مقالات

أصدقاء السفر... والطريق رسيان!

08/05/2023, 10:18:31

السفر متعة بحد ذاته، فيه تتعرَّف إلى أناس لم تكن لتتعرَّف بهم إلى الأبد، بحيث يكون التعرف على الجغرافيا  التي تنتمي اليها آخر ما تفكر فيه، بغض النظر عن السفر عامة للعمل، أو الاغتراب أو ما شابه ذلك، ولعلنا لا ننسى الإشارة إلى أن أجمل الصداقات التي ربطت بين كثير من الناس كانت أثناء السفر، وكل واحد منَّا يتذكر سفرياته، ويتذكر عدد الأصدقاء الذين وجدهم أقرب الناس إليه طوال ساعات الرحلة والطريق، والغريب العجيب في صداقات السفر أنها تنتهي بمغادرة أحدهما أو كلاهما؛ بعد سفر مفعم بفتح كتاب القلب، حيث تتفرَّق بالناس السبُل، وتبقى تلك الصداقة ذكرى جميلة لا تُمحى بتقادم الأيام وسنوات العمر من ذاكرة الإنسان السوي، ونادراً ما استمرتْ صداقة سفر بين اثنين لأسباب كثيرة أهمها ما يتشعَّب إلى أعماق النفس البشرية، وحفاظاً على صداقة جميلة حظي بها الإنسان يوماً ما، بدون أغراض أو مصالح بل إيثار لأبعد الحدود، وهذا يدخل ضمن أدب الرحلات الذي لا يجيده الكثير من الكُتاب، وهو من أجمل الأنواع الأدبية، الذي تفوَّق فيه الراحل عبدالله سالم باوزير!!

إننا نفتقد قصص السفر تلك التي كانت تحدث، ونحن في بحبوحة من راحة البال وصفاء النفس، وها نحن اليوم في ظل الحصار لم نعد نهتم بصداقة أحد من رفاق الطريق؛ فقط ننتظر الساعات الطويلة تمر، وأن نتحلى بالصبر ومجالدة تعب الحصار ولعنة الطرق، ولعلنا نشير هنا إلى قصة جميلة سردها القاص المبدع محمد عبد الولي بعنوان "يا خبير"، وكيف تلاشت العلاقة الحادة بين مواطن بسيط وعسكري إمامي بغيض، لتتحول معها رحلتهما مشياً على الأقدام إلى حميمية عالية الحبكة تجاه القبيطة، بعد عودة بطل القصة من حيفان، وسماعه صوتا عسكريا يخبط الأرض بقوة وراءه ليلحق  به، وهو بمئزر قصير وبندقية يحملها على كتفه، ولعل هذي القصة تؤيد ما ذهبنا إليه في دراسات كثيرة عن تجربة محمد عبد الولي الإبداعية، الذي غاب في السماء في مثل هذي الأيام قبل 53 سنة، وأنه لم تقتصر إبداعاته فقط عن الاغتراب والمولَّدين من أب يمني وأم حبشية، بل ناقش قضايا كثيرة، ومنها ما يتعلق بصميم مشاكل أبناء الحجرية؛ مثل الشريعة فيما بينهم في المحاكم دون أن ينصفهم أحد، وإلاَّ ما تحولوا إلى ضحايا لعسكر الإمام والقضاة بدلاً من حل مشاكلهم ودياً فيما بينهم، وهي قضية مازالت قائمة حتى اليوم، حتى إنَّ العسكري نفسه تحدث عن كونه أبا ولديه أبناء يشتاق إليهم مثل أي مواطن!!

قبل سنوات، لم يخطر ببال أي يمني؛ ولا حتى في الأحلام ، ما يحدث من تقطيع لأوصال الجغرافيا اليمنية والطرق بين المدن بهذا الشكل العبثي، الذي نراه ونعيشه ونسمع به من بعد 21/9. وبمعنى جديد، فإن اليمنيين يعيشون حرباً داخل حرب داخل حرب، ولعل تسميته بالعدوان الداخلي لا تُعبّر عن حقيقة ما يحدث على الأرض من عبث بالإنسان اليمني.

آخر مرة سافرتُ بها في طريق هجدة - رسيان  -الحديدة كان في 2016م، بسيارتي "التوسان" مع أسرتي الصغيرة، التي بعتها لاحقاً لتسديد الديون والإيجارات، التي تراكمت في سنوات الحرب الأولى، كانت المليشيات قد وصلت إلى الضباب، في الطريق الفرعي إلى الربيعي، مررنا ذلك اليوم، ونحنُ نُكبِّر ونُشهِّد والله، واضطررت إلى فتح كافة زجاجات السيارة ليروا أننا عائلة، مررنا بجوارهم وهم في وضع شبه قتالي، بعد قليل أخطأتُ بالطريق؛ واتجهتُ يميناً لنجد أنفسنا جوار مصنع السمن والصابون، وليس بجانب مصنع الرنج كميكو كما كان يُفترض، الحمد لله كانت الطريق سالكة إلى الحديدة، وأول ما صادفت بعد مفرق المخا القديم جسر رسيان، الذي لطالما تغنَّى به المسافرون إلى تهامة، وقد قصفته الطائرات كلياً، فمررنا من تحته، وبعد قليل وجدنا جسراً آخر مقصوفا من المنتصف أيضاً، ولا يتسع الخط إلا لسيارة واحدة ذهاباً وإياباً، كانت الحرب في أبشع صورها؛ وقد بدأ الحصار الداخلي والعدوان على الذات في أكثر من مدينة واتجاه.

الطريق الذي لطالما حلمنا به هو طريق المخا - الكدحة - البيرين أو الصافية، كان سيختصر للمسافرين إلى الحُجرية ساعات، عندما بدأ خط المخا - الكدحة - البيرين قبل شهور قليلة، تنفّس الكثيرون الصُّعداء لتخفيف معاناة تعز من الحصار الظالم والعبثي، وبدلاً من رفع الحصار وفتح المعابر مع بوادر ومؤشرات تهدئة غريبة عن حروب العالم غير المفهوم، تم قبل أيام ضرب الخط الجديد ومعدات شق الطُرق بالمسيرات والصواريخ، مما يشير إلى حصار عبثي مستمر بالقوة القاهرة، والعداوة الظاهرة!

مقالات

الرؤية الرومانسية للمصير...!

"يبدو المجال واسعًا لدراسة الشعر الذي ارتبط بالمصير الإنساني، والتعرف على وجود رومانسيته باعتبار الموت أحياناً يكون ملاذاً آمناً أكثر من الحياة، وهو ما أثبتته الحروب والصراعات والأمراض اليوم، وكما قال المتنبي: كفى بك داءً أن ترى الموت شافيا وحسب المنايا أن يكُنَّ أمانيا".

مقالات

عندما يكون اليمنيون مجرد كرة!

لا شيء يشير إلى أن اليمنيين يتحرّكون بمحض إرادتهم. لا السلام يتدحرج إلى الأمام ضمن مسار أولويات يمنية، ولا الحرب وضعت أوزاها تحقيقاً لرغبة ومصالح داخلية.

مقالات

حكاية غرام

كان الوقتُ عصراً، حين انتهى أعضاء فريق المشي وتسلّق الجبال من تناول طعام الغداء في مخيمهم، الذي أقاموه عند منابع المياه الدافئة في "عيون سردد" بمحافظة المحويت.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.