تقارير
في ذكرى رحيل السِّمة.. الفنان والمناضل الذي مات غدرا وترك إرثاً لا يمكن نسيانه
تحل اليوم الذكرى الـ38 لرحيل الفنان والملحن والمناضل علي عبدالله السِّمة، صاحب الصوت الشجي والأغاني العذبة، الفنان الذي احتل مكانته بين روّاد الأغنية اليمنية الكبار ث، وساهم بإحياء التراث مؤدياً ومجدداً، وصاحب طريقة خاصة.
رغم الانتكاسة، التي مُنيت بها الأغنية اليمنية والجمود الذي لازمها في ظل حكم الأئمة، إلا أن السِّمة حاول الإفلات من قبضة التقليد وجدد في الأغنية اليمنية، كما تشهد بذلك أعماله الغنائية التي أبدع في تليحنها، كأغنية "نظرة منك"، و"شاهيم طول الليالي"، و"حبيبي هجرني"، وغيرها.
نشأ السِّمة في بيئة تجرِّم الموسيقى، لكنه كأي فنان متمرداً على التقليد كان له دوره في الحياة السياسية والنضالية كواحد من جيل خرج منتصراً في حصار السبعين، متجاوزاً ذلك المحيط المتلاطم من الثورات والثورات المضادة.
إلى جانب فنّه كمطرب، كان السِّمة شاعراً وملحناً، كتب القصيدة الغنائية، ولحّنها، وأبدع في ذلك، لكنه مات غدراً، تاركاً إرثاً لا يمكن نسيانه.
- مدرسة فنية ونضالية
وفي هذا السياق، يقول الإعلامي عبدالله الحرازي: "إن الفنان علي السِّمة يعد مدرسة فنية بذاته، كما أنه إحدى سِمات عصره، وهو العصر الذي مثّل الفن الثوري الجمهوري".
وأضاف الحرازي، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس"، مساء أمس، أن "السِّمة جسّد مع كل جيله من الروّاد صدق الفنان وإخلاصه لقِيم الحق والجمال، وذلك من خلال الانحياز لقضايا شعبه وتطلّعاته في أحلك الظروف".
ويوضّح الحرازي "أنه -في الوقت الذي برز فيه الدور النضالي للسياسيين والعسكريين إبان حصار السبعين- كان للفنانين كذلك دورهم النضالي المهم، كون الباعث على الثورات يكون باعثا فكريا وفنيا".
ويرى الحرازي أن "هناك تجاهلا لجيل الروّاد ثقافيا وفنيا، ودورهم في الثورة، والوقوف على الرموز السياسية والعسكرية فقط".
وينّوه الحرازي أن "السِّمة كان مدرسة بالثقافة، ومرابطا على ثغر الفن، كما كان وأمثاله من الروّاد على قدر المسؤولية في عملية الانتقال بشعبهم من دياجير الكهنوت والتخلّف والخرافة إلى رحاب الفكر والفن الجمهوري والإنساني كذلك".
ويفيد أنه "حينما استعادت الملكية بعض أنفاسها، كان لا بد من إيقاظ المارد اليمني، وبث مزيد من الزخم الثوري المتمثل بحضورهم الثوري عبر الأثير، وكذلك حضورهم مع ثوار سبتمبر في الجبهات، والسِّمة كان واحداً من هؤلاء الذين حضروا الجبهات بأجسادهم مع بقية الرفاق".
وبخصوص الكيفية التي استطاع السِّمة من خلالها مقاومة عملية التجريم للفن في النظام الإمامي والقبلي، يعتقد الحرازي أن "جيل السِّمة حمل عبء نقل شعبه إلى الحضارة مرّة أخرى بعد التخلّف والكهنوت التي كانت تحرِّم الحياة بكل تفاصيلها، وليس الفن فقط".
ويضيف أن "السِّمة وأمثاله جابهوا المنظومة الكهنوتية بشكل عام، كما أنهم أعادوا تعريف الفن والثقافة للمجتمع اليمني كما تعرفه المدارس الفكرية، وقدّموا نموذجا في إعادة صياغة الذائقة والفكر اليمني بشكل عام".
- ملاحم عظيمة
بدوره، يقول المصور الفوتوغرافي والمدير التنفيذي لمؤسسة "الهوية" اليمنية، عبدالرحمن الغابري: "إن الحركة الفنية في اليمن خسرت برحيل الفنان السِّمة فناناً يعد من أعظم فناني اليمن".
ويضيف الغابري أن "السِّمة كان صاحب ملاحم عظيمة، كما أنه كان مثقفا وملحِنا ومبدعا بارعا، برز في زمن كان يعد فيه الفن محرّما في اليمن".
ويفيد الغابري أن "السِّمة تأهّل ودرس في الخارج، كما أنه كان مؤلفا وشاعرا في نفس الوقت".
ويوضح الغابري أن "السِّمة كان لا يختار في غنائه إلا النصوص الشعرية البديعة والجميلة لمطهر الإرياني وعباس المطاع".
وبشأن جمع السِّمة بين العمل العسكري والفن، يفيد الغابري أن "السِّمة كان ينتمي إلى العمل العسكري انتماءً، كونه تخرج عسكرياً من روسيا، ولكنّه كان ربّما في مجال الإعلام العسكري فقط".
ويؤكد الغابري أن "الفنان السِّمة كان كتلة من النشاط لا يتوقّف، وكان موهبة خارقة وجميلة، إلى جانب أنه إنسان كريم الأخلاق والنفس".
ويفيد أن "السِّمة استطاع أن يجمع بين كل الأعمال الفنية والأدبية براحة تامة"، مضيفا أنه "كان يتأمل ويكتب القصيدة ويلحِنها ويغنيها في نفس اليوم".
وعن وفاة الفنان السِّمة الغامضة، يؤكد الغابري أن "وفاة السِّمة لم تكن طبيعية بل تم اغتياله"، موضحا أن "السِّمة تعرّض للطعن على يد أحد الأشخاص الذين كان الفنان السِّمة يُحسن إليه ويساعده".