مقالات

صناعة الكتاب صناعة للإنسان!

18/05/2024, 16:42:56

لو سألنا كائناً مَن كان في اليمن عن حال الكتاب في اليمن لما تردد للحظة واحدة ليقول لك إن "حال الكتاب هو حال كل اليمنيين، الذين يعيشون الفقر والجهل والمرض في دورة أخرى من دورات الإمامة والسلالية، التي تحاصر الجميع". 

مضت أعوام طويلة على إقامة آخر معرض للكتاب في اليمن، وخاصة في صنعاء، وستمضي أعوام طويلة أيضاً حتى تقام معارض للكتب في اليمن وصنعاء خاصةً، وقد أصبح الكتاب عزيز المنال عن القارئ اليمني عامةً، ولا توجد أي بوادر أمل في تغيّر الحال -من المحال- في القريب المنظور. 

في عصور النهضة العربية الحديثة من القرن العشرين، كان الكتاب وكانت الكلمة والصحافة والطباعة ودُور النشر من أهم عوامل النهضة وعوامل التنوير، اليوم لا صحافة على الإطلاق، لا كتاب تتأبطه ويتأبطك، تحتضنه ويحتضنك، أصبح اليمنيون ينظرون إلى معارض الكتب، ومن يتحدثون عن اقتناء آخر الإصدارات، بعيون الأيتام الحقيقيين. 

اليمنيون اليوم أيتام قراءة وكتابة، وكل الكتب التي امتلكها الكثيرون تركوها في مدن النزوح، ويعجز الجميع عن نقل مكتباتهم بين المدن وهذا أمر حقيقي إلى حد البشاعة، وفي الوقت نفسه عاجزون عن اقتناء كتب جديدة على محدودية العناوين، وعدم مواكبتها لحركة التأليف العربية والعالمية. 

القُراء في اليمن أمسوا أيتاما على مائدة اللئام... لا يمكنك اقتناء كتاب لا تجده، ولا يمكنك شراؤه إذا وجدته، ولا يمكنك استعارة كتاب فالاستعارة معجزة الأوفياء ومقبرة الكتب. 

لم يعد من المأمول إقامة أسابيع للكتب في اليمن، فقد تم استبدال غذاء العقول بغذاء البطون، والذين دعوا إلى الخروج شاهرين سيوفهم أمام الجوع قبل 2014م، قد طوروا مقولاتهم إلى أن "القتال أهم من ملء البطون". 

لم نعد نرى ونسمع إلاَّ بمعارض العسل والبُن والمانجو والزبيب والعنب والفرسك ومعارض الموز واللوز، وهلم جراً، والحبل على الجرَّار، وهي غذاء السلاليين لتحسين النطفة المقدّسة، في الوقت الذي لم يعد اليمني قادراً على شراء الرغيف، أو الروتي والكُدَمْ. 

ما تبقى من دُور النشر، التي تكافح في هذا العراء الثقافي والصحراء المعرفي، لم تعد تطبع إلا الكتب السلالية، وكتب الهادي الرسي، وما يتفرع منها في هذا المجال الخبيث. 

لا أحد يعرف مأساة أنك لم تعد تجد صحيفة تتأبطها أو كتاباً تحتضنه، في ظل هذا الوضع الفاسد القاتم العديم من كل أسباب الحياة، ورفاهية الروح والعقل. 

لطالما ردد العالم كلُه "في البدء كانت الكلمة"، لكننا اليوم نعيش في ظل مقولة أخرى منافية للأولى وهي "في البدء كانت الطلقة أو الرصاصة". 

في اليمن لم يعد أمامنا إلاَّ شاشات التلفزة، وعالم الإنترنت، التي تحولك إلى كائن ليلي، وعيونك مشدودة إلى الشاشة أياً كانت تغترف مما يريد الآخرون لك أن تغترف منها، ونحن عاجزون عن تحديد مساراتنا المعرفية وفق الحرية المعرفية، التي نؤمن بها والتي تصنع منا أناساً حقيقيين وغير مزيّفين. 

غياب الكتاب في اليمن وتراجعه، وموت القراء، يقتلنا أكثر مما يقتلنا أي شئ آخر، لقد قامت ثورة من أجل الكتاب والقراءة والحرية، وها نحن نجد أنفسنا قد عدنا إلى المربع الأول. 

اليمنيون اليوم قد أصبحوا في وضع خطير للغاية؛ وهو البحث عن أسباب البقاء، وعن اللقمة وآلة العيش، وهو أمر بالغ التعقيد، حيث تراجعت اهتمامات الناس بتنمية عقولهم، وتغذيتها بأسباب الحرية، وإرهاصات التحرر.

مقالات

فؤاد الحِميري: فبراير الذي لا يموت

عندما تتأمل قصائد وكتابات وأشعار فقيد الوطن وأديب فبراير، الأستاذ الثائر فؤاد الحِميري، تجد أنها جميعًا تصب في ينابيع مبادئ الحرية والكرامة ومقاومة الظلم. هذه المبادئ هي ذاتها الأهداف السامية لثورة 11 فبراير، ثورة الشباب السلمية اليمنية، التي كان الحِميري أحد أبرز شبابها وشاعرها الملهم.

مقالات

للورقة الباذخ بالشجاعة في جبال السلفية

أعتقدُ جازمًا أن طبيب الأسنان قد فخخ ضرسي تمامًا ببقايا تلك الهدايا التي أرسلها القذافي كعطيةٍ نفطيةٍ كريمة، ليجود بالحياة على من تبقّى بيدٍ واحدة أو بقايا أقدام، وهو يحتفل بأن النبض لا يزال فيه.

مقالات

قبائل برط الجوف: سوسيولوجيا التوظيف الإمامي للقبيلة

ليست هذه الورقة بحثًا مكتملًا، بقدر ما هي دعوة مفتوحة للباحثين والمختصين لتسليط الضوء على ظاهرة تاريخية مقلقة، تعود جذورها إلى أكثر من ألف عام، ولا تزال آثارها ماثلة حتى اليوم. إنها ظاهرة توظيف قبائل معيّنة، وعلى رأسها قبائل "ذو محمد" في منطقة برط بمحافظة الجوف، كمخزون بشري عسكري في خدمة حروب الأئمة الزيدية في اليمن.

مقالات

أغانينا تشبهنا كثيرا

عشر سنوات من الغربة، ربما تشكّلت فيها ذائقتي الفنية. لا أخفي انبهاري في المراحل الأولى بالموسيقى العربية والأجنبية، لكنه تلاشى شيئا فشيئا مع مرور الوقت واحتياج الروح إلى "جرعة أقوى" من الحنين.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.