مقالات

قلم الحاكم .. ومنطق الحرامي !

04/10/2021, 08:03:50

لاشك البتة في أن إشكالية كتابة وتدوين التاريخ السياسي اليمني الحديث، وتنقيته من شوائبه العابرة والغائرة، هي إشكالية حاضرة في هذه اللحظة قدر حضورها الماضوي، بالحالة ذاتها والملامح نفسها وللأسباب والدوافع التي كانت منذ البدء، ولا تزال إلى اليوم.

حتى الحدث التاريخي الكبير (22 مايو 1990) لا يزال يرزح تحت وطأة الكثير من الخبايا والخفايا والأسرار والأخبار المتضادّة بصدد وقائعه وشخوصه ووثائقه التي تتلوّى بين حقائق وأكاذيب شتى ومتداخلة ببعضها بعضاً، أو بين سطوع وخفوت وهزال في الرأي والرؤية والموقف من الحدث نفسه!

وسنأتي إلى انقلاب 21 سبتمبر 2014، وعدوان 26 مارس 2015، وما تلاهما من المياه الساخنة والملوثة والدماء الغزيرة التي جرت تحت جسر البلاد وحزن العباد. 

وحتماً ستنجلي - غداً أو بعد غد - الكثير من الحقائق والوثائق، وسيغدو جميع الخونة أبطالاً وطنيين، أو جميع الأبطال خونة وسفلة. فلا تندهش حينها البتة، لأن تاريخ اليمن واليمنيين عوَّدَنا أن نُحجِم عن الدهشة، فهو تاريخ ساخر بكل معنى الكلمة وبكل سوادها وخُبثها. 

ولا زلت أتذكّر مقولة ذلك المُحلّل السياسي البريطاني من إذاعة BBC في تلك الليلة البعيدة: "إن لليمن تاريخاً لا يمكن التنبوء بماضيه!".. لا يمكن التنبوء بماضيه، وليس بمستقبله!

وفي ركن قصيّ من المشهد الدميم ذاته، ستظل ماثلة قُبالة وعيي والوجدان عبارة كتبتها صديقتي وزميلتي الأديبة بشرى المقطري في مقدّمة كتابها "ماذا تركت وراءك؟": "لا شيءَ حقيقياً في هذه الحرب (وفي أية حرب) سوى الضحايا".

ومجدداً، وتكراراً، تتفرعص عصيدة السؤال الحامض كلما هممنا بفكّ طلاسم أُحجية جديدة - أو حتى قديمة متجددة - على رقعة التاريخ السياسي اليمني الحديث. فهذا التاريخ يتّسم بجملة من العناوين والتلاوين الرئيسة، من أبرزها سطوة الجهل وشهوة الجاهل. فمن يصنع الحدث التاريخي، ويصدر القرار التاريخي، ويمتلك الحقيقة التاريخية هم دائماً حفنة من المتفاخرين بجهلهم إلى درجة مثيرة للسخرية والتقزز معاً. 

عدا ذلك، وقوع خاصرة هذا التاريخ في مضيق شديد الضيق بين حالتين أو أزمتين: الالتباس والاحتباس في الوقت ذاته، بصدد أحداثه أو نصوصه أو شخوصه. وفي المشهد اللصيق بتلك البانوراما نجد أن لا مكان ولا مكانة للفكرة البتة في سيرة ودروس هذا التاريخ، إذْ أن هذه المكانة يحتلها الشخص بالدرجة الأولى، حتى قبل الحدث نفسه، وقد يتساوى الشخص والحدث معاً أو يمتزجان حدّ التوحد المطلق!

ومن المؤسف للغاية أن الأغلبية العظمى -ممن حكم اليمن أوصنع تاريخه السياسي أو قاد ثوراته أوأدار حكوماته- هم حفنة من الجهلة أو السفلة أو اللصوص أو القتلة، ممن كان ينبغي تواجدهم في غياهب السجون أو ساحات الإعدام، لا قصور الحكم ومتاحف التاريخ!

إن أكبر وأحقر جريمة في تاريخ اليمن واليمنيين - عدا احتراباتهم - هي كتابة التاريخ السياسي، لاسيما الحديث، بقلم الحاكم ومنطق الحرامي.

مقالات

الوطن، الوثن.. وسارق الأحذية!

أحتاجُ إلى فُسحةٍ من التبصُّر الذاتي، أو قَدْرٍ من السلام الروحي، لتبيان الفرق بين الوطن والوثن، فقد تشابه الوطن عليَّ (أَمْ تُراه تشابه الوثن!) حتى بات الأمر ضرباً من الهُلام المتداخل بين قرص الشمس المجوسية وروث البقرة الهندوسية، يسقط هذا في نتن ذاك، أو ينأى هذا في الوعي ليصبح في هيئة ذاك في الوجدان!

مقالات

البكاء بين يدي مدينة تعز!!

لم تعد تعز تلك المدينة، التي نعرفها، لقد أضحت مدينة حزينة ذليلة باكية، رغم كل ما يحيط بها من جمال الطبيعة وعبقرية المكان، أضف إلى ذلك عبقرية الناس الذين يعيشون فيها بشكل متجانس منذ حُقب بعيدة، فهي مثلها مثل صنعاء وعدن من حيث التجانس بين فئات كثيرة من كل أنحاء اليمن

مقالات

مطهر الإرياني.. الشاعر الذي راكم على تغريبة اليمني وحكمة الفلاح وإرثه (1-2)

في كتابنا (الهجرة والمهاجرون في أدب اليمن - 2023 )، خصصنا مساحة لقصيدة "البالة" لمطهر الإرياني بوصفها أحد العناوين الصريحة لهذا النوع من الكتابة الشعرية الملتحمة بتغريبة اليمنيين الكبرى، وهي الهجرة، وقد حازت على شهرتها الواسعة بواسطة عملية التلحين والغناء التي قام بها الفنان "علي عبدالله السمة".

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.