مقالات

الحوار.. مؤجلاً

31/07/2024, 09:25:24

في التاريخ - القريب منه والبعيد - يتقاتل كل الخصوم والأعداء، لزمنٍ طال أو قصر، ثم يلتئمون حول طاولة الحوار بُغية الوصول إلى نقاط الحل أو سبيل الوفاق.

بالطبع، اليمنيون يتحاورون أولاً للوصول إلى الغرض الذي يسعى إليه الحوار، ثم يقتتلون تالياً بعد أن يصل الحوار إلى نفق مظلم أو درب مسدود.

نحن نقلب أسس المعادلة دائماً: الحوار أولاً ثم الحرب.. على العكس مما تفعله كل صنوف الإنس والجن والطير والحيوان في هذا الكون، وغيره من الأكوان!

وقراءة سريعة لتاريخنا السياسي الحديث والمعاصر - أو بالأصح لأزماتنا - ستُفضي بنا إلى ما مفاده أننا نُجيد فن الحوار من أجل الحرب..

ننعقد في مؤتمر لإحلال السلام ونحن نتحيَّين الفرصة المواتية لاندلاع المعركة.. نتحاور بخطاب السياسة والدبلوماسية وأيدينا على مسدساتنا. وجميع أزماتنا تبدأ بكلام العقل، وتنتهي إلى سهام القتل.

يحدث هذا لدينا في العلاقات السياسية، وفي العلاقات الزوجية، وفي ملاعب كرة القدم، وقاعات الأعراس، والمهرجانات، ومؤتمرات الأحزاب. فمعظم هذه العلاقات والفعاليات والمناسبات تبدأ ودودة ضاحكة، وتنتهي حقودة دامية.

ويومَ أن نتقاتل، فإننا نؤدي هذا العمل بذِمَّة وضمير وحماسة منقطعة النظير. فالعنف فينا سمة أصيلة وكأنَّها مباركة من الرب، في الاحتراب مثلها في إلقاء التحية، وفي الوجبة الشعبية مثلها في العلاقة الحميمة، وفي الكلام الجاد مثلها في اللغو والمزاح، ومثلها في منامنا وأحلامنا وكوابيسنا، وفي كل شاردة وواردة من تفاصيل حياتنا اليومية، حتى في أنبل عاداتنا وطقوسنا مما يتصل بكرم الضيافة وحفاوة اللقاء والأحضان والتقبيل.

إن طبيعة حياة اليمنيين ونشأتهم عبر الأجيال المتواترة قد خلقت هذه السمات القاسية في تلافيف وعيهم ووجدانهم. حتى إنني لست أستبعد صحة الأسطورة التاريخية القائلة إن الدم الأول (وهو دم هابيل على يد أخيه قابيل) قد جرى رقراقاً على بقعةٍ ما في الأرض التي صارت لاحقاً جزءاً من بلاد اليمن.

فاعذرونا رجاءً.. فنحن لسنا قتلة، ولا وحوشاً كاسرة..
غير أننا نجنح إلى التعبير عن مشاعرنا واختلاجاتنا بتطرف عنيف.. وهذا جزء حميم من التركيبة الأزلية للشخصية اليمنية منذ فجر التاريخ!

مقالات

ماذا عدا مما بدا؟!

كل المؤشرات تصب في إطار واحد، وهو أن ما يحدث في اليمن يزداد تعقيدًا ووحشيةً وسوادًا، ولا يلوح في الأفق أي أمل في مقاربة يمكن أن يستوعبها العقل أو منطق التاريخ.

مقالات

الفاشلون سياسيًا يحتفلون

في 22 مايو 1990، خرج اليمنيون إلى الشوارع يحتفلون بوطنٍ واحدٍ، بجغرافيا لم تعد مقسّمة على خارطتين، وبعلمٍ واحدٍ يرفرف فوق سارية الأمل. كان ذلك اليوم إعلانًا لحلمٍ كبيرٍ اسمه الوحدة اليمنية، حيث تعالت الهتافات، وزغردت الأمهات، وغمرت الفرحة الجميع. لكن بعد 35 عامًا، يبدو أن المسافة بين الحلم والواقع أصبحت أبعد من أي وقتٍ مضى.

مقالات

الوحدة والاقتصاد المأكول

في 22 مايو 1990، خرج اليمنيون إلى الشوارع يحتفلون بوطن واحد.. بجغرافيا لم تعد مقسمة على خارطتين، وبعلم واحد يرفرف فوق سارية الأمل. كان ذلك اليوم إعلانًا لحلم كبير اسمه الوحدة اليمنية، وكان من الطبيعي أن تتعالى الهتافات، وتزغرد الأمهات، لقد عشت تلك الفرحة وأنا في السابعة من العمر، وأشعلنا النار على أسطح المنازل وقمم الجبال، كان لدي شعور بأننا قادمون على فرح عظيم، كيف لا؟ وهو حلم الشعب بأن تختفي براميل الشريجة، ويُمحى ذلك الخط الوهمي بين الشمال والجنوب.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.