تقارير

نهب وتدمير آثار تعز.. تغييب لذاكرة البلاد وسرقة لتاريخها

01/10/2020, 13:51:06
المصدر : قناة بلقيس - خاص - هشام سرحان

تعرضت الآثار والمواقع الأثرية في تعز منذ العام 2015 لهجمة شرسة تنوعت أساليبها ما بين النهب والقصف والتفجير والنبش والعبث، ما ألحق دماراً مرعباً بتلك المعالم المنهكة بعوامل التعرية و الإهمال المتعاقب على مدى عقود .

وتكالبت عليها صواريخ وغارات طيران التحالف السعودي الإماراتي وقصف مليشيا الحوثي ونهب وتخريب الجماعات المتطرفة إلى جانب عبث المواطنين وسطوهم المستمر عليها.
وتعيش اليوم  وضعاً بالغ السوء في مشهد يبعث على الوحشة في نفس الزائر أو المقيم،  و يثير دهشته وهو يتطلع إلى تاريخ مسروق و ذاكرة بلاد مغيبة و ملامح ماض قد طمست ولم يتبق منها سوى بقايا شجون تلوح في أفق مكان صار بلا هوية.

وطال دمار وخراب الحرب والتجاهل المتعمد  في مختلف أنحاء البلاد عشرات المعالم  التاريخية و المدن الأثرية القديمة والتي يقدر عمرها بمئات وربما بآلاف السنين.
وألحقت سيول الأمطار التي شهدتها عدد من المناطق أضراراً بليغة بعدد من المواقع الأثرية، ما دفع بالحكومة الشرعية إلى توجيه نداء استغاثة لإنقاذ تلك المواقع.
وتتوارى الكثير من شواهد الحالمة بعد أن كانت غنية بمعالمها وقبابها ومآذنها ومدارسها وقلاعها وحصونها ونوباتها وسواقيها وطرقها القديمة وأضرحتها التي شكلت روح اليمن وتعز الأصيلة وجمالها المعتق وذلك منذ أمد بعيد.   
وتشارف آثارها على الاندثار وفقاً لباحثين أكدوا  لموقع "بلقيس" أنها لن تصمد كثيراً  وستكون أثراً بعد عين خلال الأيام القادمة.

تاريخ معاق

وبذلك تبارح هذه المنطقة الجغرافية الواقعة وسط البلاد ماضيها وإرثها التاريخي والذي يعود لحقب زمنية قديمة ومهمة، كما يحتل مكانة كبيرة لدى اليمنيين ومعشر الدارسين والمهتمين والسياح.
وهنا قد يتساءل البعض كيف حدث ذلك?.. فتأتيه الإجابة من مصادر رسمية قالت إن الحرب الدائرة  في المدينة قد أثرت بشكل كبير على مواقع التراث الثقافي بما فيها  متحف تعز الوطني والذي تعرض لقصف حوثي أدى إلى تدمير عدد من مبانيه وملحقاته، ما مكن لصوص  الآثار من دخوله ونهب محتوياته.
ويقف المتحف اليوم على نصف تاريخ وبجسده المعاق يروي حكاية غير مكتملة عن ماض كان مكتملاً و حاضر  أضحى مجتزأ ومنقوصاً.


وتمكن وهو واجهة المدينة الأول ووجهة الزوار الهامة من  استعادة عدد من القطع الأثرية بعضها هامة وأخرى تنتمي للموروث التقليدي، والحديث هنا لمدير مكتب الأثار في المحافظة رمزي الدميني، وهو ذاته مدير المتحف والذي أوضح تمت استعادة  50% من القطع الهامة والنادرة، وهناك 50 % من التحف الأخرى  مازالت مفقودة .
ويعيش المتحف حالياً وضعاً سيئاً مع محتوياته والتي تحتاج  إلى ترميم وصيانة وتخزين سليم، وذلك خلافاً للتخزين الحالي والذي يعتبر غير نموذجي ولا يتوافق مع المعايير المتعارف عليها  في متاحف المحافظات والدول الأخرى حسب الدميني.
ويفتقر للكثير من المتطلبات أهمها تأهيل مخزن وفقاً لمعايير علمية، و عمل رفوف، وشراء خزانات و جهاز لإمتصاص الرطوبة، وغيرها من المستلزمات للحفاظ على الآثار.

و تتداعى القطع الأثرية وهي حلقة وصل بين الماضي والحاضر، و تشكل تاريخ البلاد طبقاً  للدميني الذي يرى فيها سلسلة متواصلة من حلقات التاريخ، والتي يعد فقدان أي منها نزعاً لحلقة من التاريخ وغياباً لجزء منه.

مساعٍ

وتتطلع  عاصمة الثقافة نحو استعادة تاريخها المسلوب وهويتها وكينونتها ورمزيتها وموروثها وتراثها وإرثها الثقافي والحضاري.
وتعمل جهات رسمية فيها على استعادة الآثار المنهوبة وإرجاعها إلى المتحف الوطني، وهي مساع تقوم بها الهيئة العامة للأثار بالتنسيق مع الجانب الأمني.  
في إطار ذلك تبقى الهيئة على تواصل مستمر مع منظمات المجتمع المدني المعنية بالآثار  بينها اليونسكو والتي يتم موافاتها بالتقارير وتفاصيل القطع المفقودة.

ويوضح  الدميني: نحن في صدد المصادقة على التقرير النهائي الخاص بالآثار المفقودة في المتحف، وذلك بالتزامن مع قيام هيئة الآثار برفع الفصل الأول منه  إلى  وزارة الثقافة وهي بدورها قامت بموافاة منظمة اليونسكو به.
وترجع الآثار المنهوبة  في اليمن عموماً ومحافظة تعز خصوصاً إلى حقب زمنية  مختلفة أبرزها، وفقاً للباحث في الآثار منير طلال: الحميرية والسبأية والقتبانية والعصور الإسلامية المختلفة  كالعصر الأيوبي و الرسولي والعثماني.
وتتواجد تلك المعالم في أنحاء متفرقة من  المدينة وأريافها، بينها جبل صبر والمخا والتربة والمقاطرة، وتمثل الإرث الحضاري للمحافظة، وفقاً لطلال، والذي شدد على أهميتها الكبيرة بالنسبة للباحثين و الأهالي كونها تمثل تاريخهم وعمق حضارتهم على مر العصور.

تدمير مرعب

ويذكر: تعرضت الآثار والمواقع الأثرية في تعز لتخريب مرعب جداً ومتعمد في حالات كثيرة، وينسب بعضه لجماعة أبو العباس المتشددة والمدعومة إماراتياً والبعض الآخر لباقي  أطراف الصراع.
ويعتقد طلال أن تلك الممارسات تمت بقصد نهب تلك الأماكن من قبل عناصر تابعة للقيادي السلفي عادل عبده فارع (أبو العباس) والذين أقدموا سابقاً على نبش وتفجير قبة عبد الهادي السودي والتي بناها العثمانيون إلى جانب قبة الطفيل والحرازي العائدتين إلى عهد الدولة الرسولية فضلاً عن نبش وإزالة مقبرة الملوك في المدرسة الاتابكية، وهي المعلم  الأيوبي الوحيد في تعز.


وتم نبش وإزالة قبور وأضرحة الملك عمر بن نور الدين الرسولي مؤسس الدولة الرسولية، وقبر الملك المظفر يوسف بن عمر الرسولي ثاني ملوك الدولة الرسولية، وقبر الأتابك سنقر الأيوبي وهو مؤسس  المدرسة الأتابكية.
وشدد طلال على أهمية تلك القبور والتي ينبغي أن تكون مزارا كونها من أعظم الآثار المهملة في تعز.
وأشار إلى تعرض مواقع أثرية أخرى للعبث والنهب من قبل المواطنين والذين أقاموا حارة بأكملها  على أنقاض المدرسة المؤيدية الواقعة  أمام قلعة القاهرة التاريخية، كما تكاد تختفي المدرسة المظفرية الواقعة في المغربة وعلى مقربة من القلعة ذاتها ولم يتبق منها سوى جدارين ليس لهما أية حماية.

تدمير التحالف الممنهج

ولم تتوقف الهجمة الشرسة على آثار تعز عند هذا الحد فدول  التحالف العربي لدعم الشرعية قد شنت حملة ممنهجة ودمرت الكثير من المواقع الأثرية في الوقت الذي كان من الممكن تفادي ذلك، طبقاً لطلال، والذي أكد  أن السعودية والإمارات قد أسهمتا بشكل فعلي  في هذه الممارسات ودمرتا قلعة القاهرة عقب الاستيلاء عليها من قبل الحوثيين.
وتعد القلعة الواقعة في منتصف جبل صبر من أقدم المعالم في اليمن، ويزيد  عمرها عن ألف عام.
واستهدفها  التحالف بعدة غارات وصواريخ دمرت النوبة ودورين في الأسفل وحمام بخاري يعود للدولة الأيوبية والرسولية، وهي مرافق  تشكل تاج القلعة حسب طلال.

ويتابع: ثلاثة أدوار انتهت مع كثير من المباني  المحيطة بالقلعة فضلاً عن استهداف قصر صالة والذي يعود للحقبة الإمامية بالصواريخ ليصبح أثرا بعد عين.
ويعكس ذلك مدى الحقد الدفين على الإرث التاريخي والثقافي والحضاري للبلاد وتعز والتي تم تدمير أثارها رغم أنها تشكل ذاكرة هذه المحافظة وجمالها وروح الإنسان اليمني الأصيل.

وضع كارثي

ويصف طلال وضع الأثار بالكارثي في ظل غياب الرعاية  والاهتمام من قبل السلطة المحلية والحكومة وغيرهما من الجهات.
ويتوقع نهاية قريبة لتلك المعالم،  مؤكداً أنها لن تصمد أكثر، وقد تندثر في الأيام المقبلة ولن نرى لها أي أثر.


وينخر الإهمال في جسد الكثير من المواقع الأثرية بينها قصر الزاهر الموجود في منتصف جبل صبر ويرجع لاحد الملوك الرسوليين، حسب رواية طلال، والذي لفت إلى أن الإهمال التام يطال أيضاً  أكثر من موقع أثري و استراحة ونوبة حيث لا يوجد لها سياج أو حراسة، و تم البناء فوقها وحولها ونهب أحجارها.
ويأمل في الاهتمام بها وترميم عدد منها كقبة السودي، والحسينية، والسواقي القديمة، وبقايا الطرق القديمة، والقصور والقلاع بما فيها قلعة القاهرة التي تعاني إهمالاً شديداً.

تقارير

هل تُنهي التغييرات الحكومية أزمة انهيار العملة في اليمن؟

بالتزامن مع استمرار تدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، ناقش المجلس الرئاسي اليمني في اجتماع له بالعاصمة السعودية الرياض، مستجدات الأوضاع الاقتصادية والخدمية، دون الإعلان عن اتخاذ إجراءات للحد من التدهور المتسارع للعملة.

تقارير

لقاءات دبلوماسية مكثفة.. هل ما زال الوقت متاحًا لحل أزمة اليمن من خلال التحركات السياسية؟

في ظل التصعيد الأمريكي ضد ميليشيا الحوثي، تجري على الجانب الآخر لقاءات سياسية ودبلوماسية، تعكس ربما رغبة الأطراف في تنشيط المسار السياسي لحل الأزمة في اليمن، حيث عقد وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، لقاءً مع نظيره العُماني، لبحث التطورات الجارية في المنطقة، والمتصلة بالقضايا الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة لمعالجتها.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.