مقالات

الحِميري الأخير والسبئِي الأوّل

27/02/2021, 17:05:43

سامحني يا صديقي، حاولت أن أغطي نور دمك الساطع بإنكار الحقيقة، من أجل جثتك الطاهرة ومعنويات الأبطال، لكن لا شيء يُمكنه أن يحجب الشمس في معبَدها، أو يمنع ضوء القمر في محرم و'عرش بلقيس'.
لست يا عبدالغني شعلان مجرد قائد عظيم، لم تكن بطلا وحسب، أنت مُلهم وخارق، ولسوف نحكي لآلاف الأجيال كيف كنت تصنع أساطيرك، وتحاصر حصارك، وتستبق عدوك بخطوات إلا في الخطوة الأخيرة، التي كُنت تعلم أنك سوف

تخسرها، لكن مثلك لا يتراجع خطوة إلى الخلف، حتى لو كان الثمن "الحياة"، وما الحياة أصلا إن لم تكن عابرة للزمان كحياتك التي تدفقت من ثغرة في القلب على ملايين السنوات القادمة؟!!
دمك الشريف -يا أشرف القادة- سوف يصبح نهرا للكرامة، ومطرا لا يتوقف من العزة والإباء والاستبسال، لقد نقش السبئِيون حروفهم في قطع الصّخر، لكن دمك نُقش في الجبل، وحُفر في الخلود، وتدفّق في أوردة الأحرار في كل اليمن.

لقد عرفتك كبيرا في كل شيء، كبيرا في قيادتك وأنت تتعامل مع جندك كأصدقاء، وتحنو عليهم كأب.. وكبيرا مع أصدقائك وأنت تختصهم بوقتك المهدور في سبيل مارب واليمن، وتبادلهم الحديث والضحك وأدوات المقيل، وكأنّ جبال مارب لم تكن محمولة فوق أكتافك، ولم تكن أنت موزعا على سفوحها.. وكبيرا مع خصومك وأنت تغفر لهم كلما أساءوا إليك، وتغضّ كلما أوغلوا في تشويهك، وتصبر كلما اتهموك بالباطل، واعتبروا واجبك ذنبا، وحرصك خطيئة، لقد لقنتهم اليوم درسا في الفداء، لو كانوا يعقلون.

لم تكن يوما بعيدا عن الموت يا فندم، في جسدك ألف جُرح، وألف نزف، كلك جراح، وكل أيامك احتمالات موت..
أثخنتك الميادين، حالوا اغتيالك بالعبوات الناسفة، والصواريخ 'الباليستية' والطائرات المسيّرة والخلايا النائمة، لكنك كل مرّة كنت تقتل قاتليك، وتقهر موتك، وتنبعث من الدّخان كعنقاء السماء.
لقد كان بوسعك أن تصبح نسخة مشوّهة من القادة الجبناء خلف المكاتب، كان بإمكانك التقاط الصوّر في أطراف الجبهات والعودة، كان بوسعك أن توجّه الأوامر من خلف مكتبك، ومعك قوة تؤمن بك، كما يؤمن الشجعان بأبطالهم..

لكنك كنت وحدك.. كنت حكايةً أسطورية.. كنت مصحفا وطنيا.. كنت كتابا سماويا.. كنت نقشا سبئيا.
لم تقلْ للجند تحرّكوا، تحركت أنت، وهكذا يفعل العظماء، يقفون في المقدّمة وهم يقولون:
لنا الصدر دون العالمين أو القبرُ ..

السلام على روحك يا أعظم الأقيال، يا حارس وادي 'سبأ'، يا خانق وحشة الليل، يا نور دروبنا المستحيلة..
السلام عليك عميدا شهيدا.. قائدا خالدا..
 عبقريا يمنيا.. سدا وسورا في وجه الطوفان..
السلام عليك واقفا لا ينحني، والسلام عليك رمزا لا يمّحي، والسلام عليك علما مرفرفا و عنوانا لكل مجد..

السلام عليك حجوريا تحتشد فيك كل بطولات 'حجور'، السلام عليك وأنت تقف كجبال حجَّة المُطلة على البحر، السلام عليك وأنت تحمل بلق مارب على كتفيك، السلام عليك وأنت تمزج ماء السد بدمك الشريف..
السلام على المواعيد المؤجلة -يا صاحبي- وعلى الجثمان المسجّى بالعلَم اليمني، السلام على كتائب 'الأمن الخاص' وهم يقفون لوادعك بإجلال وجلال، السلام عليك وأنت تتجسّد في كل جندي وضابط وكل مواطن نام مطمئنا، لأن عيونك ساهرة، ويدك فاتكة..

السلام عليك حيا لا يموت، وخالدا لا يفنى،
السلام عليك شهيدا تشهد مأرب أن لا رجل إلا أنت، ولا بطل إلا أنت، ولا قائد إلا أنت، أيها القوي الأمين، والقيل العظيم، والحِميري الأخير، والسبئِي الأول.

مقالات

الوجود كصُدفة..تأملات عن الحرية

كلّ شيء يؤكد أنّ وجودنا مجرد صُدفة. ولدنا دون تخطيط، ولا أهداف محدّدة. كان يُفترض أن تستمر حياتنا مدفوعة بالمنطق البرئ نفسهض. لكنّنا تعرضنا لخديعة وجودية مرعبة، تورطنا في قبول تصورات أولية جعلت وجودنا مقيّدًا للأبد.

مقالات

المصائب لا تأتي فرادى!

قُدِّمَتْ صنعاء على طبق من فضة، أو ذهب، للمليشيات كما لم يحدث من قبل عبر التاريخ، التي بدورها استولت على كل مقدرات الدولة والجيش والشعب في غمضة عين من التاريخ والعالم والزمن، وتحالف أبشع رأس نظام سابق مع أبشع سلطة أمر واقع لتحقيق غاية واحدة

مقالات

نمذجة مقيتة

لطالما ردّدتُ أنني لا أخشى السلطة بقدر خشيتي من كلابها! وعلى القارئ الكريم أن يستبدل مفردة الكلاب بأية صفة أخرى يراها ملائمة. ولعلّ من الأمثلة الساخرة على هكذا صورة مقيتة:

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.