مقالات

القبيلة.. والسلطان

14/05/2024, 10:09:47

كان أجدادي القدماء يحرصون على أن تظل أسرارهم تكتنف ثلاثة أمور في حياتهم على نحوٍ حتميّ مطلق: ذَهَبهم.. ذِهابهم.. ومَذْهبهم.

أما أنا فلا ذهب لي، ولا مذهب. وأما ذهابي فلا يأتي ولا يذهب، وإنْ كان، فلا يؤول إلى نفعٍ على الإطلاق. 

ولم تكن لي يوماً أية حوائج أستعين على قضائها بالكتمان!

منذ أن وعيت ذاتي وموضوع وجودي، سعيت جاهداً إلى أن يكون لي ذهب، فكان الفشل الذريع مصير هذا المسعى على الدوام..

ومنذها أيضاً تساءلت عن مذهبي، فلم أجده بالمرّة، مثلما لم أجد حماسة قط لاختطاطه أو اصطناعه من العدم..

وكنت أشرع في الذهاب فلا أصل - إن وصلت - إلاَّ إلى بؤرة العدم تحديداً، حتى بات العدم - في الأصل - هو مشروع ذهابي إلى حيث لا أصل ولا أنتوي الوصول..

لطالما اعتقدت أن المعرفة مشروع ذهاب، أو أن الإبداع هو هذا المشروع، أو ربما التخلُّق الذهني أو الاجتماعي - الطبقي.. حتى أدركت أن القَرَدَة والغربان وبعض صنوف الكلاب تمارس هذا المشروع، بل تجيده أفضل مما يقوم به الإنسان!

------ ( 2 ) -------

إذا جرجرتْ الحرب أذيالها، وأظهرتْ لك من عوراتها وأنذالها، ما يهيب له الإنسان ويشيب له الولدان، فأبشر بموت حياة واندحار حضارة، واعرف أن كلَّ مكسبٍ يومها محضَ خسارة.

تجيء القبائل إلى موائد السلطان، فتنزع - عند عتبة الباب - مقبض السيف ومربض الكرامة.

وحين تجلس إلى صولجان العرش، لا تتكلم لغتها البتة، ولا تتكئ على تراثها.. حينها، السلطان وحده يتكلم اللغة التي يريد ويجيد، وهو الذي يتكئ حينها على رؤوسهم.

لا قطرة ماء في وجه فارس قايضَ خيله بتويوتا، وباع رمحه بدرهم فضة، ونزع عنه بدلة الحرب ليلبس كلسوناً أحمر اللون بشراشيب صفراء..

ولا يُسمى الميدان ميداناً إلاَّ إذا ازدحم بالأفراس وممتطيها، وإلاَّ فإنه ساحة سيرك..

ولا يكون البحر بحراً إلاَّ إذا خاضت فيه السفن، وإلاَّ فهو حمَّام سباحة أو بانيو.

-----------( 3 ) ----------------

يقولون: احذر، فإنّ الأرض مزروعةٌ بالشِّراك..

يقولون: حاذر، فإنّ الخطر يحوم في ذرّات الهواء..

- الحذر ولا الشجاعة..

- لا حذر مع قَدَر!

ويستمر الموّال.. ويتكرّر المنوال..

ورحم الله مخترع الحرف.

كلما أطلقتُ ضحكةً، قهقهتْ مدافع الجهل، وتشظّتْ في الآفاق قنابل الرعونة.

وكلما أطلقتُ صافرتي للريح، نعقتْ أسراب الغربان، ونعبتْ طوائف البوم، ونقنقتْ ضفادع المستنقعات.

وكلما أطلقتُ نكتةً ساخرةً، أطلقتْ جيوش قراقوش نابالم الحقد وسيانيد التخلف.

إنني أطلقُ الكلمة والبسمة، وهم يُطلقون ما في جوفهم من قيح وغُثاء قبيح.

إنني أنسجُ سخريتي من رُقَع الفاقة وأسمال العدم، وهم ينسجون نهايتهم الكالحة من ذنوبهم وأذنابهم.

إنني أدّخر حزني لأُذخّر مُزني، وهم يدّخرون كآباتهم ليُذخّرون نكباتهم.

وفي آخر الشوط...

أكونُ في موقع الصدارة.. ويكونون في أسفل درك الانحطاط.

مقالات

اليمنيون في الشتات.. أسئلة ومتاهات (4-4)

كلما ذهبت إلى بلدٍ يقصده اليمنيون؛ إمَّا هرباً من جحيم الحرب في بلادهم، أو للحصول على التطبيب الذي يفقدونه في وطنهم، تتسع أمام ناظري حدود المأساة التي يكابدها اليوم اليمن، والممتدة منذ نحو عشر سنوات.

مقالات

السلام مع ذيل الكلب!

منذ سنوات طويلة، ونحن نقرأ أو نسمع عن السلام في اليمن، وعن تسوية سياسية، وعن حوار عبثي، وعن رحلات مكوكية، بين العواصم التي تخوض معاركها على الأرض اليمنية، والضحايا هم اليمنيون فقط.

مقالات

عن الأحكام التي تسبق الجريمة

أظن أن النفس البشرية، حتى في أشد حالات نزوعها نحو الشر والجريمة، تبحث في الغالب عن مبررات لأفعالها، ومنها تلك الأحكام الذاتية التي يطلقها الإنسان على غيره، قبل أن يرتكب في حقهم جرما معينا، وهذه الأحكام غالباً لا تمت للقيم الإنسانية بصِلة

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.