مقالات
أين كانوا مختبئين؟
كانت كل المؤشرات تومِئ إلى إنقلاب إمامي بغيظ والأيام تمضي وهم يقتربون من صنعاء رويداً رويداً بعد أن منحهم عبد ربه ضوءا أخضرَ بترحيل الدَّماجيين، الذين كانوا يمثلون سد يأجوج ومأجوج في وجه الانقلابيين ولصوص الوطن، بحُجة جُرعة ال500 ريال حق البترول، وكان مخططاً إيرانيا بالزحف نحو 26 سبتمبر، ومحاولة طمس ثورة اليمنيين وتضحياتهم الجسيمة.
هل كان الخطأ استيعابهم في ساحات 11 فبراير؟ هل كان الخطأ استيعابهم في مؤتمر الحوار في موفمبيك؟ أين كان الخطأ بالضبط؟
لتحصل هذي الجماعة على شهادة ميلاد زائفة ومزيفة!!
كان هناك قراءات ناقصة للمشهد الإقليمي برمَّته، ولتاريخ الرَّسي، ولمدى التغلغل الإيراني في صعدة، الكثيرون تعاطفوا مع مظلوميتهم بدون وعي وهم في صعدة، لكن على ما يبدو الجميع نسيَ امتدادات هذي الجماعة التاريخية البشعة، وارتباطاتها الإيرانية والخمينية، مع أن شعارها كان واضحاً من وقت مبكِّر.
ما الذي أسكر اليمنيين عن رؤية ما تمثله هذه الجماعة الخطيرة، التي تنكَّرت لكل اليمنيين الذين تعاطفوا معها، بل وذهبوا إلى الالتحاق بها ومناصرتها، وإبداء التعاطف في صعدة من كل مكان.
هناك مفارقات عجيبة كانت تمر علينا مرور الكرام، ولا ننتبه لها، ومؤشرات كبيرة تدلل على أن اليمن في خطر قادم من صعدة، هذا نحن المواطنين البسطاء، فماذا حدث للسياسيين والقادة في اليمن؟
في إحدى المرات، في حدود 2012م تقريباً، بينما كنا راكبين تنقلاً من النشمة إلى تعز، صادفنا عدة أشخاص في نفس السيارة، ينتمون لمنطقة قرب النشمة، وهم يتكلمون عن زياراتهم لصعدة، وعن الملازم والحوثيين، وإعجابهم الكبير بهم، وبعد أن كادوا في بداية الرحلة يتقاتلون على أمور سطحية، إذا بهم يتآلفون، ويصبحون أصدقاء.. اللعنة أين كان هذا مختبئا لليمنيين؟
لكنَّ اليوم، وبعد تسع سنوات من المعاناة، عرف اليمنيون حقيقة هذه العصابة، التي تحاول أن ترتدي أقنعة الدّولة عبر جميع شخوصها بجميع مستوياتهم، إنه لأمر مضحك أنهم، منذ تسع سنوات، لم يستطيعوا أن يكوِّنوا دولة ولا رُبع دولة، حيث لا شرعية لهم عند الشعب والإقليم والعالم، فلا يؤمنون بالسلام، ولا بحق لليمنيين بالسلطة والثروة والتعليم والصحة.. الخ.
إنَّ الأيام القادمة ستثبت لليمنيين وللعالم بأسره أنَّ هذه الجماعة ليست جماعة سلام، ولكن جماعة حرب، وحصار، وجبايات، وتحشيد، وتجويع، وجهل، وأمراض، وظلم فادح، ومجاعات، وإمام، لا صحة، ولا تعليم، ولا طرقات، ولا جامعات، ولا كل شيء، إنَّ الجامعات اليمنية في المدن الواقعة تحت سيطرتهم تم تدميرها أخلاقياً وعلمياً ومعرفياً، وكل شيء، وعلى رأي تلك الجامعات؛ جامعة صنعاء التي أنجبت أنبغ العقول اليمنية، ها هي اليوم تتحول إلى وكر كبير لقيم فاسدة وجماعات رضعت الفساد والجهل المركَّب أباً عن جد.
وبهذا اليوم، الذي سيحاولون بكل ما أوتوا من جهل مركَّب، الإشادة بإنجازاتهم، وما صنعوه من تقدُّم ورقي، و، و، و، و، و، و، و، و... لليمنيين، وسيعلنون أن التسع السنوات من تجويع الشعب إنما كانت سنوات الدفاع عن الوطن ضد عدوان عالمي، وأن اليمنيين مستعدون للصمود سنوات أخرى، وكل ذلك باعتقادهم أنهم يتحدَّثون باسم كل الشعب اليمني البطل.
لن تستطيع هذه الجماعة التخلِّي عن الأكاذيب، التي تمدّهم بالحياة، أن يتوقّفوا مع أنفسهم وضمائرهم ومراجعة سياساتهم أبداً؛ لأنهم مبرمجون على ذلك، معتقدون أنهم ب21 سبتمبر يستطيعون جعل الناس ينسون ثورة 26 سبتمبر الخالدة، التي نحتت مبادئها في ضمائر أجيال من اليمنيين، وأنَّ كل محاولات تضليل الشعب ستذهب أدراج الرياح، وأنها مسألة وقت لا ريب في ذلك.. فمظالمهم وأكاذيبهم فاقت كل شيء، وكل شيء بمقدار.