مقالات

المساح واستيقاف الزمن

20/04/2024, 11:05:27

محمد المساح شاب خرج منتصف الستينات في بعثة طلابية إلى القاهرة. اندمج في الحركة الطلابية المصرية كواحد من أبناء مصر.

ومحمد المساح ابن حركة "القوميين العرب"، الفقير إلا من النّبل والقيم والأخلاق - يكاد أن يكون يسارياً بالفطرة.

وميله إلى اليسار يعبِّر بعمق عن المنبت الاجتماعي، والأشواق الإنسانية العظيمة.

تفتق وعي المساح الطالب بكلية الإعلام على القصيدة الحديثة (قصيدة النثر) بخاصة، وعلى الفكرة الحديثة بصورة عامة، وامتلك موهبة الإبداع؛ فكان قلماً جباراً.

كتب القصة القصيرة، وبرع في رسم «حواري صنعاء» بأزقتها وفتياتها «المشرشفات»، والمجللات بالسواد، وقرأ عميقاً حالة الفلاح اليمني، والقرى الجائعة المحاصرة بالتيفود والمظالم والتخلّف، وبقي ابن المساح وفياً للمُزارع الذي يحرث الأرض، والثور والحمار الذي جعل منه لازمة التخاطب، فما إن تلقاه حتى يبادرك: «يابن حماري!»، أما إذا سبقته بالجملة (القنبلة) فقد أمسكت بزمام الأمر.

محمد المساح نقي نقاء الضمير، ومخلص كالحليب، ووفي كالماء، ورائق كالمحبة.

إنسان بسيط بساطة السماء، وصادق كبسمة الأطفال، وقريب إلى الوجدان.

يا محمد المساح أين غبت؟ نشتاقك كقهوة الصباح، ودعاء المساء، وشقاوة ابن الأرض.

تركت في مصر ذكريات لا تنسى. فكلما ذهبت إلى مصر، والتقيت بالرائعِين: بدر الرفاعي، حلمي سالم، وجمال الريان، ومحمد صالح، وسمير عبد الباقي، انفتحت سيرة ذكريات مليئة بالشقاوة، والفتوة، والذكاء، والحب.

عدت بعد التخرج إلى عدن، ثم غادرتها إلى القرية. فلم تكن عدن -حينها- تجسّد المثال الذي تطمح إليه.

جئت إلى صنعاء، شاركت في إصدار أول عدد لمجلة «الكلمة»، التي أصدرها الصديق العزيز الدكتور محمد عبد الجبار، وكانت بصماتك في افتتاحية العدد الأول جلية.

تسلمت لفترة قصيرة  بعد العزيز الناقد والشاعر الكبير عبد الودود سيف، رئاسة تحرير «اليمن الجديد»، كما أسهمت في تأسيس ملحق «الثورة الأدبي»، ورأست لمرتين متتاليتين تحرير صحيفة «الثورة».

تربع عمودك في الصفحة الأخيرة من الثورة بعد عودتك مطلع السبعينات، وكانت افتتاحية «الثورة» للفقيد الكبير الصحفي والقاص المبدع محمد ردمان الزرقة، إلى جانب نثريتك (لحظة يا زمن)، هما أروع ما تقدمه الصحيفة على مدى أكثر من عقدين من الزمن.

كانت النثرية (اللحظة) من البدايات الباكرة لقصيدة النثر، لكنها لم تلقَ الإنصاف ككل الفلاحين المحرومين من حق المواطنة حتى اليوم.

لقد امتلك المساح تجربة قاسية وعميقة في الحياة، واستطاع بموهبة كبيرة نثرها على صدر صفحات الصحف والمجلات، وهو - على غزارة إنتاجه في القصة القصيرة، وقصيدة النثر- لم ينشر شيئاً من إنتاجه، وهو قليل الاهتمام – حد النسيان- بإبداعاته الغزيرة والغنية.

والواقع أن للمساح دَيناً في رقبة الدولة اليمنية، التي عمل معها أكثر من ثلاثة عقود، وتحديداً في صحيفة «الثورة»، وله دَين مضاف ومسؤولية أدبية وأخلاقية في ذمة اتحاد الأدباء والكُتاب اليمنيين، الذي كان محمد أحد واضعي لبناته الأولى. أما نقابة الصحفيين فهي المسؤول الأول؛ لأنها الابنة البكر لجهود المساح، الذي كان النجم اللامع في مؤتمرها الأول، وحاز على أعلى الأصوات بعد فقيد الصحافة الكبير عبد الله أحمد الوصابي.

محمد المساح مبدع كبير، وإنسان مناضل ورائع، يشرق في لحظة من الزمن، ثم يغيب دون أن يهتم به أحد.
يتحمل تلاميذه وزملاؤه في صحيفة "الثورة" والإعلام مسؤولية تسوية وضعه ودرجته.

فقد تكرّم الأخ الرئيس علي عبد الله صالح، في منتصف العام 1990م، بعد الوحدة بمنحه والفقيد الكبير محمد البابلي درجة وكيل؛ بالتماس من قِبل النقابة الصحفية، التي أسهم في تأسيسها، وبمتابعة من قِبل العزيز علي الشاطر.
وكلنا يعرف أن تلاميذ المساح قد وصلوا إلى أعلى الدرجات.

أما اتحاد الأدباء والكُتاب ونقابة الصحفيين فلا أقل من تكريم هذا الرائد، والقيام بتجميع إبداعاته من قصة، وقصيدة نثر، أو أقصودة - حسب نحت العزيز زين السقاف - ونشرها.

ليس هناك ما هو أفضل من تحية المبدع في زمن يحتاج فيه إلى العرفان بالجميل، وإلى تحية طيبة، و"لحظة يا زمن".

مقالات

الخيانة بلباس الجمهورية

يتشدّق أتباع طارق صالح "بالجمهورية"، كما لو أنهم استيقظوا فجأة ذات فجر على صوت المعركة، وقرروا أنهم أرباب الدولة وورثتها الشرعيون، وأن الشعب لا يُؤتمن على تاريخه، ولا يحق له أن يحدد هوية من يمثله، أو من يتكلم باسمه. يتحدثون عن الجمهورية كما يتحدث الكهنة عن كتبهم المقدسة، لكنهم ينسون أو يتناسون أن أول خنجر غُرس في جسد الجمهورية لم يكن بيد الحوثي، وإنما بيد من تربّى طارق في بيته، ورضع من ثدي سلطته، وتكوّن في دهاليز خياناته.

مقالات

أساليب حوثية تعزز ما يفعله سلاحها

لا تستند الحركة الحوثية في استمرار هيمنتها وسيطرتها في صنعاء إلى السلطة والقوة العسكرية وحدها، فالسلطة وقوة السلاح لا يكفيان لضمان استمرارها في موقع الهيمنة، من دون اتباع أساليب وحيل من شأنها إنهاك المجتمع، وإشغال الناس، وإغراقهم في قضايا كونية ومعارك وهمية كبرى تُفرض عليهم دون أن يخوضوها فعلياً. لكنها، من ناحية أخرى، فعالة في صرف الناس عن التفكير أو الاهتمام بمسائل حياتهم اليومية، وما يتصل بشؤونهم الشخصية والعائلية والمهنية والعلمية والاقتصادية، وتأخذهم بعيداً عن القيام بأي نشاط أو فعل مستقل عن الجماعة، أو حتى معها، ما لم تكن هي من حددت فكرة النشاط وطبيعته وحجمه ومجاله والحاجة إليه.

مقالات

حق المرأة في الولاية وحقها في الدية ( 1-2)

هذا هو الجزء الثاني من الندوة التي أقامها «منتدى التنمية السياسية»، و«منظمة صحفيات بلا قيود»، في صنعاء، فندق «تاج سبأ»، في 27 / 5/ 2007. والجزء الثاني مكرسٌ للرد على أوراق الأساتذة: عبد الملك التاج، والشيخ عارف الصبري. في البدء ألقت الأستاذة توكل كرمان- رئيسة «منظمة صحفيات بلا قيود»، كلمةً حَيَّتْ الحاضرين، وتحدثت عن التخلف في البلدان الإسلامية، وأنَّ خروج المرأة مسئولية المرأة والرجل مَعًا. داعية كُلَّ صاحبِ فقه، ومِنْ أوتي حظًا من العلم الشرعي إلى دعوة المرأة للمشاركة في الحياة والنهوض، وإلى نهج واجتهاد جديدين يرفدان إعلان حقوق الإنسان والعهد الدولي؛ تنير الطريق، ولا ترى في الانتخابات بدعةً وَضَلالاً، ولا في مشاركة المرأة فِسْقًا وفجورًا.

مقالات

تعز... الوجه الذي كان يودّعنا!

لم يكن أيُّ مسافرٍ يطيب له السفر إلَّا من خلال مدينة تعز، أو أن تكون تعز آخرَ ما تقع عليه عيناه، يكحّلهما بها حتى تقرَّ نفسه في رحلة قد تطول أو تقصر، داخل اليمن أو خارجه.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.