مقالات
أغانينا تشبهنا كثيرا
عشر سنوات من الغربة، ربما تشكّلت فيها ذائقتي الفنية. لا أخفي انبهاري في المراحل الأولى بالموسيقى العربية والأجنبية، لكنه تلاشى شيئا فشيئا مع مرور الوقت واحتياج الروح إلى "جرعة أقوى" من الحنين.
أغنيات صوتها لا يشبهني، تخرج من سماعات نقية ومرتبة بعناية، بكلمات مكررة ومتشابهة، ورنات لامعة لكنها بلا ظل، تستعمل لمرة واحدة ثم تفقد قدرتها على الكلام.
تبخرت جميعها، وبقي اللحن اليمني صديقًا وفيا.
لحن لم يُركّب داخل استوديوهات عازلة للصوت، بل خرج من بين الأزقة، ومن حفيف أوراق الشجر وخرير السواقي. هادئا، لم تخدش جماله مؤثرات "التجديد" ولا صخب المدن العمودية.
عدت لأفتش عن صوت العود اليمني، المتعب أحيانًا، والبسيط، وعن النغمات اليمنية الخالصة، التي تُشبه وجوها أعرفها، والكلمات التي تجلو عن المسامع ما يعلق بها من إيقاعات الضجيج.
أغانينا تشبهنا كثيرًا.. حقيقية وصادقة وبسيطة.
ومقاماتها تشبه بلادنا نزولا وصعودا بين السهل والجبل، تعزفها أصابع ربما لا تعرف كثيرا "الدوزنة"، لكنها تعرف مواطن الوجع ومكامنه في الروح.
وجدت نفسي أعود لأيوب، والمرشدي، وعطروش، وأبو بكر سالم، وغيرهم العشرات. للنجوم الذين عاشت أغانيهم عقودا في زمن لا يتعدى عمر أغانيه أياما على "تيك توك".
أشعر حين أسمعها بالطمأنينة، والشجن، وشعور آخر لا أستطيع وصفه لكنه يخبرني بأنني ما زلت هناك.