منوعات

موقع "بلقيس" يزور مواطنا تمكّن من جمع أكثر من 300 قطعة أثرية في منزله بحضرموت

19/02/2023, 14:19:18

لم تكن فكرة جمع التراث القديم لسالم جويد باراس، الذي يقطن في بلدة الدهماء بمديرية دوعن غرب محافظة حضرموت شرق البلاد، وليدة اللحظة، بل كانت هما يشغل ذهنه منذ تسعينات القرن الماضي، بهدف الحفاظ على التراث الحضرمي بكل أنواعه من الاندثار.  

ويمثل العام 1997 لسالم باراس، الذي يعمل معلما في قطاع التربية والتعليم، البداية لفكرته؛ عندما جمع الكثير من المقتنيات من البنادق والسيوف والتحف النادرة؛ ليكون أول متحف في دوعن والهضبة. يقول لبلقيس: "زارني في ذلك العام السواح في المتحف، مبدين إعجابهم بما جلبته في المتحف، وخاصة الأحجار التي جلبتها من الوديان، وكنت مغرما بالرحلات الاستكشافية لجميع أودية الهضبة، وخاصة القريبة مني، فقد جبت جبالا ووديانا وسهولا وهضابا لمسافات بعيدة جدا، فأحيانا أمشي أكثر من عشرين ساعة".  

- فكرة قديمة متجددة

ولم تخلُ تلك الرحلة من مخاطر واجهت باراس في طريق جمعه الموروثات؛ مثل التعرض للسقوط، ولدغات الأفاعي والعقارب، وذلك خلال عمليات البحث.

وأضاف: "كانت الإمكانيات هي العقبة التي تعرقلني، حيث مرت البلاد بظروف قاهرة خارجة عن قدرتي المادية، وصرت على حافة الجوع والديون، ولم أجد المساندة، رغم المتاعب والمشقة في توفير مقتنيات جميلة ونادرة من دوعن خاصة، ومناطق أخرى كان الأهالي يحتفظون بها، وكنت أشتريها، وعندما ضاق الحال -للأسف الشديد- وأقولها بحرقة [الجوع كافر]، والحاجة تجعلك تبيع كل ماتملك من أشياء لتطعم أطفالك، فبعت كل شيء حينها، وبقيت الفكرة تسيطر عليَّ لجمع تراث وتقاليد حضرموت، وخاصة الهضبة".  

بعثت الفكرة مجددا لباراس بعد ما استطاع جمع بعض من التراث، وإحضار الأهالي بعضا من المقتنيات، كعرض في المتحف الذي تم افتتاحه، خلال العام الماضي، في إحدى غرف منزله، وصار يفكِّر في تطوير هذا المتحف؛ ليكون نادرا لكل ربوع اليمن، وخاصة الهضبة (أهل حضرموت)؛ للحفاظ على العادات والتقاليد والأعراف، فهناك العملات النادرة، منها عملات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، مثل "العانة"، إلى آخر عملة، ثم العملات المتنوِّعة، مثل عُملة النقيب صلاح، وعُملة القعيطي، وعُملة اليمني القديم (الجمهورية العربية اليمنية).  

- مقتنيات متنوِّعة

يقدِّر باراس عدد المقتنيات في المتحف بأكثر من 300 مقتنى متنوِّع، حيث يرجع عشقه للفكرة منذ أكثر من عقدين ونصف للحفاظ على الموروثات إلى مشاهدته بيع المقتنيات الأثرية، وخاصة في دوعن لمواطنين من خارج المحافظة، بسبب الجهل، وعدم التوعية، وقام بشراء بعضها من ماله الخاص، رغم محدودية دخله كمعلِّم، لكن الحب في هذا الجانب جعله يبذل الجهد والمال في سبيل ذلك. 

يعدد باراس أهم المقتنيات في المتحف، منها: "اللبس الحضرمي، فهنا العريس يلبس كامل الزي القديم (عمامة مزخرفة، شال، شيذر، حذاء باجحيش، فص من الفضة كزينة)، وهنا الهداة، وهي ما يوضع فيه الطفل، ويهدهد به؛ ليهدأ، وهنا المزب (تقليد قديم مصنوع من الجلد ومنقوش بزخارف جميلة يقوم على ثلاثة عيدان كوزنية)، كذلك يوجد في المتحف ناب الفيل، الذي يقدر بأكثر من 150 عاما، وهنا البُرقع الدوعني، وصندوق خشبي جميل؛ مزخرف بنقوش رائعة، يُسمى "سيسم"، وهناك الدلة النحاس، وساعة حائط عُمرها يربو عن مائة عام، والفانوس، والتريك، وغيره".  

يطمح باراس إلى أن يتم تطوير المتحف مستقبلا ليكون أكبر من وضعه الحالي، والأهم -كما يتمنَّى- وجود جهات توثِّق هذه المقتنيات، وتعريف الناس وسكان حضرموت بأهمية التراث الداخلي، وكيفية الحفاظ عليه، ولم يسبق لباراس المشاركة في معرض، أو التكريم، غير تكريم واحد تحصَّل عليه من مدير متحف القعيطي في المكلا، متمنيا أن تنال فكرته دعم السلطة المحلية، وسيادة المحافظ، مبخوت ماضي، نظرا لشحة إمكاناته كمعلِّم بالكاد يسدُّ المرتب رمق عيشه.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.