مقالات

تبديد حياة شعب بلا وجهة

25/01/2025, 15:57:24

إحساس اليمني بالزمن يكاد يكون مفقوداً، مفقودا إلى الحد الذي فقد معه نفسه!

التهمت الحرب من عمر هذا البلد عشر سنوات، وها هو يُوشك الدخول في العقد الثاني، تائهاً.

ما من وجهة معلومة، الكل يمضي معصوب العينين إلى حيث لا يعرف، وإذا كان يعرف فهي الوجهة التي يقررها الآخرون!

لا أحد يكترث للمستقبل الذي يتسرَّب من بين أيدينا، فالذين يمسكون بزمام الأمور ليس في خزانتهم غير الاستمرار في صناعة المستقبل بإعادة أسوأ الأعوام، التي مضت من الحرب. حتى ذلك الدَّم الذي أهرق تحت شعار استعادة الدولة ودحر الانقلاب، يمكن التخلي عنه ببساطة؛ لأن متدخلاً خارجياً قرر في لحظة ما إعادة "التموضع"، وتسليم مساحات شاسعة للحوثي، بل كادت الخريطة أن تمنحه كل شيء؛ لأن "الأشقاء" يريدون!

هل يدرك اليمني معنى أن ينزف عمره وهو عالق في المنتصف: بين الموت والحياة، بين الحرب واللا سلم، بين ما هو متاح له وما هو ممنوع عنه، بين الاستلاب أو القبول به؟

في كل الحروب اليمنية والصراعات البينية كانت خاطفة أو متقطّعة.

أطول مرحلة صراع عاشها اليمني في تاريخه الحديث كانت الحرب الملكية - الجمهورية (1962- 1970) في القسم الشمالي من البلاد. 

وقف السعوديون في وجه تطلّعات اليمنيين للتحرر من الإمامة، وحرّكوا أسلاف عبدالملك الحوثي لمواجهة الجمهورية المسنودة من مصر عبدالناصر. تنقل يمنيون كثر بين المعسكرين، وبين خطوط المواجهة، مع ذلك كانوا يمتلكون القدرة على تقطيب وجوههم، وقول كلمة "لا" في وجه حلفائهم، إذا اقتضت الضرورة.

 أفضل الانتصارات حققها اليمنيون الجمهوريون في تاريخهم عندما تخففوا من التدخلات الخارجية، وبعد مغادرة الجيش المصري الأراضي اليمنية في ملحمة السبعين يوماً.

اليوم ندخل العام الحادي عشر للحرب بلا أفق، ولا زالت إرادة الفاعلين الخارجيين هي النافذة. تتحول الشرعية إلى مجرد أراجوزات في يد تحالف همّه الوحيد كيف ينقذ نفسه بالاستمرار في إغراقنا، وفي الجهة الأخرى مليشيا طائفية إرهابية نذرت نفسها للعمل كجزء من الحرس الثوري الإيراني.

لا يريد هؤلاء، الذين اكتفوا بكونهم "شرعية"، أن يدركوا مآلات ترك شعب، أكثر من نصف سكانه من الشباب، لمصائر مجهولة.

وليس لديهم مانع أن تستمر الأمور على هذه الحال إلى ما شاء أولياء نعمتهم.

لا يمثل الزمن بالنسبة لهؤلاء شيئاً غير مراكمة المصالح وإرضاء سادتهم. مضى على توقيع اتفاق ستوكهولم 6 سنوات دون تنفيذ، وظل الاتفاق مدار حديث ونقاش وجدل لسنوات، أما التغيير الذي حصل فكان "إعادة التموضع"، والانسحاب من مساحات شاسعة، وتمكين الحوثي من مكاسب عسكرية واقتصادية وسياسية مجانية.

تفاهمت الأطراف الخارجية لإبرام اتفاق هدنة يقترب من نهاية عامه الثالث، حصلت بموجبه المليشيات على كل شيء دون أن تقدِّم في المقابل أيّ شيء.

ومع أن الأوضاع تفاقمت على نحو أسوأ؛ بفرض المليشيا حظرا على تصدير النفط، وخنق اليمنيين، إلا أن الشرعية تتمسك بالهدنة حتى الآن؛ حفاظاً على أمن الجوار!

خلال 4  سنوات، تناوبت إدارات ترمب وبايدن على تصنيف مليشيا الحوثي كجماعة إرهابية 3 مرات بمستويات مختلفة، مع ذلك ظلت الشرعية تنتظر ما الذي سيقرره أصحاب "السمو"، وما زالت!

طوال عشر سنوات، صعَّدت إيران وكسبت، وها نحن نشهد تراجع نفوذها بعد الضربة التي قصمت ظهرها في سوريا ولبنان، غير أن محبي "الأمير الشاب" حريصون على إبقاء الأوضاع في اليمن رهن رغبة الثنائي الوصي حتى لا تنال التداعيات من "أرامكو" وأبراج أبوظبي ودبي!

كم من الوقت يجب أن ننزف بلا وجهة؟

كم مليوناً يجب أن يضيع من شبابنا وأبنائنا لتشعروا بالكارثة؟

كم من الملايين الذين يجب أن يستمروا بدفع فاتورة الحرب لتحسوا كبشر؟

بدقة أكثر: كم تريدون أن يُسرق من عمر الشعب مرة أخرى لتتحركوا من أجله كمسؤولين؟

نؤمن أن "فاقد الشرف لا يعطيه"، فكيف به أن يقود نضال شعب من أجل استعادة كرامته؟

مقالات

"المتعة الروحية في السيرة الذاتية"

كنا قد تناولنا ما يتعلق بكتابة المذكرات السياسية، التي تم تحميلها فوق ما تحتمل، وهنا نتناول باختصار المتعة والفائدة الروحية والفكرية والإنسانية فيما يتعلق بقراءة كتب السيرة الذاتية، التي اشتهرت ولمع أصحابها، وأصبحت جزءا لا يتجزأ من شخصياتهم

مقالات

بين تجربتين (مقاربة أم لا مقاربة).. جنوب اليمن وجنوب السودان

إلى أمدٍ غير معلوم، سيظل الجدل قائماً بشأن مستقبل اليمن، وما إذا كان لا يزال بإمكانه العودة إلى صيغة الدولة الاتحادية، التي توصل إليها مؤتمر الحوار الوطني العام 2012، أم أن سيناريوهات التفكك جنوباً وشمالاً ضمن دولة فاشلة هو الأمر الأكثر ترجيحاً في المدى المنظور على الأقل؟

مقالات

أبو الروتي (19) "تَفْلَةُ السيد"

"وذات يوم، أبصرتْ أختي بُنُود انتفاخاً غير طبيعي في عينيّ، فارتعبت، وراحت تسألني وتقول لي: مُوْ بِهِنْ عيونك -يا عبد الكريم؟!. قلت لها: هذا من تَفْلَة السيد".

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.