تقارير

وصمة المجتمع وظروف الحرب.. كارثتان تفاقمان معاناة مرضى الصرع في اليمن

25/05/2023, 06:19:38

لا تتوقف الآثار الكارثية للحرب في اليمن والمستمرة منذ نحو 8 أعوام عند شريحة واحدة من المجتمع ولكن تبعاتها طالب جميع الفئات تقريبا لا سيّما تلك التي تشمل أشخاصاً يعانون أمراضاً مزمنة وفي مقدمتهم المصابون بالصرع . 

قبل نحو خمسة أعوام، أصيبت هدى محمد بنوبة الصرع الأولى في حياتها، عندما كانت تبلغ من العمر 25 عاماً، وراحت حالتها الصحية تتدهور بعد ذلك نتيجة فقدان الأدوية الخاصة بالصرع وارتفاع أسعارها في حال توفّرت، على خلفيّة الحرب الدائرة في البلاد. 

 تتفاقم الحال بسبب المعتقدات الخاطئة في المجتمع اليمني الذي يرى أنّ هذا المرض ناتج عن "سحر" أو "مسّ شيطاني". 

ظروف الحرب  

تقول هدى وهي اليوم أمّ لثلاثة أطفال، أنّ "معاناتي مع المرض تفاقمت من جرّاء النقص في الأدوية المدعومة حكومياً وارتفاع أسعار الأخرى في الصيدليات الخاصة في حال توفّرت".  

تضيف أنّ "المرض عزلني عن المجتمع، ولم أعد أستطيع الخروج من المنزل مثلما كنت أفعل من قبل، ولا حضور الأفراح والمناسبات الأخرى، ولا إمضاء وقت مع نساء الحيّ، خوفاً من إصابتي بنوبة صرع مفاجئة تفقدني السيطرة على نفسي وتعرّضني للإحراج".  

وتؤكد هدى أنّها لا تغادر منزلها "إلا للضرورة، وبصحبة زوجي أو شقيقي. هما يعرفان كيف يساعدانني في حال أصبت بنوبة محتملة"، موضحة أنّ "النوبة قد تصيبيني في أحد الشوارع العامة، الأمر الذي قد يعرّضني إلى حادثة مرور أو غير ذلك". 

المرض نفسه كان سبباً في حرمان السلطان الحاج الذي يبلغ اليوم 30 عاماً من وظيفة حكومية تضمن له دخلاً ثابتاً أسوة بغيره.  

يقول الرجلى" أصبت بالمرض عندما كنت طفلاً، وأنا ملتزم بالعلاج الطبي المنتظم منذ ذلك الحين، أملاً في الحفاظ على استقرار حالتي".  

يضيف: "بعد تخرّجي من الثانوية العامة، حاولت الالتحاق بالسلك العسكري، غير أنّ مرضي حال دون ذلك، فرحت أعمل في القطاع الخاص لفترة من الزمن. لكنّ إصابتي بنوبات صرع من حين إلى آخر، في أثناء العمل، تسبّبت في إقالتي". 

 ولا يخفي الحاج أنّه يعاني كذلك من "ضائقة مالية، فبالإضافة إلى كوني بلا عمل، أنا مطالب بتوفير مال لشراء الأدوية الخاصة، علماً أنّ أسعارها مرتفعة". 

 ويشير إلى أنّ "من هو مثلي لا يجد صعوبة في الحصول على عمل فحسب، بل كذلك في الزواج وتكوين أسرة". 

وصمة المجتمع   

وتتضاعف معاناة مرضى الصرع في المناطق الريفية والنائية باليمن، نتيجة عدم توفّر مراكز وعيادات متخصصة لعلاج الأمراض العصبية هناك، الأمر الذي يدفعهم إلى الانتقال إلى صنعاء. 

 محمد يحيى يبلغ من العمر تسعة أعوام من بين هؤلاء، وهو من ريف محافظة المحويت، غربيّ البلاد. 

 يقول والده يحيى: "ننتقل إلى صنعاء بين الحين والآخر لنعالج ابننا في إحدى العيادات الخاصة، على الرغم من الأوضاع الاقتصادية السيّئة التي نمرّ بها، من جرّاء استمرار انقطاع راتبي الحكومي منذ نحو ثلاثة أعوام". 

 ويشير يحيى إلى أنّ "ثمّة جمعيات خيرية كانت توفّر أدوية الصرع لطفلي، لكنّها توقفت عن ذلك قبل عامَين بشكل مفاجئ"، معبّراً عن أمله في إنشاء مراكز متخصصة بعلاج الصرع في المحافظات وتوفير الأدوية للمرضى مجاناً.  

ولا يخفي يحيى أنّه "سبق أن لجأت إلى بعض المعالجين بالقرآن لمعالجة ابني، وقد نصحني كثيرون بذلك في محافظة ذمار بعد شكوك بأنّه مصاب بالسحر أو العين. لجأنا مراراً إلى ذلك لكنّ ذلك لم يغيّر شيئاً". 
 
في السياق، تقول المتخصصة الاجتماعية والنفسية هند ناصر إنّ "ثمّة أسراً تحاول إخفاء إصابة أبنائها بمرض الصرع، خوفاً من الوصمة المجتمعية.  

كثيرون هم اليمنيون الذين يملكون مفاهيم خاطئة حول هذا المرض، ويعدّون المصاب به واقعاً تحت تأثير السحر والشعوذة أو مريضاً نفسياً، وهذا ما يزيد من معاناة المرضى ويقلل من فرص نجاح علاجاتهم". 

 وتطالب ناصر "السلطات الصحية في البلاد بإنشاء مراكز متخصصة لعلاج مرضى الصرع، والعمل على دمجهم في المجتمع، بالإضافة إلى تنفيذ حملات إعلامية لتوعية المجتمع حول طبيعة المرض وكيفية التعامل مع نوبات الصرع المفاجئة التي قد تحدث في أيّ وقت ومكان". 

 وتؤكّد ناصر أنّ "أوضاع مرضى الصرع في اليمن زادت سوءاً في خلال الأعوام الماضية من جرّاء الحرب". 

تقارير

ضغوط نزع سلاح المحور الإيراني.. هل تفجر حربا إقليمية جديدة؟

تتزايد الضغوط الدولية والإقليمية لنزع سلاح المليشيات الطائفية التابعة لإيران، بدءًا بحزب الله اللبناني، ثم مليشيا الحشد الشعبي في العراق، وأخيرا مليشيا الحوثيين في اليمن، حيث كشفت مصادر مقربة من الحوثيين أن السعودية والولايات المتحدة الأمريكية تضغطان لتعديل خارطة الطريق التي كانت قد توصلت إليها الرياض ومليشيا الحوثيين بوساطة عمانية، وذلك بإضافة تعديلات تتضمن نزع سلاح الحوثيين.

تقارير

استمرار انتهاكات مليشيا الحوثي ضد المنظمات الأممية.. الأبعاد والنتائج!

بعد ساعات من مداهمة مسلحي مليشيا الحوثي لمكاتب خمس منظمات دولية بينها الإغاثة الإسلامية وأطباء بلا حدود، اقتحم مسلحون آخرون تابعون للمليشيا مقر منظمة أوكسفام في صنعاء، وصادروا أجهزة وأصولًا تابعة للمنظمة، إضافةً إلى احتجاز عدد من الموظفين.

تقارير

كيف حولت مليشيا الحوثي شركة يمن موبايل إلى غنيمة مالية وأداة قمع؟

تشهد شركة «يمن موبايل»، كبرى شركات الاتصالات في اليمن، انهياراً غير مسبوق في بنيتها الإدارية والمالية والفنية، بعد أن أحكمت مليشيا الحوثي قبضتها عليها وحوّلتها إلى مصدر تمويل ضخم يخدم أجندتها السياسية والعسكرية، وفق مصادر مطلعة في صنعاء.

تقارير

تصريح وزير الخارجية يفتح النقاش ويثير الجدل.. رسالة سياسية أم موقف حكومي موحد؟

قبل أيام، قال وزير الخارجية إن مهمة الحكومة هي العمل على قضايا اليمنيين بشكل عام، وإنها لا تتعامل مع مسائل لا وجود لها على أجندتها، وعلى رأسها تلك المتعلقة بما يُسميه المجلس الانتقالي "حل الدولتين".

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.