تقارير
جريمة اغتيال افتهان المشهري.. شرارة فجرت غضبا شعبيا وسط فوضى أمنية
تحولت جريمة اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين في مدينة تعز، افتهان المشهري، إلى شرارة فجّرت غضبًا شعبيًا واسعًا وسط فوضى أمنية وتداخل في السلطات.
منذ أربعة أيام، والشارع يغلي، والمطالبات تتصاعد لكشف الجناة ومحاسبتهم، لكن ما يزيد المشهد تعقيدًا هو التوتر المتنامي بين الأجهزة الأمنية والسلطة المحلية من جهة، وقيادات عسكرية من جهة أخرى، في ظل اتهامات متبادلة قد تعرقل سير العدالة.
وعقب هذا التوتر، صدر بيان صحفي مشترك عن قيادة محور تعز وإدارة شرطة الأمن بالمحافظة، يؤكد الانسجام بين وحدات الطرفين لتعقّب كافة المتورطين في جريمة اغتيال المشهري.
- حالة تشظٍّ
يقول المحلل السياسي الدكتور عبد الوهاب العوج، إن ما جرى ويجري دليل على وجود تشظٍّ داخل محافظة تعز، من خلال وجود قوى عسكرية وأمنية متضاربة الأهواء، تتبع تشكيلات حزبية هي من أسّست لهذا التشظي في محافظة تعز واليمن عمومًا، منذ 2011 وحتى اليوم، وهو ما مكّن الحوثي من الدخول عبر هذه الشقوق والشروخ، ليستولي على الدولة ويدخل البلاد في عشرية سوداء.
وأضاف: ما حدث في تعز هو جريمة كبرى ونكراء، وكان الجميع يطالب بتشكيل قوة عسكرية مشتركة من اللواء 22 ميكا، واللواء 170، واللواء 35 ذي السمعة الطيبة، إلى جانب شرطة تعز والاستخبارات والشرطة العسكرية، لتمشيط هذا المربع الذي أصبح وكرًا للقتلة والمجرمين، منذ أحداث غزوان وأخيه صهيب المقتول، واستهداف رجال أمن، وقتل عناصر مهمة جدًا في المحافظة.
وتابع: هذه الجريمة من أبشع الجرائم التي وصلت إليها اليمن، وتشهدها مدينة تعز.
وأردف: أعتقد أن ناطق شرطة تعز، أسامة الشرعبي، أخطأ بإطلاق تلك التصريحات قبل التأكد، وعلى القوة الأمنية أن تستخدم قوة السلاح في حال عدم السماح لها بالدخول إلى أي موقع يُشتبه بوجود المجرم فيه.
وتساءل: لماذا حين تذهب حملة عسكرية إلى مواطنين بسطاء يتم استخدام السلاح والقوة النارية؟ نحن الآن أمام قضية رأي عام، وأمام مجرم؛ وإذا اشتبهت الحملة الأمنية في أحد المنازل ولم يتم السماح بدخول الشرطة النسائية للتفتيش بالتي هي أحسن، فعلى الحملة استخدام القوة العسكرية بدلًا من "الفسبكة".
وزاد: هذه "الفسبكة" أذهبت تعز إلى خبر كان. نريد قوة عسكرية تتولى المهمة، ويكونوا رجال دولة. وأين المحافظ، رئيس اللجنة الأمنية، مما يحدث؟
وقال: هذه البيانات المتضاربة تدل على وجود صراع حقيقي يُستخدم في غير خدمة أبناء تعز، ولا يخدم قضية الشهيدة افتهان المشهري.
وأضاف: هذه القضية يندى لها الجبين، وعلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي أن يتدخل بقوة، فهو كان مديرًا لأمن تعز ويعرف تفاصيلها جيدًا.
وتابع: تعز تحتاج إلى وقفة جادة حتى لا يستغل الحوثي ما يحدث، وتنتكس كما انتكست مناطق أخرى مثل البيضاء وغيرها.
- أبعاد متعدّدة
تقول رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة بمحافظة تعز، صباح عبد المجيد الشرعبي، إن هناك ترتيبات لتشكيل فريق من المحامين والمحاميات لمتابعة قضية افتهان المشهري في الجهات المختصة.
وأضافت: هناك أيضًا تحرك شعبي للضغط على الجهات الأمنية للقبض على القاتل أو القتلة، ونأمل أن تسير هذه الترتيبات بشكل قانوني صحيح، وألا نواجه العراقيل التي تواجهها مختلف القضايا.
وتابعت: بالنسبة لنا كمواطنين في تعز، فقدنا الثقة تمامًا بكل الجهات الأمنية والعسكرية داخل المحافظة.
وأردفت: هذه الجهات أصبحت، للأسف، جزءًا من المشكلة، وأصبحت على مر السنوات السابقة غطاءً رسميًا للقتلة والمتهبّشين وقطاع الطرق.
وزادت: الجميع يعرف أن من يعتدي أو يقتل يلجأ إلى هذه الألوية والمعسكرات لحمايته. فقدنا الثقة تمامًا بهذه الجهات الأمنية، لأنها لم تظهر مصداقية أو جدية، وأصبحت تتعامل بمرجعيات ولاءات لأشخاص وجهات معينة.
وقالت: المواطن في تعز هو آخر اهتمامات هذه الجهات، للأسف الشديد.
وأضافت: قضية الشهيدة افتهان حملت أبعادًا عديدة في محافظة تعز.
أولًا: البعد الإنساني، والمتمثل في الصدمة الكبيرة التي تلقاها المجتمع، فالجريمة كانت طعنة لكرامة المرأة بشكل خاص، ولتعز واليمن بشكل عام.
ثانيًا: البعد الاجتماعي، حيث أثارت الجريمة غضبًا واسعًا وحراكًا شعبيًا غير مسبوق في المدينة، لأنها طالت امرأة، مما زاد من الاحتقان، وكشف حجم المخاطر التي تواجهها النساء في تعز وسط بيئة غير مستقرة وغير آمنة.
ثالثًا: البعد القانوني، إذ أصبحت القضية مطلبًا رئيسيًا لمحاسبة الجناة، وإقالة قادة الألوية العسكرية، وإنهاء حالة الانفلات الأمني، وضبط مرتكبي الجرائم والمخلّين بأمن المدينة واستقرارها.
رابعًا: البعد السياسي، حيث عكست الجريمة حالة الانفلات الأمني في تعز، وكشفت هشاشة المؤسسات الأمنية وارتهانها للولاءات والجماعات، وعجزها عن حماية المواطن في المحافظة.