"الخوص".. حرفة نسائية تنعش الحياة الريفية في حجر حضرموت

تمضي زينب باهقيش، البالغة من العمر 70 عامًا، في الاعتماد على أنامل يديها لكسب لقمة العيش من خلال مهنة "الخوص"، التي تُعد من أبرز المهن التي تمتهنها أكثر من 2000 امرأة في قرى مديرية حجر بمحافظة حضرموت، شرقي البلاد.

ليست مهنة الخوص سهلة على عشرات النساء العاملات فيها، إذ يقضين ساعات طويلة يوميًا داخل منازلهن في صناعة منتجات الخوص من سعف النخيل، قبل عرضها في الأسواق. وهي مهنة تتطلب جهدًا ووقتًا كبيرين، تبدأ بقطع السعف، ثم تجفيفه لعدة أيام، وبعدها تقطيعه، يلي ذلك مرحلة الحياكة التي تحتاج إلى تركيز عالٍ ومهارة دقيقة، خاصة في ظل تنوع الصناعات الشعبية المصنوعة من الخوص والمستخدمة في الأثاث المنزلي بقرى مديرية حجر، سواء لحفظ الطعام أو لأغراض النوم والتنظيف.

تقول زينب باهقيش إن هذه المهنة هي مصدر رزقها الوحيد، وقد ورثتها عن والدتها، التي تعلمتها منها وبدورها علمتها لأحفادها. وتمارس زينب هذه المهنة منذ أكثر من أربعة عقود، وتبيع ما تصنعه لتوفير لقمة العيش، سواء في الأسواق المحلية أو عبر نقل المنتجات إلى قرى أخرى حسب الطلب.

وتُشير إلى أن طريقة الصناعة شهدت تطورًا مقارنة بما كانت عليه قبل عشرين عامًا، حيث أُدخلت صناعات حديثة مثل الشنط والإكسسوارات، مع استخدام نقشات وزخارف تزيد من جمالية منتجات الخوص وجاذبيتها، ما أسهم في زيادة الإقبال عليها. وتضيف أن منتجات الخوص لا تزال تحافظ على مكانتها في حياة الإنسان الريفي، وتُعرض في الأسواق والمناسبات، ما ساعد في تسويقها خارج المنطقة أيضًا.

وفي السياق ذاته، تقول نور عفيف العمودي، رئيسة جمعية في مديرية حجر، إن في المديرية ثلاث جمعيات نشطة: جمعية الشقائق الخيرية، ومركز غزة للتعليم والتأهيل السنوي، وجمعية اتحاد نساء اليمن، وكلها تسهم في تدريب وتأهيل النساء على مهنة الخوص. وتضيف أنه من الصعب تحديد عدد النساء العاملات في هذه المهنة بدقة، لأن معظم نساء القرى يمارسنها، وهناك آلاف منهن يعتمدن عليها كمصدر دخل أساسي.

ودعت العمودي الجهات الحكومية والمنظمات الداعمة إلى دعم هذه المهنة، لما لها من أهمية في تمكين النساء اقتصاديًا، ورفع قدراتهن الإنتاجية، بما يتماشى مع متطلبات العصر، ويحافظ على هذه الحرفة من الاندثار في ظل تطور الصناعات الحديثة.

وتتابع: "النساء يعملن في صناعة الخوص من داخل منازلهن، وليس في مراكز أو تجمعات، إلا أن بعض المنتجات شهدت في السنوات الأخيرة تطورًا سواء من حيث طريقة الصنع أو الألوان المستخدمة، مما أضفى جمالية على المنتج وشجع الزبائن على اقتنائه. وتُستخدم هذه المنتجات لأغراض متعددة، منها ما هو خاص بالطعام، ومنها ما يُستخدم في النوم أو لحفظ بعض المقتنيات".

كما أوضحت أن جمعيتها تركز على تدريب النساء غير المتمرسات في هذه الحرفة، حيث يتم تزويدهن بالمواد الخام وتدريبهن وتطوير مهاراتهن، لتمكينهن من دخول سوق العمل عبر هذه المهنة، التي أصبحت مصدر دخل للكثيرات وسندًا لهن في مواجهة تحديات الحياة.