مقالات

"القبيلي" واستغلال المستغلين

10/05/2021, 10:38:04
بقلم : محمد صلاح

حين قالوا هيّا شرق يا قبيلي
قلت هيّا مَرَه قُومي وهاتي صميلي
أصْبَحتْ (بين دولتين) أغتنمها
شَوريَ اليوم شورْ والقِيل قيلي
قبل ما يسْبروا يسدٌوا عليَّ
ذاك ياصُنْو لَكْ وها ذاك لي لي
وانت سرلك هناك واذبح وهات قات
واعصدي يا مَرَه وزِدْ يا قبيلي

تلخص هذه الأبيات الشعبية أحد الأسباب التي تدفع "القبيلي" في بعض مناطق البلاد للانخراط في الصراعات السياسية، وخوض الحروب، فهي في وجه مِن وجوهها محاولة لإثبات الذات، ومن ناحية أخرى "استغلال للمستغلين".  

ينظر "القبيلي" للحروب أنها تدفع القِوى المتصارعة للحاجة إليه، لذلك يرى في استمرارها واستنزاف الأطراف جزءاً من تأكيد الذات، وارغام القِوى السياسية على الحاجة إليه، وأنه قُطب الرّحى في ترجيح كفّة هذا الطرف أو ذاك، كما هي تأكيد للحضور على مسرح الأحداث، ومضاعفة المكاسب.
هكذا في حروب اليمنيين مع الأتراك، وفي مواجهة الجمهورية للملكية. وقبل ذلك يمدّها تاريخ طويل عريض مع الإمامة ودُعاتها، وصراعاتهم المتواصلة على منصب الإمام. بينما اللحظة الراهنة هناك كثير من التغيّرات في التصوّرات قد جرت نتيجة أسباب عديدة!

إن تجربة المجتمع اليمني مع الطامعين، والطامحين في السلطة، وخصوصا في المناطق ذات الشحة الاقتصادية، والتماسك القبلي، مع الأئمة وتعددهم وصراعاتهم، قد انعكست على مواقفهم ونظرتهم للسلطة، والصراع حولها، باعتبارها مشروعا لاستغلال طاقة المجتمع، الأمر الذي يجعل من الأخير يبادر لاستغلال الطامعين في الحكم، كما طُبعت العلاقة بين المجتمع والحكام بالريبة والشّك.
تلاعب علي عبدالله صالح في حروب صعدة، واستغلتها الأحزاب للمزايدة، والمقايضة، والضغط لتحقيق أهداف قصيرة النّظر، فساعد ذلك على رفع الستارة لبداية انتعاش المستغلين من جميع القِوى والأطراف، سواء كانت محلية أو خارجية، وكل له أهدافه ومشاريعه.

جاء هادي وظنّ بقدرته على التلاعب أيضا بالقبائل، وضرب بعضها ببعض، فأدركت الأخيرة ذلك بعد دخول الحوثي عمران، وأنه يهدف إلى التلاعب بهم، وقد زَين له ذلك ثُلة من المستشارين، الذين يقتاتون على جِراح الشعب، فكان ما كان بعد دخول الحوثي صنعاء، خصوصا وأن صالح ساهم في تسهيل التحالف بين القبائل (المتحالفة معه) وبين الحوثيين، ولأن "ارتزاق واحتراف الحروب ليس قدرا حتميا على هذا الشعب، وإنما هو الفرصة الذهبية النادرة في أزمة الحرمان من الحقوق الشرعية، وأزمة الطموح المشروع، ولمّا عجز الشعب عن تحقيق طموحه الحقيقي استغل كل بادرة لإثبات وجوده وشعور الكبار بالضرورة إليه". [عبدالله البردوني قضايا يمنية].

دفعت مواقف هادي وتعامله مع القبائل التي كانت تقف معه، وتساند مشروع الانتقال السياسي في البلاد، بتلك الصورة المُخجلة، إلى التشكك من خطواته، وفي الوقت نفسه عززت من مواقف الأطراف الأخرى، فكان لذلك تأثيره على انخراط عدد من القبائل في الحرب بهدف "استغلال المستغلين"، حسب تعبير البردوني.

قُتل صالح، فورث الحوثيون تحالفاته الاجتماعية، بينما كانت الشرعية ومن حولها مهتمة، ومنهمكة في ترتيب أوضاعها المادّية، ومصالحها في الخارج، ومع الأطراف الإقليمية.
ترى قطاعات واسعة من المجتمع اليمني ما يفعله 'الانتقالي' اليوم في المحافظات الخاضعة لإدارته، وما يفعله بالشرعية في عدن، وكيف تتعامل الأخيرة مع الشعب، حيث تركته بلا غطاء، الأمر الذي يجعل المواقف داخل قطاعات واسعة من المجتمع في حالة من عدم اليقين، واتخاذ مواقف ثابتة تجاه ما يحدث.
لن تتبدل وتتغيّر المواقف إلا متى تغيّر أداء الشرعية، بدون ذلك فنحن سنعيش تحت ظلال دولة أُمراء الحروب.

مقالات

الاستقرار غير ممكن لليمن!

عندما نضع اليمن في مقارنة تاريخية مع دول الإقليم والعالم، نكتشف حقيقة واحدة: أن هذه البلاد التي كان يُقال عنها إنها السعيدة، أو "اليمن السعيد"، وارتبط هذا الاسم بهذا الركن من جزيرة العرب، إنما كان حلمًا من أحلام التاريخ، وأحلام اليمنيين، وأشبه ما تكون بأحلام اليقظة التي ظلت تسافر لزمن طويل في كتب المؤرخين والرحالة وكتب الجغرافيا والتاريخ.

مقالات

التحالف القبلي–السلالي: البنية التاريخية لدوام الاستبداد

يُشكّل التاريخ السياسي لليمن مثالاً فريداً على تفاعل الدين بالقبيلة في بناء السلطة وتوارثها. فمنذ أن دخل الإمام الهادي يحيى بن الحسين إلى صعدة أواخر القرن الثالث الهجري، نشأت نواة نظام سياسي ديني استند إلى نظرية “البطنين” التي حصرت الحق في الحكم في سلالة بعينها من نسل الحسن والحسين، واعتبرت الإمامة وظيفة إلهية لا يحق لغيرهم تولّيها.

مقالات

إيران وغزة.. نهاية أم بداية نهاية

سواءْ اتفقنا أو اختلفنا مع ما جرى طوال ساعات يوم أمس الأثنين الـ 13 من شهر أكتوبر/ تشرين أول الجاري، من تبادلٍ للأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة حماس، وسط مشاهد مؤلمة ومؤثرة، فإن ما حدث يعني نقطة تحولٍ بالغة الأهمية، رغم كل الصعوبات التي اعترضت سبيل الوصول ألىهذه النتيجة، بل والثمن الباهظ الذي دفعه سكان قطاع غزة وشعوب المنطقة كافة.

مقالات

الانتقالي والتطبيع.. مسار يعيد إنتاج الارتهان وينسف شرعية 14 أكتوبر

منذ انطلاقتها في 14 أكتوبر 1963، رفعت الثورة اليمنية في الجنوب هدفا استراتيجيا واضحا تمثل في انتهاج سياسة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز، انسجاما مع روح حركات التحرر الوطني التي سعت إلى بناء دول مستقلة القرار، بعيدة عن الاستقطابات الحادة بين المعسكرين الرأسمالي الغربي والشيوعي الشرقي.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.