مقالات

الحرف في زمن الحرب

13/06/2022, 08:48:06

كم يخذلني قلمي كثيراً ، مؤخراً.. وكم يفتُّ في عضدي، كلما هممت بالكتابة في شأن يتصل بالهمّ العام أو التراجيديا التي تعصف بالبلد والناس.

أجدني كالمحموم أو المسموم من هول ما أراه على شريط الواقع ومشاهده المكتظة بصور الدم والدمار والرماد والدموع.. فأعزف عن الكتابة فوراً.

وفي الوقت نفسه، كلما شرعت في الكتابة بصدد حالة فانتازية أو وجدانية محضة، أو في موضوع متصل بدوائر الأدب وحلقات الفن وأقواس الإبداع، رحتُ أنزوي على نفسي أو أنطوي في قوقعتي، كأنَّني أنِزُّ خجلاً وعتاباً تجاه ذاتي التي أراها تستحق العقاب لا العتاب فحسب لهذا الفعل المُخزي.

فلا الكتابة في لوح الألم العميق والكرب العمليق الذي يعصف باليمن واليمنيين تقوى على الاستقامة.

ولا الكتابة في صفحة الذات الشاعرة والوجدان المحلّق في الملكوت اللازوردي تتجرأ على الابتسامة.

وبين هذي وتلك، يظل القلم عاجزاً عن الانتصاب في حقل الفعل الذي خُلق من أجله القلم.. وإذا عجز القلم عن الانتصاب، انتصبت في مواجهته أسلحة أو أدوات أخرى، تتمثل هويتها في القتل وتتجلى حقيقتها في الابادة، على العكس من القلم، الذي تتخلّق كينونته بصفته محفّزاً للعقل والروح على إبداع كل صفات الحق والخير والجمال في الطبيعة والمجتمع والفكر الإنساني.

( 2 )

أفرزت هذه الحرب وتداعياتها النتنة حالات مرضيَّة في الأوساط الثقافية والصحافية، تتبدّى حيناً كالطفح الجلدي، أو تتعدّاه إلى البرص والجرَب.. فيما تتصوّر أحياناً كالسرطان أو الإيدز أو الإيبولا.

وقد يمترئ المرء لقمة المرارة في صحن السياسة، أو كرعة العلقم في كأس الاقتصاد.. إنما في الفكر ومنتوج القلم واشتغال العقل تغدو هذي المرارة وذاك العلقم أشدّ وطأة من الصفة الأولى والوصف الآخر.. فهي تتعداهما إلى تصدُّع فادح في البدن وتهتُّك خطير في الوعي.

لقد ترشَّح زيت أسود كثير على مياه الأحداث وواجهة المشهد، بحيث صار سقط المتاع هو سيد الموقف، وهو ديدن الحروب في كل زمان ومكان. وهذا نوع من التجارة الرائجة في هذي الحروب.

 إن تجار الحروب لا يخوضون في السلاح والغذاء والوقود وما في حكمها فحسب، إنما يتوغلون أيضاً إلى ساحة الكلمة ومساحة الفكرة، على نحو أشبه بفعل الجراد في الحقول.

(3)

إن هذا زمان، وهذا يمان، أصاب فيه الزكام حناجر البلابل، فعجزت عن الإنشاد البديع، حتى ظن الناس أن المرض أصاب الغناء نفسه، لا الحناجر التي تحاول الغناء.

وهذا زمان، وهذا يمان، تبارت فيه مَلَكات وقدرات العالِم محمد عبده والعالِمة فيفي عبده..

وبالطبع عرفنا لمن كانت الغَلَبة.

وهذا زمان، وهذا يمان، طمع فيه الملوك والبرابرة على السواء.. لكن البرابرة أدركوا سريعاً أنهم أمامه يظلون مجرد برابرة..

فيما الملوك لم يدركوا بعد أن أقوى الملوك على سطح الأرض ليسوا في حضرته سوى ملوك شطرنج وكوتشينة!

مقالات

أزمة الثقة في اليمن: من انقسام الداخل إلى استغلال الخارج (3)

على الرغم من أن ثورة فبراير فتحت الباب أمام إمكانية إعادة تأسيس الدولة على أسس حديثة، فإن الواقع أثبت أن الدولة التي كانت قائمة لم تكن سوى شبكة مصالح ومراكز نفوذ مترابطة حول شخص الحاكم، أكثر منها بنية مؤسسية قادرة على الصمود أو التجدد.

مقالات

الجنجويد والإسلاميون كارثة السودان

يتعرَّض السودان - كشعب وكيان - للدمار. قطبا الكارثة الإسلاميون: جماعة الجبهة القومية الإسلامية: جناح الترابي، والبشير: المؤتمر الشعبي، والمؤتمر الوطني. والطرف الثاني: «الجنجويد»؛ التدخل السريع حالياً.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.