مقالات

"إكرام المعلم دفنه"

11/01/2025, 08:40:17

لا أحد يمكنه تخيُّل حجم الدّمار الذي لحق بالتعليم في اليمن؛ بسبب الانقلاب على الدولة، والحرب الممتدة والمتواصلة بلا هوادة..

الذي زاد من انهيار التعليم والمعلم هو تهاوي العملة في مناطق الشرعية إلى أرقام غير مسبوقة أو معقولة، وكذلك الانقسام النقدي، الذي حدث بين سلطتين لا يقل الفساد في إحداهما عن الأخرى.

قد يعتبر البعض أن حال المعلم في مناطق الشرعية أحسن حالا من مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، والحقيقة أن الحال من بعضه، حيث أصبح الراتب هنا لا يغطي أبسط احتياجات المعلم المعيشية وأسرته، ولذلك تحوٍَل المعلم هنا إلى الفقر المدقع، مما انعكس على العملية التعليمية برمّتها.

انسحب الكثيرون من المعلمين هنا، واستسلموا لضغوطات الحياة، مما جعل التعليم آخر اهتماماتهم، فانصرفوا للبحث عن لقمة العيش بكل الطُّرق؛ ضاربين عرض الحائط  برسالتهم الإنسانية النبيلة، وهذا على جميع المستويات؛  من المدرسة إلى أرفع مسؤول عن التربية والتعليم.

فالشرعية الرَّخوة ليس بيدها عصا أو صميل أخضر لضبط التعليم عامة، والعملية التعليمية على وجه الخصوص.

لقد فقدت الشرعية القدرة على التحكم والسيطرة على العملية التعليمية، كما هو حالها في كل مسؤولياتها عن البلاد، وكل المناطق الشاسعة التي تحكمها.

بمعنى أدق وأوضح، "حبل التعليم ملقى على الغارب"، والتعليم هش، والمناهج لم تواكب تطورات التعليم خلال العشر سنوات الماضية.

معلمون متكلِّسون، وقد تحجَّرت عقولهم، وغير قادرين، ولا يرغبون، وليسوا مجبرين على الارتقاء بدورهم، وتأهيل أنفسهم لمواكبة الجديد.

وضع تعليمي مُرعب من الألف إلى الياء، ومن القمة إلى القاعدة، والعكس صحيح، في ظل غياب الدولة الضابطة لكل صغيرة وكبيرة، وغير قادرة على الوصول إلى وضع حلول للإضرابات، والاحتجاجات في أغلب المدن والمديريات التي بدأت فجأة بعد انقطاع المرتبات لمدة شهرين فقط، مقارنة بانقطاع المرتبات في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، منذ تسع سنوات، حيث التغوّل والبشاعة التي لا تخفى على أحد.

وعندما نلقي نظرة عن قُرب عما يحدث في مناطق سيطرة المليشيا للمعلِّمين والتعليم نجده خارج العقل والمنطق، فالمعلمون فيها مُذَّلون ومهانون، وعاجزون حتى عن  التعبير عن آرائهم، أو غضبهم، عما وصلت إليه أوضاعهم البائسة، التي لا تقل بؤسا عن المعلمين في مناطق الشرعية الرخوة.

المعلمون هناك يعملون بالسخرة وبالقوة الجبرية، وبالتهديد والوعيد، ومحكومون بالعصا بدون أي جزرة، ويتسولون على الأرصفة وفي الأماكن العامة، وهذا ليس كلاما من غير علم، كما أنه ليس مبالغة إذا قلنا إن المعلمين يتسولون اللقمة لأولادهم الجوعى، ولا تستغربون إذا قلنا إن "بعضهم يلجأون إلى براميل القمامة كالمتشردين".

المعلمون هناك تم إسقاطهم من مكانتهم كمعلمين، وتم تحويلهم إلى عبيد من المعلمين الثابتين، ومجموعات كبيرة من المتطوعين الذين لا يملكون أي خبرات تعليمية، ما عدا القليل منهم، الذين هم خريجو جامعات بدون درجات وظيفية، حيث قامت المليشيات بضرب الثابتين والمعلمين المؤهلين بالمتطوعين، وتقدم لهم أجورا زهيدة، ومواعيد وراء مواعيد، ومن أسبوع إلى أسبوع، ومن شهر إلى شهر، حتى ينتهي العام الدراسي، الذي تم ضغطه إلى ستة شهور، بنظام السنة الهجرية، وتبديد حصص التعليم، وتغييرها إلى نظام الساعات، على مناسبات  كهنوتية، وأسماء لاحصر لها، وتجنيد كل المعلمين والمعلمات لجمع ما يسمى بالمشاركات المجتمعية (المعروفة بألف على كل طالب)، فيتم جمعها على امتداد ستة شهور، وتقسيمها بين مافيا التعليم في مختلف المكاتب، وتوزيع الفُتات للمعلمين والمعلمات، وأكثر المعلمين قد وصلوا إلى سنة التقاعد بدون إحالتهم؛ خوفا من فراغ الميدان من المعلمين المخضرمين.

وبمعنى أتم وأدق، التعليم تحول إلى تجارة رابحة هناك، ولا يستطيع أحد كتابة أي اعتراض، أو إبداء رأي مخالف، حيث امتد القمع إلى كل مجالات الحياة؛ صغيرها وكبيرها.

تم تكميم أفواه المعلمين بكل السبل، وإذلالهم، وتحطيم معنوياتهم، وقتل المثل الأعلى الذي كانوا يظنونه في أنفسهم.

ولذلك النظام التعليمي في اليمن قد احتضر، وشبع موتا، ولم يبقَ إلا تشييعه إلى المقبرة؛ حيث إكرام الميت دفنه، ولا شيء قد شبع موتا مثل المعلم.

مقالات

" الزوامل " في اليمن من زمن " دُق يانوس " إلى أحمد بن غودل!

شعر " الزوامل " اليمنية قديم ويعود إلى ما قبل الإسلام ، لكن أول ذكر لهذا النوع من الشعر الشعبي الحماسي الذي يشبه شعر الرجز العربي ورد في الجزء الأول من كتاب " الإكليل " للمؤرخ والعالم الموسوعي اليمني الأكبر أبو محمد الحسن الهمداني ، إذ كتب يقول :

مقالات

حفلة مكافحة الفساد

إذا كانت تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الأخيرة قد فضحت شيئا، فإن ذلك الشيء المهم هو أن الفساد أكبر وأفدح من هذه القصاصات، وأن إرادة مكافحته رهن حسابات خاصة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.