تقارير

يوم النكبة 21 سبتمبر.. ما الذي أحدثه انقلاب مليشيا الحوثي في بيئة المجتمع اليمني؟

22/09/2025, 12:23:10

الحادي والعشرون من سبتمبر 2014، اليوم الذي تغير فيه وجه اليمن، والذي يصفه اليمنيون باليوم المشؤوم أو يوم النكبة الذي فتحت فيه أبواب الجحيم عليهم، بانقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة، وخسروا فيه أرضهم وجمهوريتهم وسلامهم، وصارت البلد رهينة شعارات طائفية، وتحولت السيادة إلى ورقة في صراع إقليمي ودولي.

منذ ذلك اليوم، مارست ميليشيا الحوثي بحق اليمنيين كل الشرور، وارتكبت كل ما أمكنها من الجرائم، من قصف للمدن بالصواريخ وإعدامات ميدانية بحق المعارضين واستقدمت التدخلات الأجنبية التي حولت اليمن إلى ساحة حرب أمريكية بريطانية إسرائيلية، وإيرانية، وجوعت اليمنيين وخوفتهم وحاصرتهم ومنعت تصدير النفط.

اليوم بعد 11 عاماً على الانقلاب يقف المواطن اليمني مذهولاً أمام الركام، متسائلاً ما الذي تبقى من الدولة؟ ومن المسؤول عن تمزيق البلد؟ وما الذي أحدثه هذا الانقلاب في بيئة المجتمع اليمني ومؤسساته؟

في هذا اللقاء على قناة بلقيس، يكشف الكاتب والباحث اليمني زايد جابر عن الأسباب التي أتاحت الفرصة للإمامة بنسختها الحوثية للانقلاب على الدولة والجمهورية، وما نتائج هذا الانقلاب على اليمنيين طيلة 11 عاماً؟

- غفلة النخب

يقول الكاتب والباحث اليمني زايد جابر، إن وضع اليمن اليوم لا يحتاج إلى شرح أكثر مما تنقله وسائل الإعلام، ومما يعيشه الناس.

وأضاف: ربما ما يعانيه الناس منذ انقلاب ميليشيا الحوثي هناك أكثر مما تلتقطه وسائل الإعلام، ومما نتحدث عنه نحن، ومما يتحدث عنه غيرنا.
وتابع: 11 عاماً بمعيار الزمن ليست طويلة، لكنها أعادتنا أكثر من نصف قرن إلى الوراء، 11 عاماً مأساة كبيرة عاشتها اليمن ولا تزال، والمشكلة أن الوضع ليس إلى هنا وكفى حتى نستطيع أن نقيم تجربة 11 عاماً من عمر اليمن.

وأردف: لا يزال الحدث مفتوحاً، ولا تزال تداعياته مفتوحة، ولا تزال كارثيته تتبدى يوماً بعد يوم، وربما الذين ظنوا أنهم سيصفون حسابات أو كانوا غير مبالين، لم يكن يخطر على بالهم أن مجيء هذه الحركة الظلامية من الكهوف سيغير وجه اليمن، ووجه التاريخ والجمهورية.

وزاد: أنا أتذكر حين كنا نتحدث عن مخاطر الحوثية قبل سقوط صنعاء، وأنها إمامة وستعيد الإمامة، كان كثير حتى من المثقفين للأسف يسخرون منا، ويقولون أنتم تبالغون.

وقال: قالها لي ذات مرة أحد المثقفين وهو من ضمن قيادات الدولة، وهو ضد الحوثي، لكنه قال لي، لا يوجد إمامة إلا في رؤوسكم وأن الزمن لا يعود إلى الوراء وهذه إحدى الإشكاليات التي جاءت منها هذه الحركة الإمامية، أن الناس نسوا الإمامة وظنوا أنها أصبحت ذكرى تاريخية موغلة في القدم، ولا يمكن أن تعود في هذا العصر، ولا يمكن أن يجرؤ أحد على التكلم بها.

وأضاف: كانت هناك حالة من الاستخفاف لما قد يعمله الحوثيون عندما يأتون إلى السلطة، فمثلاً في تلك الفترة لم يأتِ الأمر اعتباطاً في يوم وليلة، الإشكالية أن القوى الجمهورية وصراعاتها البينية أنستهم شيئاً اسمه الخطر الإمامي، والبعض كان يظن أنه أسرة ملكية، تم استبعادها وانتهى بيت حميد الدين، بالحرب التي كان يطلق عليها بالحرب الجمهورية الملكية، وهذا من الجهل بالإمامة وبتاريخها وخطورتها.

وتابع: مثلاً تمثيل الحوثيين على أساس أنهم ضمن الأحزاب والتيارات السياسية، وهو جماعة ميليشياوية مسلحة، فلو قلنا مثلاً هل يمكن لتنظيم القاعدة أن يشارك في مؤتمر الحوار؟ الكل سيقول لا، لأنها جماعة إرهابية تقتل ومعها سلاح، وعليها أن تتخلى عن السلاح وتؤمن بالدولة، وبعدها تشترك، لكن ما الفرق بينها وبين الحوثيين؟

وأردف: كان الحوثي يتحرك في ذلك الحين، في مارس 2011 أسقط صعدة بيده، ونسف بيوتاً بالكامل، وقتل فيها العشرات، ومع ذلك لم يلتفت أحد، ثم بدأ يتحرك إلى حجور ثم إلى الجوف، حينها كانت النخبة السياسية ومعها المبعوث الأممي جمال بن عمر، والمجتمع الدولي، يتعاملون مع الحوثي كحركة سياسية، فأي غفلة هذه؟

وزاد: كان أقل الشروط إن لم يكن نزع سلاحه مع أن هذا كان أمراً ضرورياً، حتى يدخل الحوثي الحوار الوطني، على الأقل يتوقف عن العمل العسكري وإسقاط المناطق بالقوة.
وقال: انقلاب الحوثي هو انقلاب على منجزات اليمنيين خلال 100 عام، وانقلاب على الجمهورية، وعلى الكرامة وعلى كل مكتسبات اليمنيين.

- 11 عاماً على النكبة

في هذا السياق يقول الكاتب والباحث اليمني زايد جابر، لم يلحق النسيج الاجتماعي اليمني، ووحدة اليمن وإرثه وتاريخه أضرارا كما ألحقت به الحركة الحوثية، ولا تزال.
وأضاف: لو كان مجرد انقلاب عسكري، الناس سينسونه، وسيقولون فليذهب الضعيف إلى الجحيم، وجاء القوي ونحن معه، لكن هذا يختلف، فمثلاً: رغم أن بذور المطالبات بالانفصال في الجنوب كانت من سابق، لكن بقاء الحركة الحوثية ووجودها، وما ارتكبته من جرائم في حق الجنوب، عزز النظرة الانفصالية، بل وأعطاها مشروعية، وأنه لا يمكن أن يتوحدوا مع مثل هؤلاء.
وتابع: لهذا كان الزبيري رحمه الله عليه، قبل قيام ثورة 26 سبتمبر، قد كتب كتيبه العظيم الذي هو صغير الحجم كبير الفائدة، بعنوان "الإمامة وخطرها على وحدة اليمن".

وأردف: الفكرة الحوثية هي فكرة عنصرية، لأنها تقوم على نظرية الاصطفاء لسلالة، ووجود هذه الفكرة وترسيخها اليوم في الإعلام وفي المناهج وفي الكتب الحوثية، على أهم مكتسبات الشعب اليمني في المساواة، وأثارت ولا تزال تثير أحقاداً وتقسيمات في المجتمع، بل هي وتلحق أضراراً حتى بالهاشميين أنفسهم، الذين أصبح الناس ينظرون لهم بأنهم يرون أنفسهم أنهم أحق وأكبر منهم، ويرون ذلك حتى في توزيع المناصب بسلطة الحوثيين.

وزاد: عند الحوثي يرى أن هؤلاء الذين اصطفاهم الله، أي الهاشميين، هم مقدمون في كل شيء، يعني حتى يقولون إذا تقدم اثنان لوظيفة عامة، يقدم من هو من آل البيت الهاشمي، كما يزعمون.

وقال: جرت هناك حادثة في معهد القضاء عندما رفضوا الكثير من المتقدمين وقبلوا من هم من آل البيت، لذا في المقابل ذات يوم ستأتينا نحن النزعة التي تجرد الهاشميين - حتى مع أننا لا نحب ذلك ولا نسعى له ولا نقره ونحن كل ما طلبناه هو المساواة التي يرفضها هؤلاء- لكن يقال لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الاتجاه.

وأضاف: سيأتي هذا اليوم وقد أتى من يقول هؤلاء ليسوا يمنيين، ويجب أن نجردهم حتى من جنسياتهم، وفي هذه الحالة والكبت والظلم والقتل والدمار الذي حدث لا يدري أحد كيف ستكون النهايات، فربما تكون هناك جرائم لا يتخيلها أحد.

وتابع: من الناحية المذهبية، الحوثيون يريدون فرض مذهبهم، وهو مذهب أقلية، وهو فكر يتغير، ومنذ سيطرتهم على صنعاء قد تبدلت الأرض غير الأرض في المناطق الشمالية، التي كانت زيدية، حيث كانوا يقيسون ذلك من خلال الذين يصلون تراويح في رمضان، فهؤلاء يعتبرونهم أنهم خرجوا من الزيدية، أو الذي يؤذن ولا يقول "حي على خير العمل"، الذي يصلي وهو يضم، ولا يسربل، هذه الشعائر التي يرونها شعائر سياسية للحفاظ على المذهب، وهم ينظرون إليها كذلك.

وأردف: لهذا كانوا في كل منطقة يصلون إليها يفرضون الأذان بأذانهم لترسيخ هذه الفكرة بالقوة، والناس تعلموا ودخلوا.
وزاد: بعد قيام الجمهورية، الدولة لم تتدخل في ما يتعلق بالشأن المذهبي الفردي، وما يتعلق بالشأن العام كان لدينا البرلمان، هو من يقر القوانين وكان يأخذ بالأرجح من أي مذهب، وفي التعليم العام تم طمس قضية المذهبية، كان الطالب يتخرج لا يدري أيش المذهب الذي ينتمي إليه، وهذا كان يثير فيهم أحقاداً كبيرة، لكن هم الآن يفرضون ذلك بالقوة.

وقال: مثلاً قضية ما يسمونها الولاية، وكيف يحاولون فرضها بالقوة على الناس وأن الذي لا يحتفل هو معادي للنبي، مع أن الشعب اليمني لا يعرف قضية الولاية، ولا يعرف قضية الموالاة لمن أمرنا الله كما يقولون بتوليه.

وأضاف: حتى الاحتفال بالمولد النبوي والاحتفالات التي لم يعرفها الناس، والاحتفال في المولد النبوي الذي كانت تعرفه بعض المناطق كغيرها من العالم الإسلامي، كانوا الناس يحتفلون به بمحاضرة ليلة المولد، أو كلمة الصباح في طابور الصباح، تلقى عن أخلاق النبي وقيمه وعن سيرته، ودرس في المسجد والسلام ختام.

وتابع: كان السنة الصوفية والشافعية هم الذين يحتفلون بالمولد كما يحتفل به العالم، أما الزيدية فلم يكونوا يأبهون بقضية المولد النبوي، وهذه من المفارقات.
وأردف: كانت الزيدية يحتفلون بيوم الغدير بيوم التميز لهم، لكن الآن من أجل ربط الناس بهم حتى المولد النبوي وهو متعلق بالنبي يكتبون في اللوحات العامة "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وصورة عبد الملك الحوثي.

وزاد: إذا ما ظلت هذه الفكرة الإمامية موجودة ومسيطرة على السلاح، فلن تستقر اليمن على الإطلاق.

وقال: حتى الذين يتفاءلون ونحن نتمنى مثلهم أن يكون هناك سلام مع هذه الجماعة الحوثية، ونحن عندما نقول ونحذر ونظهر يأسنا من السلام معها، ليس رفضاً للسلام، بل نحن أكثر توقاً له، ونحن المشردون من أوطاننا ومن أهلنا ونتمنى اليوم الذي نعود فيه إلى صنعاء مواطنين، لكن حتى الأحلام يجب أن تبنى على أسس واقعية، وما دامت هذه الجماعة تمتلك القوة المسلحة، وتفرض رأيها بالقوة مستحيل أن يتم السلام معها إلا بشرط التسليم لفكرها.

وأضاف: الحوثيون يقولون بكل وضوح تعالوا نتفاهم على أي أشياء دون السيد، أو دون العلم المولى الذي اختاره الله، وهذا من الصعب أن اليمنيين يتقبلوا هذه الفكرة.

وتابع: الإمامة هي فكرة تدميرية، حتى على الأسرة التي تدعي أنها هاشمية، والتي تظن أن الإمامة لمصلحتها، ففي الاقتصاد الآن تم تدمير شامل للاقتصاد اليمني وللتجار ولغيرهم، وبناء طبقة جديدة موالية لهم، من هذه الأسر وتركيز رأس المال معها، والتجهيل للناس، والمناهج التي بدلوها، وغيروا هذا التقسيم الذي وصل للمجتمع، وفوق هذا جاءت الحرب مع أمريكا وإسرائيل، والتهمة جاهزة.

تقارير

شردهم القصف والإهمال.. ضحايا العدوان الإسرائيلي بلا مأوى

ما بين لحظة وأخرى، قد تلقى عائلة يمنية تعيش بسلام نفسها بلا مأوى ولا مُعين، بلا ذنب ارتكبته إلا أن الظروف جعلتها تعيش في إحدى المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي التي أقحمت اليمن في حرب تفوق قدراتها، وتتلقّى فيها الضربات القاتلة التي دمّرت البنى التحتية، وزادت وضع المواطن تدهورًا.

تقارير

تعز بين الغضب والخوف.. هل سيتم إنصاف "إفتهان" وكشف دوافع اغتيالها أم ستُترك تعز ضحية للانفلات؟

صباح يوم الخميس، وتحديدًا في الثامن عشر من أيلول/سبتمبر الجاري، اُغتيلت مديرة صندوق النظافة والتحسين بتعز، إفتهان المشهري، وهزّت الجريمة مدينة تعز وريفها، وأوجعت قلوب الناس فيها، وفي البلاد كلها.

تقارير

أمهات الأطفال ذوي الإعاقة بين ثقل الرعاية وغياب الدعم الأسري

منذ اللحظة التي اكتشفت فيها أن ابنها يُعاني من إعاقة ذهنية وهو في الثالثة من عمره، تغيّرت حياة "أم عمر" بالكامل. وجدت نفسها تحمل عبء الرعاية وحدها، بعد أن تنصّل الأب من المسؤولية وتركها تواجه رحلة طويلة من العلاج والتعب والدموع.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.