مقالات

السلطة واليمنيون (1)

25/04/2022, 13:42:11
بقلم : محمد صلاح
المصدر : قناة بلقيس - خاص

تعيش اليمن ظرفا تاريخيا صعبا - وقد عايشت أمثاله مرات عدَّة في تاريخها - غير أن استثنائيته تأتي هذه المرّة، في ظل انخراط المجتمع اليمني، والرأي العام بكل مكوّناته، في تشكيله، والمساهمة في أحداثه، والتأثير على مساراته، وتوجّهاته.

لم تكن التحدّيات، التي تواجه السلطة أو بناء الدولة في اليمن، تحظى بفرص اهتمام اليمنيين، فطبيعة التكوين الجغرافي، والتناثر السكاني، في ظل عدم وجود وسائل اتصال سابقاً، جعل كل منطقة تجهل ما يحدث في المنطقة المجاورة لها، ومن هنا ظل أبناء المجتمع في السابق غير مهتمين بالشأن العام، وجعل الناس -كما يقول مفكر اليمن الراحل محمد أنعم غالب- "منحصرين في الشؤون المحلية في عالمهم الصغير. ونادراً ما يمتد اهتمامهم إلى ما وراء منطقتهم الصغيرة التي هي عبارة عن اتحاد غير متين لعدَّة قرى أو المدينة التي يعيشون فيها" [محمد أنعم غالب "نظام الحكم والتخلف الاقتصادي في اليمن"، ص26]. وكان ينحصر أمر الاهتمام من خلال المشاركة في الانتفاضة، أو التمرّد على السلطة القائمة، أو إسقاط الحاكم، دون أن يهتموا بما سيحدث لاحقا، وبما تحقق بعد ذلك.

لقد أسهم تطوّر وسائل الاتصال بشكل أساسي، ورئيسي، في انخراط الرأي العام اليمني في الشأن العام، وفي تشكيل قوّة ضاغطة نحو السير في إعادة بناء الدولة اليمنية الحديثة، بما يلبِّي تطلعاتهم، حيث لعبت دورا كبيرا خلال ثورة الربيع العربي في اليمن فبراير 2011م. 

وقبل ذلك ساهم انتشار الراديو ووصوله إلى اليمن، قبل ثورة سبتمبر 1962م، في رفع وعي الناس، وتحريضهم على الاشتراك في تغيير الأوضاع.

لم تكن علاقة اليمنيين بالسلطة مقترنة بالثقة، والأمان، بل قائمة على الشك والريبة "وفقدانهم الثقة وكرههم للحكومة المركزية يجد جذوره في فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق الاطمئنان والأمان لهم، وتنتج هذه الحقائق مقترنة بالعزلة الإقليمية فقدان الاستقرار السياسي، فحركات التمرّد ظلت تهدف إلى شيء واحد، قلب الحكومة القائمة، لا إحلالها بحكومات أفضل" [المصدر نفسه، ص27]. فكانت المسألة لديهم تنتهي بمجرد إسقاط الحاكم، دون أن يعملوا على إصلاح منظومة الحكم، الأمر الذي جعلهم يعيدون جولات الصراع بصورة مستمرة.

خلال عهود طويلة من تاريخ اليمن الحضاري لم يتفرّد الملك قديما، كما في بعض الحضارات التي عرفها التاريخ، بأنه المخصوص بالقداسة، لأنه الوحيد بين سائر الناس ابن الإله، فاليمنيون جميعا كانوا في عهد الدول الحضارية، التي شهدتها البلاد، يحملون القداسة ذاتها التي يحملها الملك، ورغم ما جرى بعد ذلك في اليمن، من محاولة منح سلالة بعينها حقوقا وامتيازات على بقية أبناء الشعب، إلا أن الشعب لم يسلّم بذلك، ولم يتقبّل كل تلك التعبئة المقترنة بالعقيدة، كما روّج لها أصحابها، ونجد تعبير ذلك في عدم امتلاك الحاكم أو الإمام، ممن اعتلى السلطة، بالقبول الشعبي أو الارتهان لمشيئته، بحيث ظلت التمرّدات على الحكام ممن أصبغوا القداسة على أنفسهم، من دعاة الإمامة أكثر اشتعالا ورفضا من غيرهم "ولقد خلق هذا الموقف شعور أي حكومة قائمة بوجوب الاعتماد على مقدرة الحاكم وشخصيته" [المصدر نفسه، ص27]، وليس على ما يدّعيه من نسب، بل على ما يمتلكه من مزايا وقدرات. 

كما أن اليمنيين لا ينظرون إلى هوية الحاكم بقدر ما يتأثرون بقدراته، وما يمتاز به من صفات شخصية، ومن أمثلة ذلك أنهم تقبلوا أن تتربع امرأة على الحكم، هي السيدة أروى بنت أحمد الصليحي ت532هـ، "وأهَّلها ما كانت تتمتع به من صفات شخصية وبُعْد نظر وعلم، للقيام بهذه المهمة بنجاح....  فكانت الحاكم والداعي في الوقت ذاته" [الموسوعة اليمنية إصدار مؤسسة العفيف الثقافية].

وهناك الكثير ممن حكموا "لم يكن لوصولهم إلى السلطة بالضرورة علاقة بعصبياتهم، باستثناء الحالة الإمامية الزيدية. مع ذلك، لم تكن عصبية الأئمة كافية وحدها لإيصالهم إلى سدة الحكم" [أحمد الأحصب "هوية السلطة في اليمن جدل السياسة والتاريخ"، ص..]، بل كانت تستند إلى عصبية خارج حدود عصبيتها بحسب الباحث.

 كما أن سمات الحاكم وشخصيته بعيدا عن مذهبه أو انتمائه، كما تشير سيرة الملك علي بن محمد الصليحي، كانت وراء "قبول بعض القبائل الدخول في الدعوة الفاطمية، مع كونها تخالف إلى حدّ ما عقيدتهم، بعد أن رأوا من علو همة الصليحي وانتصاراته، وحسن سياسته، وحرصه على مصالح رعيته" [د. حسين بن فيض الله الهمداني "الصليحيون والحركة الفاطمية في اليمن". ص 232-233]. وقد كان لقوة شخصيّته الأثر الفاعل في إعادة توحيد اليمن، والقضاء على تمزّقها، والتفاف القوى خلف سلطته.

مقالات

أبو الروتي ( 14 )

كان المعهد العلمي الإسلامي يتبع الشيخ محمد سالم البيحاني -خطيب وإمام مسجد العسقلاني في كريتر- وكان مدير المعهد هو الأردني ناظم البيطار، الرجل الذي كان مجرد ظهوره يثير فينا الرعب.

مقالات

ما العمل؟

عندما قرأ مقالي «ماذا ننتظر كيمنيين؟»، عَقَّبَ الأستاذ المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير بسؤال: «ما الحل؟»، و«ما المخرج؟»؛ وهو «سؤال العارف». وقد وردَ في الأثر: "ما المسئول بِأعلمَ مِنْ السائل".

مقالات

"أيوب طارش".. اسم من ذهب

ما أكثر ما تعرَّض أيوب طارش لعداوات ساذجة من بعض المحسوبين -بهتانا- على رجال الدين، وخطباء المنابر المنفلتة، ليس آخرهم عبد الله العديني، الذي أفسد دينه ودنياه وآخرته بإثارة قضايا هامشية لا تهم أحدا سواه

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.