مقالات

فلسطين جرح الإنسانية النازف

20/10/2024, 07:50:38

لا يمكن في الأصل أن نفّوت عند الحديث عن القضية الفلسطينية حادثة وفاة السنوار الأخيرة التي توجت بعد مسيرة صمود ونضال طويلة أسطورية بالشهادة. وذلك لشيئين واحدٌ منهما حزن الناس العام في الوطن العربي، الذين بكوا عجزهم، وصمت زعمائهم الخاذل للشعب  الفلسطيني وقادته الذين تركوا في الأرض الفسيحة مهوى لنيران العدو مواجهين مصيرًا هو أقذر ما يمكن للبشرية أن تصل إليه من الممارسة العدوانية القائمة على سفك الدماء وتدمير المنازل وقتل كل مظاهر الحياة، كل الحياة، شجرها وحجرها وناسها.

ثانيًا، مثل استشهاد البطل السنوار أخيرًا، شكلاً مهمًا من بعث السردية المقاومة، التي تتكاثر وتصل أوج ذروتها

لتصدم كل الشرق والغرب في الصراع الحروبي المحتدم، الذي ما بعده، ليس أبدًا كما قبله، لا نراهن في ذلك، فلم يعد الأمر موضوع مراهنة ولكنه، حقيقة، الصدق فيه أن يقف الإنسان في الطرف الحق، من أجل جوهره، دون نكران الآخرين حقوقهم، وإن كان ذلك، عن طريق بوست في فيسبوك أو تغريدة على توتير لا يمكن أن يستفاد منها، أو أن تمثل رؤية واضحة، تقرأ وتحفر في عمق القضية.لا شك أن الكثير ممن يكتبون بسطحية عن غزة، محاولين ثقة في أنفسهم، أن يلفتوا آخرين، مؤسسات ومراكز بحوث وناشطين في الغرب، هم أسذج المخلوقات المرتهنة، الذين يقودنا كذبهم وتدليسهم لجوهر وماهية القضية، إلى تأكيدها ورفعها كمشعل بقاء ونقاء الضمير الإنساني.

 استشهد السنوار ومن قبله اسماعيل هنية وأحمد ياسين والدرة، لا مشكل، فالقضية، هي ذات جامعة لكل إنسان فقط في الكون ولن أزيد لأقول كل إنسان عربي أو مسلم أو حر أو شجاع أو صاحب روح حقيقية وصادقة، أكتفي فقط بلفظة إنسان، هذه التي صار البعض يستعملها كلامع وكريم لتبييض الوجه، إن إنسان تعني اليوم، أي كان من البشر يرى ما تفعله اسرائيل ضد الفلسطينيين واللبنانيين ولا يسكت. 

يبقى بعد السنوار، أن تستمر المقاومة الفلسطينية في المواحهة، وهي كذلك مستمرة، ثم أن يواجهوا أيضًا، في الحانب التنظيمي، عنصر تحول القيادة ومنحها زمام قادة  آخرون بديلون قادرون على تسيير المعركة والمواجهة.

 ولي هنا أن أطرح أسئلة، ربما أجد في الإجابة عنها قليل من العقلانية في الطرح لدى أولئك الذين يظهرون لنا كل مرة كأنهم الوحيدون الأكثر فهمًا وحكمًا وتغييرًا. هل يوجد حاليًا في العالم كله قضية أكثر أهمية وإنسانية من فلسطين  يمكن لنا الدفاع عنها ؟.

بلا شك لا يوجد أي تراجع. حتى ما إن بقت فلسطين تواجه آلة الدمار وسعير الأنظمة الإمبريالية في مستواها  المتصاعد الذي لا يرحم، ولوحدها فلسطينيًا، عليكم أنتم، الواحد المحايد أو المرتهن سلوكًا وفكرة، أن تصمتوا، وتدعوا المجال لأصحابه، الذين لا يخيفهم الهلاك، وإن توارت وسكتت عنهم الأنظمة العربية، فبأسهم الغالب والأقوى.

أخيرًا، للعالم كله، لا تبحث القضية الفلسطينية عن مفهوم جامع لكل البشر في الكون، فإنسانيتها تعبير صادق عن جوهرها الذي يمانع من إختزاله في حدود وجغرافية ولون ودين معين، وهو ما تثبته في نفس الوقت الممارسة العدوانية الإسرائلية في عالم اليوم، الذي يظهر في زمن إبادتها للفلسطيين عن طريق سلاحها المتطور شر ونويا ما تعده للآخرين في المستقبل، وإن كان الحلم اليوم هو مسح الأرض ببنيها في بقعة جغرافية مترامية المعالم، فغدًا يمر الدمار إلى كل بلد، وقد دخلت لبنان اليوم كجزء مخطط مسبقًا في جحيم هذا الإرهاب المتصاعد، علينا بهم، فلسطين إنتصار الإنسانية، أما إذا هزمت، فعلينا أن نحيا كريبوتات، ونقدم العزاء لعصر الإنسانية، الذي كان قبل قليل الفلسطيني فيه، آخر نضالاته.

مقالات

الوجْه الآخر للمملَكة

التحوّل والبناء، الذي يجري في السعودية، مُثير للاهتمام، لكن بقدر إثارته للاهتمام يقدم صورًا شديدةَ التناقض في جوانب أخرى.

مقالات

الاستعراض اللغوي والمعرفي

الكثير من الكتابات تشدنا إليها وتدعونا إلى الغَوص في أعماقها، وأساليبها المتباينة والمتنوّعة، وقليل من الكُتاب الذين يستطيعون الإمساك بزمام الأمور، وشَد انتباه القارئ من أول لحظة بالفطرة والثقافة الموسوعيّة، والإبهار المعرفي عن طريق الإبهار اللغوي، واللغة المكثّفة المُوحِية، وتنوُّع أساليب العَرض، ومناقشة قضايا جوهرية تتّصل بالوجود الإنساني، وإشكالياته المُعاصرة.

مقالات

أبو الرُّوتي

مثلما كان البَوْل يسيل منّي لا إرادياً، كان المُخَاط هو الآخر يسيل من أنفي لا إراديا مع الفارق، وهو أن البَوْل يسيل في الليل أثناء النوم، فيما المُخَاط يسيلُ في النهار وأنا يقظ؛ لكنه كان يسيل بطريقةٍ مَرَضيَّةٍ لكأنّ أنفي جُرح ينزف، وكان الذين يَعبُرون من أمام بيتنا -حين يبصرون السائل الفيروزي يجري في سائلة أنفي- يصرخون بي: "اتْمخَّط ياب".

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.