مقالات

السلام مع ذيل الكلب!

23/11/2024, 16:26:15

منذ سنوات طويلة، ونحن نقرأ أو نسمع عن السلام في اليمن، وعن تسوية سياسية، وعن حوار عبثي، وعن رحلات مكوكية، بين العواصم التي تخوض معاركها على الأرض اليمنية، والضحايا هم اليمنيون فقط.

والجميع يتحدث، ويؤكد على أنه لا مجال لأي حلول غير التسوية السياسية، إشراك الجميع في حكم اليمن، في الوقت الذي يلعب فيه أكثر من طرف على أكثر من حبل؛ من أجل إطالة اللا حرب واللا سلم، وأيضا إطالة الحرب والمناوشات، وخلط الأوراق،  وإضعاف الشرعية فوق ما هي عليه من ضعف وفساد، وهذا موضوع قد طرقناه مرارا، وسنظل نطرقه مرارا وتكرارا؛ لأن ضعف وفساد الشرعية تسببا بأكل الأخضر واليابس؛  وتسببا بتحويل مناطق "أنصار الله - الحوثيين" إلى واحة للسلام، والأمن والعدالة والاستقرار الاقتصادي، وهذا غير الحقيقة، وما يدور في مناطق الشرعية يجعل كل مواطن في مناطق الطرف الآخر يعتقد أنه في نعيم مقيم، في الوقت الذي يعيش فيه الناس فقرا مدقعا، وحياة بائسة بكل المقاييس الإنسانية للحياة، وبخاصة الموظفين المحرومين من رواتبهم منذ سنوات طويلة، والطبقة المتوسطة على وشك الإفلاس تماما من هول الجبايات والإتاوات التي تذهب إلى ثقب أسود لا يعرف أحد حقيقته.

أما طبقة التجار الكبار فهم راحلون بكل الطرق، وخاصة بعد أن تم سلبهم كل وكالاتهم  التجارية، ونشوء طبقة تجارية جديدة تجمع بين السياسة والتجارة، التي دمرت كل شيء.

وتحول القضاء إلى أداة  تعذيب وعقاب للمجتمع، قضاء يغوص في الفساد في طول اليمن وعرضه، وشماله وجنوبه.

التسوية بين مَن ومَن…

الجميع تحولوا إلى أعداء لليمنيين بلا استثناء، ومن يفترض الانتصار على الحوثيين بالشرعية الرخوة هو كاذب رخيص، أو دول طامعة.

السلام مع "ذيل الكلب" غير ممكن، سواء كانت السعودية، أو الإمارات أو غيرها من الأطراف، السلام عبر التاريخ يتم فرضه بالقوة، وليس بالمناشدات، أو الضغوط، عودة الأوطان إلى الطريق الصحيح يتم بالتضحيات الحقيقية، ووجود مكوّن يتمتع بالوطنية اليمنية الكاملة، وليس باعتباره ذيلا للسعودية، أو الإمارات، أو إيران، أو غيرها.

لم يكن أكبر محلل سياسي أو قارئ للوضع، عام 2014م، يتخيل أن تستمر الحرب كل هذه السنوات العجاف، كان يفترض بالحرب أن تنتهي في غضون عام أو عامين، وها نحن ندخل العام الحادي عشر والشعب يتضور جوعا.

مات نصف الكوادر الجامعية جوعى، وبدون مرتبات، ورحل آلاف المعلمين والأطباء، وصفوة المجتمع، وهم جوعى وبلا مرتبات.

لم يعد أحد يجرؤ على الكتابة حول الحقوق والمرتبات، الجميع يتم البطش بهم، ماذا بقي بعد الجوع، وهذا الذل، سوى الموت بكرامة. حتى الموت بكرامة أصبح بعيد المنال.

أمسى اليمني ينتظر الموت الكريم، ولكنه -للأسف- لا يحصل عليه إلا بعد إذلاله.

الفساد إلتهم الوطنية واليمنيين، وحوّلهم إلى عبيد لدى دول الجوار والإقليم والقوى الدولية.

لن تقوم لهذا الشعب قائمة لسنوات طويلة، سنظل ندخل في دائرة هائلة من الحروب؛ لأن الحروب هي الحل لكل الطغاة والدكتاتوريين؛ للهروب من ثورات الشعوب الجائعة، ومد دائرة الوهم بأننا "ندافع عن الأمة"، والأمة براء.

الجديد الذي حدث في أمريكا، وعودة ترامب هي عودة لحصار اليمنيين، وتحويلات المغتربين، والموت جوعا،
وضرب البنية التحتية المدمّرة أصلا.

لا أمل يلوح في الأفق، اليمن يغتلي، ولا أحد يعلم إلى أين المصير.

مقالات

عن الأحكام التي تسبق الجريمة

أظن أن النفس البشرية، حتى في أشد حالات نزوعها نحو الشر والجريمة، تبحث في الغالب عن مبررات لأفعالها، ومنها تلك الأحكام الذاتية التي يطلقها الإنسان على غيره، قبل أن يرتكب في حقهم جرما معينا، وهذه الأحكام غالباً لا تمت للقيم الإنسانية بصِلة

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.