مقالات
رسالة إلى الله
تتجلَّى أعظم قدرات الله (وقدراته - جلَّ جلاله - عظيمة بالإجمال والمطلق) في أنه وحده: الخالق .. الرازق .. والوارث.
هو الخالق .. لا الدولة، ولا القبائل أو الكتائب.
هو الرازق .. لا الخزانة، ولا الجمارك أو الضرائب.
وهو الوارث .. لا الحكومة، لا الأصحاب ولا الأقارب.
فهلّا أدركنا سُمُوّ الدلالة في مكنون هذه الأسماء؟
لاشكّ في أن بلوغنا هذا الإدراك سيُنجينا - لا محالة - من الوقوع في مهلكة الخوف والجبن والذلّ والهوان والخنوع والاستكانة لبشر، مهما طغى وتجبَّر، أو بغى وتكبَّر.
فما أعظم قدراتك، وانْ عميتْ عنها قلوبنا التي في الصدور.
وما أحقر قدراتنا، وإنْ عظمتْ في نفوسنا الآيلة إلى القبور.
لا يمكن، البتة، الوصول إلى الله عبر محطة أو واسطة بشرية.
عنوان الله مجهول لدى مكاتب: البريد والفاكس، والتلكس، والهاتف الساخن والنقَّال، والواتس.
الطريق إلى الله سالكة من منفذٍ واحدٍ فقط، ليس برّيّاً ولا بحرياً أو جوّيّاً، يمرُّ فينا إلينا.
الله .. سألتُ عنك الأشياء والأحياء .. أشارت كلها إليك، إلى داخلي.
وقد كنتُ أعرف أن النداء إليك يمرُّ - على الدوام - بموجةٍ ضالّةٍ في الأثير .. بَيْدَ أنني لم أعرف قط - حتى اللحظة - لماذا ضلَّتْ والنور كثير؟
عريان - أنا - إلى ثوبٍ من نسيج سترك ..
جوعان .. إلى حبةٍ من شهيِّ تمرك ..
ظمآن .. إلى لبنك وعسلك وخمرك ..
تُرى هل يطول بي الرحيل إلى سِرِّك؟
يتجاوز حُبُّ الله لهج اللسان وحركات الأنامل وملامح الوجوه، إلى ما وراء مفردات اللغة وقانون الحركة ولا مُتناهية الوجود.
ثمَّة كُوَّةٌ في دَوْح الروح تدعوني إليك، ذات صلاة توحُّد، توجُّد، حلول .. وثمة بابٌ موصدٌ دوني يحول.
اللهمّ نعمتك، لا نقمتك .. رحمتك، لا رجمتك .. فاليقين حقلٌ إلى ذبول، والنار في صدري تصول.
أتُرى لهذا نصَّبَ الضالون أنفسهم ممثلين لسلطتك على الأرض؟ .. وعيَّنَ الغافلون ألسنتهم ناطقة بلسان حالك في وكالات الأنباء ومنابر الخطابة وقارعة الطريق؟ .. وأوفدوا الأمراء والسفراء، وشكَّلوا الفرق والجماعات، وأقاموا البرلمانات والحكومات، تحكم باِسمك من دون رسمك؟
وقد جعلوا منك - رحماك - "Trade Mark" خاصة بسوقهم السوداء!
تاهت عنا الحقيقة وتاه الحق .. وأنت الحق الذي لا يَضلّ ولا يُضلّ، ولو في شَق.