منوعات
حلوى السمسمية: إرث لحجي يهدده الاندثار
يتخذ أحمد الطويل (50 عاما) في مديرية الحوطة (المركز الإداري لمحافظة لحج) أحد أزقة الشارع الرئيسي مكانا لبيع حلوى "السمسمية" كأحد أهم الموروثات اللحجية، التي بدأ الاهتمام بها يتلاشى، خلال السنوات الأخيرة، من حيث صناعتها وترويجها في نطاق وخارج المحافظة.
توارى الكثير من روَّاد السمسمية اللحجية، وبقى أحمد الطويل متشبثا بها، حيث يقضي جل وقته بين منزله والشارع الرئيس في الحوطة؛ من أجل عرض منتجه.
يقول الطويل لموقع "بلقيس" إنه تعلم هذه المهنة من والده قبل أكثر من 30 عاما، حيث لا يعرف حتى اللحظة العام الذي دخلت فيه هذه الحلوى المجتمع اللحجي، لكنه يقول إنها دخلت قديما عندما كانت المناطق الشرقية والغربية في المحافظة تشهد إقامة الاحتفالات بالميلاد النبوي.
وأضاف الطويل: "تُعد السمسمية مصدر عيشي الوحيد، والإقبال في شرائها لم يعد كما كان سابقا قبل عدّة سنوات؛ نظرا للظروف الاقتصادية لبعض الناس، وعدم مقدرة البعض على شراء الكماليات".
وتابع: "لكن، لا يزال هناك إقبال عليها، سواء من سكان الحوطة أو من المناطق والمديريات النائية البعيدة، الذين يقومون بشرائها في الأعياد والمناسبات الاجتماعية"، مشيرا إلى أنها "تُباع بكميات مختلفة -بحسب الطلب".
وأوضح الطويل أن "سعر الكيلو من حلوى السمسمية يُباع بستة آلاف ريال يمني للمناطق خارج الحوطة، التي تأخذ بكميات مختلفة، سواء لبيعها أو لاستخدامها في المناسبات الاجتماعية والدينية، وفي سوق الحوطة يُباع بأسعار متفاوتة، بحسب قدرات أي شخص وإمكانياته".
ثمة أنواع عديدة لحلوى السمسمية اللحجية ذات الطعم المتميِّز؛ منها: الشمسية، الملبَّس، الطاحونية، الشعيرية حيث تتم طريقة صناعة الشمسية والملبّس من مواد زيت السمسم والجوز والهيل، فيما تصنع شمسية الطاحونية من السكر والسمسم والهيل والجوز والدقيق بكميات تقدَّر بثلاثة كيلو سكر للطاحونية، وخمسة كيلو سكر للشمسية، واثنين كيلو سكر للملبَّس، وتستغرق عملية إنجازها قرابة ساعتين قبل وضعها في أكياس، أو نقلها إلى السوق.
ويوضّح صانع السمسمية الوحيد في لحج، أحمد الطويل، أن المصاعب، التي تواجهه في هذه المهنة، تتمثل في ارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية، وانعكاسها على قدرات الناس الشرائية.
ويرى أن أحد الأسباب، التي أدت لتلاشي استمرار هذه الحلوى بالكمية نفسها، التي كانت في أسواق الحوطة سابقا، تواضع قدرات الناس الشرائية؛ جراء الفقر وشحة الأجور، حيث بات الناس يفكِّرون بشراء الأساسيات، ولم يعودوا مهتمين بهذه الحلويات.
ولا يزال الطويل يؤمل كثيرا في الحصول على صحن نحاسي يتم فيه صناعة السمسمية، حيث يجد صعوبة كبيرة في الحصول عليه؛ كون صناعتها في صحن المعدن لا توفِّر لها طعما لذيذا بخلاف الصحن النحاسي، الذي يجعل لها طعما لذيذا، ويُسهم في حفظها فترة أطول.
يقول المهندس فتحي الصعو، أحد الشخصيات الاجتماعية والثقافية في محافظة لحج، لموقع "بلقيس: "حلوى السمسمية في لحج تراجع صانعوها في السنوات الأخيرة؛ جراء الظروف الاقتصادية المزرية في البلاد، التي أثرت سلبا على درجة الإقبال عليها؛ ناهيك عن الثقافة المجتمعية، التي باتت تتأثر بفعل وسائل الدعايا الحديثة، التي تروِّج لأنواع من الشوكلاتة، وبات البعض يتأثر بها، ويقلل من التوجّه لهذه الموروثات والصناعات الجديدة".
وأشار الصعو إلى أن "ثمة حلويات عديدة في لحج؛ منها الشمسية، والمضروب، وأنواع عديدة، لكن لكل نوع مِيزته التي يتميَّز به عن الآخر؛ فالشمسية في الغالب يفضِّلها الأطفال، وتؤكل في فترات ما بعد العصر، أو تُؤخذ عند المناسبات الاجتماعية والدينية، ويتم إرسالها لبعض المناطق النائية في لحج، فيما الأنواع الأخرى تؤخذ بعد وجبة الغداء".