدف واقعي. فلم تكن الحملة الجوية العسكرية الأمريكية وحدها خيارا عمليا أبدا.

فمع وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين، يبدو أن الرد العسكري على الحوثيين على الأرض غير مرجّح على نحو متزايد.

ورأى في هذا الصدد أنه سيكون من المفيد التوصل إلى اتفاق مع إيران يتضمن التزام طهران بوقف تزويد الحوثيين بأسلحة عالية التقنية، إلا أنه أشار إلى أن هذا لن يكون حلا سحريا لاحتواء طموحات الحوثيين. كما أن وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يوفِّر فرصة لاختبار التزام الحوثيين بوقف هجماتهم في البحر الأحمر، والضغط على الجماعة من خلال الدبلوماسية المنسّقة متعددة الأطراف. غير أنه لا يوجد حل سهل لليمن، ولا بديل عن نهج إقليمي أكثر شمولا وتنسيقا.

كما أوصى التحليل واشنطن قائلا: يجب على الولايات المتحدة وشركائها التركيز على هدف قابل للتحقيق، حتى وإن كان صعبا وهو المضي قُدما في اتفاق تدعمه الأمم المتحدة يوفِّر ضمانات أقوى لأمن البحر الأحمر، وفرض قيود على أسلحة الحوثيين، وضمانات لتقاسم السلطة المحلية. يمكن أن يبدأ ذلك بإعادة تقييم الطرفين لاتفاق الأمم المتحدة المقترح الذي كان قيد التفاوض سابقا، وتعزيز شروط وقف إطلاق النار، وتعديل خطة التعويز المالي بحيث تستوعب تصنيف الحوثيين في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، ووضع ضمانات أقوى لدعم اتفاق تقاسم السلطة بين الحوثيين والقوات الحكومية.

ومع ذلك، فإن تحقيق أي من ذلك سيتوقف تماما على عمل إدارة ترامب مع حلفائها الخليجيين واليمنيين للاحتفاظ بخيار المواجهة في اليمن، ومواصلة ممارسة الضغط الاقتصادي والسياسي والعسكري على الحوثيين.

ورأى التحليل أنه إذا فشل اليمن في دعم تطوير صيغة محلية متوازنة لتقاسم السلطة، فلن تبقى مشاكل اليمن محصورة داخل اليمن.

تقارير

العالقون في الأردن.. من يتحمل مسؤولية استمرار معاناتهم؟

لا يزال نحو 80 مواطنا يمنيا عالقين في العاصمة الأردنية عمَّان، في انتظار عودتهم إلى الوطن، حيث ذكرت القنصلية اليمنية في عمّان أنه من المقرر نقل 35 مسافرًا، ليلة أمس الجمعة، ضمن رحلة لطيران اليمنية إلى العاصمة المصرية القاهرة.

تقارير

اتفاق التهدئة مع واشنطن.. ما ثمن الصفقة مع الحوثيين؟

في تطور مفاجئ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 6 مايو الجاري، عن التوصل إلى اتفاق تهدئة مع مليشيا الحوثيين في اليمن، التي قال إنها طلبت من إدارته وقف الهجمات ضدها، وتعهدت بعدم استهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.