مقالات

أوجاع اليمنيين لا تنتهي!!

18/12/2023, 14:23:18

لا يوجد مسار سياسي أو عسكري واضح في اليمن حتى اليوم، وكل ما يظهر للعيان هو تفتيت  المفتَّت، وتجزئة المجزأ، وتشطير المشطَّر، وتحوُّل السعودية إلى وسيط غامض يشتغل بالخفاء متماهياً مع السياسة العُمانية الغامضة تجاه اليمن، التي أثبتت الأيام أن مسقط حليف خفي للحوثيين، وإن تظاهرت بالحياد كل هذا الوقت، وفي الوقت ذاته كشَّرت الإمارات عن أنيابها الاستعمارية الناشئة تجاه اليمن بصناعة مليشيات بشعة مستغلة ما يعيشه اليمن من تشظٍ.

عندما ننظر إلى اليمن ككل، أو ما يسميها علماء النفس بالنظرة "الجشتلطتية"، أو النظرة الكلية، لا نرى اليمن بخير على الإطلاق، منذ سنوات طويلة، وإلى سنوات قادمة؛ لأن اليمن تفتقد الرجل الرشيد والشعب المتنوّر، ولأن كل ما طفى إلى السطح هم مجموعة من الأراجوزات، التي تحركها أيدي المستعمرين الخليجيين الجدد، الذين كانوا -إلى وقت قريب لا يتجاوز خمسين سنة- عبارة عن خيمتين وعنزة - كما وصَّفهم السادات يوماً ما- والاستعمار الفارسي، الذي يتحيّن إعادة التاريخ إلى زمن سيف بن ذي يزن، الذي وقع في براثنهم، وهو يبحث عن الخلاص لبلاده اليمن، وليس تسليم اليمن بكل موروثها الحضاري والثقافي وتنوّعها الإنساني لقمة سائغة للملالي.

لا ندري ما الذي يتم طباخته في السعودية حول اليمن، وكلنا على علم أن طبخات السعودية لليمن فاسدة من القرن الماضي، والسلام بين من حكومة فاسدة حتى النخاع هناك ومشرفين غير قادرين على إدارة مؤسسات دولة، استلموها على طبق من ذهب.

مظاهر الفشل والإخفاق ماثل للعيان، وليس في حاجة إلى محللين وخبراء وإستراتيجيين، فهل يمكن  إدارة دولة بحجم اليمن على أيدي جماعة لا تعرف من منهم صاحب القرار، فهي ليست دولة مؤسسات، ولا يعترفون بها، بل دولة مشرفين، ولكل منهم رأيه ومصالحه الشخصية هو وجماعته.

الغريب أن حكومة تم إقالتها منذ شهور بعيدة ، وتحولت إلى حكومة تصريف أعمال غريبة، لا نراها تحت أي شعار، سواء  كانت تغييرات جذرية، أو خيارات إستراتيجية، وهلم جراً من هذه المسميات، التي هي أكبر من حجم الجماعة.

اليمن، خلال السنوات التسع الماضية، كانت ضحية أحداث وحروب وصراعات كبيرة على مستوى الإقليم أو العالم؛ الحرب الأوكرانية - الروسية ألقت بظلالها العميقة على اليمن من حبة القمح إلى الكلاشنكوف...!

ثم جاءت الحرب الصهيونية على غزة، فأنست اليمنيين بلادهم، التي دمّرها القتل والحروب والموت والحصار والجوع، وانقطاع المرتبات، وتحول جزء كبير من اليمن إلى فلسطينيين أكثر من الفلسطينين، وإلى ملك أكثر من الملك، ورسائل التبرّع لا تتوقف عن التلفونات، في الوقت الذي يموت الشعب اليمني من الجوع منذ سنوات طويلة، ولم تتحرك ضمائرهم لنجدة شعبهم بريال واحد. وأعتقد جازماً أن الفلسطينيين لا يريدون من اليمن فلساً واحداً، وخاصة أنهم على علم حقيقي بأننا بلا رواتب منذ تسع سنوات، مثمنين موقفهم منذ ثلاثينات القرن الماضي حين كان اليمنيون في العصر الحجري تحت حكم الأئمة، الذين كانوا أول من بادر للتفاعل مع الحركة الصهيونية العالمية، وتم إرسال الكثير من اليهود اليمنيين إلى أرض الميعاد المزعوم، بداية من عام 1948م.

نحن على يقين بأن المقاومة الفلسطينية، منذ 7 اكتوبر 2023م، هي التي خففت أوجاع اليمنيين، وأنستهم مصيبتهم التي بدأت من 21 سبتمبر قبل سنوات، ولكن ليس معنى هذا الهروب إلى الإمام من استحقاقات يجب دفعها لمجرد أن تتحول اليمن إلى شرطي إيراني على مياه البحر الأحمر.

مقالات

طارق صالح: من عبء على الحوثي إلى عبء على الشرعية

حين استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء عام 2014، بدت الحاجة إلى أدوات صالح العسكرية والبيروقراطية ضرورة مرحلية. كان كمن يفتح لهم أبواب القلعة التي سيتحول لاحقًا إلى أسير داخلها. بقيت الحاجة لصالح إلى أن نجحت العصابة الحوثية في تجريده من أوراقه، وإلحاق أدواته بها، وإعادة تكييف أتباعه داخل الجهاز الإداري والعسكري للدولة، وربط مصالحهم بها مباشرة.

مقالات

شهادات مجروحة في الإبداع

لطالما قرأنا شهادات وتزكيات الأدباء لبعضهم البعض، سواء كانوا كتّابًا أو شعراء، والحقيقة التي يجب النظر من خلالها أن الشللية ليست على مجال معين أو ميدان واحد، بل تمتد إلى كل ما يخطر على البال وما لا يخطر على البال.

مقالات

مات فؤاد الحميري وقصيدته ستُكمل المعركة

مات فؤاد الحميري، وترك لنا بناته القصائد، يتيماتٍ مثلنا، يُحاربن كما نحارب، ويُكملن ما لم نستطع إكماله. رحل الصوت الذي كان يُشبه صوت الثورة حين كانت صادقة، رحل من كان كلما أنشد بيتًا من شعر، أنبت في صدورنا جمرة لا تخبو، جمرة تهتف للكرامة، وتحرض على التمرد، وتدعو إلى بناء وطنٍ لا يُدار بالبندقية، ولا يُحكم بالعائلة، ولا يُفرَّق فيه الناس بين جبلٍ وساحل، بين شمالٍ وجنوب.

مقالات

حرب الظلال.. من يمسك بخيوط الشرق الأوسط؟ الجزء (2)

في خضم النزاعات المعقدة التي تعصف بالشرق الأوسط، كثيراً ما تُسلّط الأضواء على الأبعاد العسكرية والاقتصادية بوصفها المحددات الحاسمة لتوازنات القوى. غير أن هذه القراءة، رغم واقعيتها الظاهرة، تُغفل طبقات أعمق وأكثر تجذراً في البنية الذهنية والسلوكية للفاعلين؛ طبقات ترتبط بالاعتقاد، والذاكرة، والتاريخ المُتخيل. فخلف كل تحالف معلن، وضربة عسكرية، وعقوبة اقتصادية… تقف منظومة كاملة من الدوافع الرمزية والنفسية التي تُعيد إنتاج منطق الصراع، وتُشرعن أدواته، وتُؤدلج نتائجه.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.