مقالات

عن مرجعيات الحل باليمن والانقلابات المتوالية عليها

30/05/2025, 19:55:12

يتحدث رئيس مجلس الثمانية رشاد العليمي بين الحين والآخر عن المرجعيات الثلاث كأساس وحيد للحل وللسلام مع الحوثي آخرها حديثه أمس في روسيا.

قبل العليمي كان التحالف العربي بقيادة السعودية يصر عبر ناطقيه ووسائل إعلامه على التذكير كثيرًا بأهمية المرجعيات الثلاث كأساس للحل السياسي في اليمن قبل أن يتوقف أخيرًا. 

لا يحتاج الأمر لكثير عناء للاستنتاج بأن الحديث عن المرجعيات تحول لما يشبه استعراض كلامي وحسب. 

فعلى أقل تقدير، لا يعترف نصف أعضاء (مجلس الثمانية) بهذه المرجعيات وليس الحوثي فقط. 

هناك ما هو أعظم، المرجعيات الثلاث تم نسفها تماما من خلال مراحل وسلسلة من الانقلابات، المرحلة الأولى والانقلاب الأول بدأهما الحوثي وصالح، بقية المراحل والانقلابات هندسها وصممها ونفذها التحالف بتخطيط وطيب خاطر ومع سبق الإصرار والترصد.

لنتذكر أن مراحل انقلابات التحالف بدأت على المرجعيات بتسليم المناطق المحررة أولاً بأول لمليشيات يتم إنشاؤها وتصميمها لتكون معادية تماما لشرعية هادي ورافضة لسلطته، بالقدر الذي ترفض فيه ميليشيا الحوثي شرعية وسلطة هادي في المناطق التي تسيطر عليها سواء بسواء. 

لعل من الضروري التذكير بأن الرئيس هادي كان ممنوعا من العودة إلى صنعاء مثلما كان ممنوعا من العودة إلى عدن بذات القدر، وتم طرده منهما بذات الكيفية، عبر إجراءات انقلابية مسلحة طردته وأتباعه وقواته. 

لقد نصت المرجعيات الثلاث على بقاء هادي رئيسا حتى الانتهاء من العملية الانتقالية، وجعلته المرجع وقطب الرحى فيها، فإذا كان التوافق أساس اتخاذ القرارات الحكومية والبرلمانية حسب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، فوحده هادي من يملك الحق في اتخاذ القرارات التي يفشل التوافق في اتخاذها، الصلاحيات ذاتها أعطيت له في ما يخص قرارات مؤتمر الحوار الوطني، في حال فشل التوافق في المرة الأولى وفشل ثلاثة أرباع المشاركين حين إعادة التداول في المرة الثانية يرجع الأمر إلى هادي ليقول كلمته، كل المراجع ذكرت هادي بالاسم والصفة، من المبادرة الخليجية إلى وثيقة الحوار إلى قرارات مجلس الأمن، كلها لم تعطِ أي فرصة لاختيار بديل لهادي لرئاسة السلطة الانتقالية أو لاستبداله إلا بانتخابات عامة تنافسية يحدد طبيعتها الدستور الجديد. 

على هذا الأساس لا يمكن الجمع بين الشيء ونقيضه، المرجعيات الثلاث والانقلاب على هادي في الوقت نفسه، وإلا يصبح الأمر نوعا من التهريج والتحايل المكشوفين.

كما هو معروف، أدت سلسلة الانقلابات الميدانية التي رعاها وموّلها التحالف في أغلب المحافظات التي أعلن أنها محررة من سيطرة الحوثي للتخلص أخيرًا من الرئيس هادي ذاته واستبداله بمجلس (الثمانية) في مشهد إذلال بالغ ليس للرئيس هادي، بل لليمن بأسره، وهو إذلال تاريخي ووصمة خزي ستبقى عالقة لقرون، حيث تم حشر النخب اليمنية بالكامل السياسية والحزبية والاجتماعية والمسؤولين الحكوميين في فندق بالرياض لليلة واحدة بزعم التشاور معهم حول أمر لم يحدد طبيعته، لكن ما حدث بات معلوما للجميع، فلم يتشاور معهم أحد، ولم يأخذ أحد رأيهم حول أي شيء، بل لم يلتقيهم أحد، فكل واحد منهم قضى ليلته منفردا في غرفته أو قل دون أن يجانبك الصواب في زنزانته، ومع الصباح استمعوا إلى القنوات الفضائية وهي تذيع خبر مجلس (الثمانية) البديل لهادي. 

وبصرف النظر عن النوايا الحقيقية وراء هذا الانقلاب الكبير الذي أزهق الشرعية اليمنية، فإن من نافلة القول أن لا وجود لهذا الهجين في أي من المرجعيات الثلاث، ولا فرق بينه وبين المجلس السياسي الذي أعلن عنه صالح والحوثي، من حيث انسجامه مع المرجعيات وتأسسه بناء عليها، فقد تم تعيين كلا المجلسين، مجلس الحوثي ومجلس التحالف (الثمانية) بطريقة تتناقض مع  المرجعيات جملة وتفصيلا.

خلاصة القول: انقلب الحوثي وصالح على المرجعيات مرة، وانقلب التحالف عليها مرات عديدة، لست هنا لأبرر انقلاب الحوثي - صالح أو أهوّن منه، ومن جريمته كأعظم كارثة حلت باليمن، أو أتراجع عن موقفي منه كجائحة وبلاء عظيم حل بالبلاد بطريقة غير مسبوقة ولا يدع أمام اليمنيين أي خيار آخر غير المضي في معركة إسقاطه، وهي كما أقول دائما مهمة اليمنيين الحتمية والمقدسة أولاً وأخيرًا، بل للقول إن هذه الجائحة وهذا البلاء ما كان سيبقى حتى هذه اللحظة لو لم تتبعه الانقلابات العديدة التي رعاها ودبرها التحالف ولا يزال. 

الحوثي ليس قويا كما يتصور البعض، ولكنه متماسك، بينما الشرعية تحولت بعد الانقلاب على هادي إلى جزر منعزلة، بل إلى شركاء متشاكسين يحاربون بعضهم البعض، وهذا النوع من السلطة لا تصلح لاستعادة بلد أو صد أي خطر.

لا يعني الحديث عن المرجعيات التي توافق الحوثي والتحالف على إسقاطها والانقلاب عليها أن اليمنيين فقدوا المشروعية في الكفاح لاستعادة عاصمتهم ودولتهم، لا أعتقد أن الشعب اليمني بحاجة لأي مرجعيات للمضي في كفاحه لإسقاط هذه الجائحة والبلاء العظيم، هذا حق طبيعي لأي شعب وجد نفسه محكوما بالقوة والقهر من قبل جماعة سلالية فاشية قادمة من الكهوف وغبار التاريخ، لكن ذلك لن يتم عمليا دون إنهاء ما ترتب على الانقلابات الموازية التي رعاها التحالف، فلولاها ما بقي الحوثي. 

وبالنتيجة سيبقى انقلاب الحوثي ما بقيت انقلابات التحالف هذه، سيبقى ويتمدد حتى يلتهمها جميعا، لكن حتى حين، ذلك لن يكون نهاية التاريخ، فهذا شعب المفاجآت بامتياز، ويأتي دائما بما لم يكن في الحسبان.

من دون أن ينطوي الأمر على مبالغة، هناك مكر التاريخ ومفاجآت اليمنيين، ولا أحد ينجو منهما.

مقالات

حقوق المرأة في الولاية بين قادة السلف وبناتهم (الأخيرة)

في المطلب الرابع، يتناول موقف علماء الأمة من تولي المرأة رئاسة الدولة، ويأتي على فتاوى علماء الأزهر، وعلماء باكستان، وفتوى أبي الأعلى المودودي، وعلماء بنغلاديش، والعلامة عبد العزيز بن باز، ويقرأ شهادة المرأة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.