مقالات

أسئلة الثورة التي أرعبت الملك

15/05/2021, 19:39:32

مضت عشر سنوات على ثورات "الربيع العربي"، إلا أن العاهل السعودي وولي عهده لا يزالان يعيشان هاجس وتداعيات تلك الثورات وشعاراتها الهادرة: "الشعب يريد إسقاط النظام".

لم يتجاوز الملك سلمان ونجله بعد حالة الرُّعب المسكونة التي أثارتها موجة الشعوب المقهورة.

الفارق مهول في الأحداث التي شاركت المملكة في صناعتها مع الإمارات، وهي أحداث مضادة للثورات الأم. لكن ليس لدى الملك نظرة إلى خارج محيط مملكته إلا بذلك المنظار الذي رأى به أحداث العام 2001م.
مهما بدت هناك جوانب حداثية جارية الآن، تظل زائفة بهدف استمالة الغرب والهروب من جوهر الإصلاحات الحقيقية.

والحال كذلك، لا يزال الداعية والمفكِّر السعودي سلمان العودة يقضي عامه الرابع في السجن، إلى جانب آخرين، منتظرا حكما جائرا من المقرر أن يصدر خلال يوليو المقبل.
كان الداعية سلمان العودة قد اعتُقل ضمن حملة اعتقالات، في 10 سبتمبر 2017، بعد نشره تغريدة على حسابه في "تويتر" "يدعو فيها الله للتأليف بين قلوب ولاة الأمور لما فيه خير الشعوب". لكن هذه ليست التهمة الحقيقية.

يعد العودة أحد المفكٍّرين السعوديين وأهم دعاة الوسطية وتيار ما عُرف ب"الصحوة"، وهو كذلك مقدم برامج تلفزيونية دينية تحظى بجماهيرية طاغية.
خلال السنوات الماضية، كانت السلطات السعودية قد اعتقلته مرات عدّة ضمن دُعاة آخرين وجّهوا انتقادات حادة لنظام الحكم، مطالبين بالإصلاحات الحقيقية والدّستورية.
وبعد اندلاع احتجاجات الثورات المحيطة بالمملكة، ألّف العودة كتابا بعنوان "أسئلة الثورة"، حيث تناول مجموعة من المسائل المرتبطة بالثورة وتداعياتها.

يقول العودة: "يعتقد البعض أنه في مأمن من التغيير، ويحتج بامتداد الدولة لعشرات السنين، وهو بهذا كمن يحتج بشيخوخته على أنه في مأمن من الموت".
كثيرا ما أطلقت الصحافة والباحثون الغربيون توقّعات بانهيار نظام الحكم في المملكة. يصفونها عادة بالمملكة الشائخة، وهي تعبيرات بثت الرُّعب في أوصال الأسرة الحاكمة.
تدفع السعودية المليارات كرِشى لتغيير الصورة النمطية عنها كدولة مصدِّرة للإرهاب ومنتهكة للحريات والحقوق، لكنها لم تنجح في تغيير تلك الصورة.

ولا شك أن اللهجة التي حملها كتاب العودة، قد بثت الرّهبة في نفسية الملك سلمان ونجله، وأتى على مفردات مثل: "الشيخوخة"، و"الانهيار" و"الإصلاحات الحقيقية" و"الاستئثار بالثروة والأنشطة السياسية".

صحيح أن حالة الاستقرار تبدو مُغرية مقارنة بالنموذج الماثل، الذي حرصت المملكة على تعميمه في المنطقة، غير أن متطلبات أخرى لازمة.
يقول العودة: "من لم يدفع ثمن التغيير سوف يدفع ثمن عدم التغيير".
ويؤكد أن مكافحة أسباب الثورة والقيام على حماية البلد يكون عبر صيانة العدل وحماية الحقوق.

ما من بلد أشار إليه العودة في كتابه، لكنها كانت تبدو إشارات ضمنية واضحة للقيادة السعودية التي تفتقر للعدالة وحماية الحقوق والحريات السياسية، والتعبيرية تحديدا.
هناك نموذج للازدهار والاستقرار تعيشه المملكة، وسط توجّهات حداثية وصناعية جديدة، وإحدى المباهج التي يشيعها خطاب الإعلام السعودي هي حالة الاستقرار في محيط مضطرب وشديد الفوضى.

لكن لا يخلو الخطاب من المغالطة والتزييف. لا يجب أن ننسى بأن ذلك يجري عقب حادثة مُرعبة أثارت الرأي العام الدولي، ونعني بها قضية تصفية الصحفي المعارض جمال خاشقجي في اسطنبول.

كما لا يزال عدد من المفكِّرين والدُّعاة ونشطاء حقوق الإنسان يعيشون خلف القبضان في سجون المملكة.
مهما بدت التحولات والإجراءات الجديدة لنظام الحُكم، ستجد مع الزمن أن ثغرة باقية -وهي الأهم- تقضّ مضجعه حتى تتوجه إليها عجلة الإصلاح.

إنها أسئلة الثورة التي أرعبت الملك ونجله محمد بن سلمان، وهي الخيار الأفضل للتغيير الآن، بدلا من تقديم الرِّشى والقروض الميسّرة للمواطنين السعوديين.
سيحتاج الملك ونجله إلى فترة من الوقت كي يتأكدا بأنها كانت خارطة طريق صادقة للنّجاة بدلا من الحضور الطاغي للقبضة القمعية.

مقالات

السعودية حين تريد خلع عباءتها

مهما بلغت السعودية من شأن وتطور وحداثة، ومهما حاولت أن تنسلخ عن ثوبها القديم، ستظل النظرة الغربية تلاحقها كظل لعنة أبدية: ابتزاز بالمال والمواقف.

مقالات

الحوثيون بين تهديد السعودية والإمارات واستهداف الكابلات البحرية

تلوّح مليشيا الحوثي مجددًا باستئناف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة ضد السعودية، متهمةً الولايات المتحدة وإسرائيل بالتحضير لمرحلة تصعيد جديدة تستهدف التحالف العربي، وهو خطاب يعيد إنتاج سردية المظلومية التي توظفها المليشيا لتبرير تحركاتها العسكرية وللتغطية على التحول النوعي في أدواتها، إذ باتت تمثل امتدادًا مباشرًا للاستراتيجية الإيرانية في استهداف المصالح الخليجية والدولية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب والخليج العربي.

مقالات

قراءة في ضباب المشهد العالمي

لم يكن العالم في أي يوم أسوأ مما يبدو عليه اليوم من فوضى وارتباك وتضارب مصالح وضبابية رؤيا، فمن الحرب في أوكرانيا المزدوجة والمعقدة بين روسيا، من جهة، والغرب الأوروبي الأمريكي من جهةٍ أخرى، التي لا تبدو لها في الأفق نهاية، إلى نزاعات الشرق الأوسط بين إيران المصممة كما يبدو على امتلاك سلاحٍ نووي وإسرائيل المهووسة بحلم الدولة |(اليهودية) في واقعٍ لا يحتمل ذلك والطموحات الجامحة لتركيا، وإلى اليمن المنكوب والسودان المتشرذم وليبيا الغارقة في فوضى الميليشات والسلاح المنفلت، وحتى المغرب المضطرب، نرى مشهداً غير مسبوقٍ في التاريخ الإنساني وخارطةً عريضةً من المشكلات المركبة، المتداخلة، المزمنة والعصية على الحل في المدى المنظور.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.