مقالات

"المرتزقة" الأخطر!

31/03/2023, 11:09:39

مليشيا الحوثي أكثر طرف يجسّد وصف "المرتزق"، وفقا لمفهوم القانون الدولي، رغم استخدامها هذا المصطلح إعلامياً ضد خصومها السياسيين والمناوئين لها كونهم رفضوا انقلابها على السلطة الشرعية و الإجماع الوطني وسطوها على مؤسسات الدولة واعترفوا بالتدخل العربي العسكري بزعم استعادة الشرعية.

أسباب كثيرة تؤكد انطباق وصف "المرتزقة"، على مليشيا الحوثي أكثر من غيرها؛ من بينها أن الحروب المتداخلة التي أشعلت فتيلها في اليمن ضد الداخل والمحيط الإقليمي في جزء منها لحساب أكثر من طرف خارجي و تهدف بدرجة رئيسية إلى تحقيق منفعة شخصية، وهما ركنان أساسيان في تعريف "المرتزق".

فالحوثيون مثلا عندما يخوضون حربهم ضد اليمنيين بذريعة أنهم "دواعش وتكفيريون"، هم يفعلون ذلك لحساب الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد ما تعتبره "الإرهاب وتهديدا محتملا للمصالح الأمريكية"، وإن بدا الأمر مجرد ذريعة بالنسبة لكلا الطرفين على حد سواء؛ لكنهما في المحصلة يعملان في خندق واحد.

وهناك شواهد عدة تتبعتها على مدى سنوات تظهر التخادم الأمريكي الحوثي في هذا الملف، ما يؤكد حقيقة استخدام الحوثيين كمرتزقة في حرب بالوكالة لفائدة آخرين مقابل منافع مادية وسياسية.
والحوثيون عندما يخوضون حربهم على بعض المناوئين لهم بوصفهم "وهّابيين أو أحفاد معاوية أو نواصب"، فهم يفعلون ذلك لفائدة إيران ومشروعها الطائفي التوسعي في المنطقة.

والحوثيون عندما يشنون حربهم على ما يصفونهم "الإخونجية" فهم يفعلون ذلك خدمة لبعض الأنظمة القمعية والعسكرية في المنطقة العربية التي لديها خصومة مع قوى "الإسلام السياسي" لا سيما منذ أحداث الربيع العربي؛ ولذلك تعتبر العديد من الدراسات البحثية أن الحرب الحوثية في اليمن ما هي إلا إحدى تجليات الثورة المضادة لإعاقة عملية التحول الديمقراطي ووأد طموحات التغيير السلمي في المنطقة العربية.

ولهذا من يتابع، على سبيل المثال، تغريدات القيادي الحوثي حسين العزي مؤخرا يدرك حجم التحول التدريجي في خطاب الجماعة نحو العودة مجددا للتموضع الصريح في معسكر الثورة المضادة والتخلي عن المصطلحات العدائية ضد المملكة العربية السعودية، واستخدام خطاب استرضائي هدفه عرض خدمات الجماعة للسعودية مجدداً وإظهار الولاء والاستعداد لبدء جولة حرب جديدة باتجاه الداخل اليمني (كجزء من الطبيعة الارتزاقية التي تعتاش عليها الجماعة الحوثية)، لعلها تلبي رغبة محتملة لدى الرياض في التخلص من بعض القوى التي لا تروق لها.

بل أبعد من ذلك؛ لن يجد قادة جماعة الحوثي غضاضة لو قُدّر لهم إرسال مليشياتهم للقتال في أي بؤرة صراع دولي مشتعلة إن كان في ذلك منفعة للجماعة وبأي ثمن، إذ يمكن للحوثيين الذهاب للقتال إلى جانب الروس، على سبيل المثال، في أوكرانيا كما يفعل النظام السوري حاليا، ولن يجدوا غضاضة حتى في إصدار فتاوى بذلك باعتباره "جهادا ضد قوى الاستكبار العالمي"، حسب أدبياتهم.

إذن، ذرائع ولافتات عدة يستخدمها الحوثيون لتبرير حربهم الممتدة على الشعب اليمني كلها تجسد حقيقة أنهم "مرتزقة" بامتياز.

كما أننا أمام حالة من مرتزقة متعددي الأوجه والاستخدام لا يمكن إلا أن تكون أسوأ نسخة من الإمامة العنصرية الطائفية الفاشية في اليمن.

مقالات

السعودية حين تريد خلع عباءتها

مهما بلغت السعودية من شأن وتطور وحداثة، ومهما حاولت أن تنسلخ عن ثوبها القديم، ستظل النظرة الغربية تلاحقها كظل لعنة أبدية: ابتزاز بالمال والمواقف.

مقالات

الحوثيون بين تهديد السعودية والإمارات واستهداف الكابلات البحرية

تلوّح مليشيا الحوثي مجددًا باستئناف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة ضد السعودية، متهمةً الولايات المتحدة وإسرائيل بالتحضير لمرحلة تصعيد جديدة تستهدف التحالف العربي، وهو خطاب يعيد إنتاج سردية المظلومية التي توظفها المليشيا لتبرير تحركاتها العسكرية وللتغطية على التحول النوعي في أدواتها، إذ باتت تمثل امتدادًا مباشرًا للاستراتيجية الإيرانية في استهداف المصالح الخليجية والدولية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب والخليج العربي.

مقالات

قراءة في ضباب المشهد العالمي

لم يكن العالم في أي يوم أسوأ مما يبدو عليه اليوم من فوضى وارتباك وتضارب مصالح وضبابية رؤيا، فمن الحرب في أوكرانيا المزدوجة والمعقدة بين روسيا، من جهة، والغرب الأوروبي الأمريكي من جهةٍ أخرى، التي لا تبدو لها في الأفق نهاية، إلى نزاعات الشرق الأوسط بين إيران المصممة كما يبدو على امتلاك سلاحٍ نووي وإسرائيل المهووسة بحلم الدولة |(اليهودية) في واقعٍ لا يحتمل ذلك والطموحات الجامحة لتركيا، وإلى اليمن المنكوب والسودان المتشرذم وليبيا الغارقة في فوضى الميليشات والسلاح المنفلت، وحتى المغرب المضطرب، نرى مشهداً غير مسبوقٍ في التاريخ الإنساني وخارطةً عريضةً من المشكلات المركبة، المتداخلة، المزمنة والعصية على الحل في المدى المنظور.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.