مقالات

صالح الحُميدي

01/08/2022, 07:33:23

يموت الكثيرون كل يوم، غير أن قليلين هم الذين يؤثر موتهم لدى كثيرين - وليس أقاربهم فقط - ويغرس رحيلهم شتلات حزن وأسى، لا تذبل ولا تُنسى.

هؤلاء الأشخاص أيضاً يحفرون في القلوب آبار فرح وبهجة وسلام، تتدفق منها شلالات حب وطمأنينة ووئام على مدار الأيام.

مِن هؤلاء، بل مِن أبرزهم وأجملهم، شخص عرفته وزاملته وصادقته وأحببته - كما حدث لكثيرين غيري - يُدعى صالح حيدرة الحُميدي

- رحمة الله عليه رحمةً واسعة وبلا حدود.

ذات يوم ليس ببعيد، وجدتني أطلق عليه لقب "أوسم ضالعي في العالم"، وهو اللقب الذي طفق يعجبه كثيراً، ويطرب له جداً، كلما راح أصحابه يرددونه على مسامعه من باب التندُّر اللطيف.

ولأنه ليس لي أشقاء ذكور، فقد كنت أرى صالحاً شقيقي الحقيقي الذي كان واحداً من قلَّة قليلة لطالما أحببت أن يكونوا أشقائي، ولو اختلفت أسماء آبائنا، وتباينت هوياتنا ومساقط رؤوسنا.

كان صالح - وآهٍ من "كان" هذي - يغزوك كديانة محبة وخير وسلام وجمال، وقصيدة عشق جاوزت كل الفنون والأزمان والأوطان، فتشعر منذ اللحظة الأولى أنك تعرفه وتحبه منذ نصف قرن على الأقل.

 مثلما كان حالة إنسانية حقيقية، لا غبار عليها إطلاقاً ولا لَبْس، كأنَّه كائن من ضوء، أو جناح طائر من الجنة، أو كأنَّه بعضٌ كثير من منٍّ وسلوى.

عادت لي ذكرياتي الأثيرة مع صالح، على بساط الشجن، وأنا أقرأ ذكريات أحبائه معه، لا سيما شقيقه جمال حيدرة وصديقه محمد الظاهري.

ولأول مرة، فيما كنت أقرأ خبر دخوله أقصى وأقسى لحظات مرضه، وقد كانت لحظاته الأخيرة -للأسف الشديد- راحت تمتزج داخلي غُصَّة القهر بأنين الوجع، وقد ازداد ألمي وتعاظم بمعرفتي أن مَن زاره في المستشفى - أواخر أيامه - لا يزيد عددهم على عدد أصابع اليد الواحدة!

وكان شقيقه عبدالعالم يتقطَّر قهراً وهو يرى هذا المشهد الذي لم يكن ليتصوَّر البتة أنه سيشاهده يوماً، خصوصاً أن الجميع عرف جيداً ماذا كان يعني وجود صالح في حياة ووجود وحاجة كل مَن عرفه عن قُرب أو حتى تعرَّف عليه عن بُعد؟

كيف كان صالح صالحاً حقاً، وصانعاً للفرح والجود.

 وكيف كان لا يترك من لجأ إليه في حاجة إلاَّ وقد قضاها له وودَّعه متكئاً على أيك الراحة والاطمئنان.

كان صالح، في تلك اللحظات الحرجة جداً، يعاني الجحود من قِبل بعض هؤلاء، في الوقت الذي كان في أمسّ الحاجة إلى حنانهم ودفئهم ومواساتهم!

هذا خبر لم أتوقّع أن أقرأه يوماً:

مات صالح الحُميدي!

مقالات

لحظة يا مساح

رحل واحد من أنبل من عرفتهم الصحافة اليمنية، رحل صاحب أشهر عمود صحفي يمني ساخر بسيط وعميق ”لحظـة يا زمـن“ في صحيفة "الثورة"، التي رأس تحريرها لفترة قصيرة نهاية القرن الماضي

مقالات

المساح واستيقاف الزمن

محمد المساح شاب خرج منتصف الستينات في بعثة طلابية إلى القاهرة. اندمج في الحركة الطلابية المصرية كواحد من أبناء مصر.

مقالات

برفقة شوبنهاور.. حين يكون اليأس دافعًا أصيلًا للحياة

اليوم الثالث برفقة شوبنهاور، كان اسم هذا الفيلسوف في ذهني، يجلب معه إيقاع "الشوكة". يبدو كئيبًا ويعدك بالقنوط، ولهذا تأخرت في الإصغاء إليه. كنت بحاجة إلى التهيؤ له، ترقُّب تلك الحالة الذهنية الجسورة للاقتراب منه

مقالات

بيع الوطن بالتجزئة

أصبحنا، ونحن ننظر إلى الوطن اليوم، وكأننا ليس في وطننا بل في وطن يمتلكه مجموعة من الناس، الذين يحكمونه بالحديد والنار، ويمتلكون فيه كل شيء؛ من الهواء والطُّرق والسواحل والخطوط الطويلة بين المدن، وكأنهم يملكون الشروق والغروب والهواء والمطر.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.