مقالات

لا أفق لنهاية الحرب!

25/10/2020, 08:50:56
المصدر : خاص

يبدو أن اليمنيين عجزوا عن الخروج من نفق الحرب في المستقبل المنظور على الأقل.

فاذا كانوا قد قرَّروا إشعال فتيلها وتوسيع نطاقها في البدء، فإن قرار استمرارها أو إنهائها لم يعد في أيديهم على الإطلاق.

فلا الطرف "الانقلابي" ولا الطرف "الشرعي" - وكلا الوصفين بات مَجازاً اصطلاحياً - يجرؤ على الزعم اليوم بامتلاك القدرة على وقف دولاب اللهب والانتقال إلى طاولة الحوار للبحث الجاد في الحلول السلمية.

والأدهى أن قوى الاحتراب قد تعددت صوراً وأشكالاً وغايات، فدخل "المجلس الانتقالي" الجنوبي إلى قلب الحدث الاحترابي والسياسي، عدا توغُّل الطرف الخارجي بقوّة وبعنجهية تثير الاستغراب والاستفزاز على السواء.

وقد تداخلت المخاوف بالمصالح لدى أقطاب الحرب اليمنية اليوم، مثلما تقدَّمت حسابات الخارج على حسابات الداخل في العملية برُمَّتها ..

فثمة مخاوف لدى جميع الأطراف من مغبَّة الاِقدام على سلام يصُب في مصلحة الطرف الآخر، بحيث ينقضّ ذاك الطرف عليه حينها ويغدر به، في حال مدَّ إليه يده وتنازل له عن جُزء من مكاسبه، التي حققها بالسلاح والقتال على أرض الواقع، ونُصب عينيه يرتسم الشطر الشعري: "داء اليماني فِانْ لم يغدروا خانوا"!

ثم إن هناك مصالح تحققت للجميع - بدون استثناء - بحيث لا يفكر أحد جدّياً اليوم في التخلّي عنها. وهي مصالح لم يكن في حسبان أصحابها البتة أن تؤول إليهم وتتكدّس بين أيديهم، بفضل من الحرب وعلى أشلاء ضحاياها. فقد أحالت هذه الحرب ضعفاء إلى أقوياء وفقراء إلى أغنياء في سنوات قليلة!

والأهم هو مخاوف ومصالح وحسابات الطرف الخارجي (إيران شمالاً، والسعودية والإمارات جنوباً)، الذي سلَّمته هذه الحرب مقاليد الأمور في اليمن، ومهَّدت له الطريق لاحتلال واستغلال كل المنافذ اليمنية، وكل ثرواتها، والتحكُّم بمصير دولة وشعب كانا يُمثّلان عُمقاً استراتيجياً وحيوياً لدول المنطقة، سياسياً واجتماعياً وأمنياً، حتى زمن اندلاع الحرب، قبل نحو ستة أعوام.

لقد خاض اليمنيون حروباً عدة تجاه بعضهم في العقود الستة الأخيرة. وهم كانوا ينهونها في كل مرّة بسلام، إما "ناقص" وإما "شائه"، فتظل ثمة ذيول عالقة شتى، وبعضها لا يُرى -بحسب فيكتور هوجو - فتظل تلك الذيول تشير دائماً إلى اِحتماليةٍ قائمة - في الوعي والواقع معاً - لحربٍ أخرى قادمة.

وفي الوقت الذي يظل بعض الكُتَّاب والباحثين والمراقبين يطلقون بوالين الأمل في فضاء الاعتقاد بامكانية توصُّل اليمنيين إلى تسوية سياسية بمجرد تبادل مشاعر الثقة وتغليب مبدأ الركون إلى لغة الحوار ، كما جاء - مثالاً - في الأطروحة المتميزة للزميل العزيز حسين الوادعي (اللعبة الصفرية - موقع: yemen policy center) قبل أيام قلائل، الاَّ أن واقع الحال، وبعد ستة أعوام من الحرب وتداعياتها الكارثية، لا تبدو في الأُفق البعيد بارقة أمل خافتة تُشي بإمكانية تحقيق أية تسوية سياسية على أرض الواقع، من شأنها أن تُخرج اليمن وأهلها من هذه المأساة، ولو إلى حين!

لقد استحالت هذه الحرب اليوم إلى احترابات شتّى على كل صعيد في حياة الناس والبلاد، اِذْ شملت كل الجهات الجغرافية وغزت كل ميادين الواقع اليومي المُعاش، وانفتحت لها عدة جبهات سياسية وإعلامية واقتصادية وثقافية وتداخلت في خيوطها ومخططاتها مصالح وتحالفات وارتباطات قليلها علني، وأغلبها مايزال سريَّاً، ما يؤكد بقوة أن ليل المأساة مايزال طويلاً وقافلتها طويلة المراحل.

اِذن، ما المَخْرَج من هذه الدوامة الأخطبوطية التي أوقع اليمنيون أنفسهم فيها؟ .. وكيف يُفلتون - أولاً - من قبضة المسيطر الخارجي على مفاتيح "اللعبة" وخرائط ألغامها؟ 

هذا إذا زعموا - أصلاً - بتوافر الرغبة لديهم ثم القدرة للجنوح إلى السّلم.

ولكنّ الحقيقة أن استدعاء "الحكمة اليمانية" الآن، وفي هذا الاطار، قد يبدو ساذجاً. 

ويبقى الرهان الوحيد على الدول المسيطرة على لعبة الحرب في اليمن (إيران، السعودية والإمارات)، باعتبار أن كل دولة من هذه الدول الثلاث تمسك بعنق وجيب كل طرف من الأطراف المحلية المتحاربة (الحوثيون، الشرعية والانتقالي)، فإذا تواصلت هذه الدول فيما بينها، وتوصَّلت إلى اتفاق جاد بينها أولاً، تضمن به مصالحها وتدرأ مخاوفها.. يكون من الممكن - حينها فقط - الحديث عن احتمالية السلام في اليمن!

مقالات

السعودية حين تريد خلع عباءتها

مهما بلغت السعودية من شأن وتطور وحداثة، ومهما حاولت أن تنسلخ عن ثوبها القديم، ستظل النظرة الغربية تلاحقها كظل لعنة أبدية: ابتزاز بالمال والمواقف.

مقالات

الحوثيون بين تهديد السعودية والإمارات واستهداف الكابلات البحرية

تلوّح مليشيا الحوثي مجددًا باستئناف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة ضد السعودية، متهمةً الولايات المتحدة وإسرائيل بالتحضير لمرحلة تصعيد جديدة تستهدف التحالف العربي، وهو خطاب يعيد إنتاج سردية المظلومية التي توظفها المليشيا لتبرير تحركاتها العسكرية وللتغطية على التحول النوعي في أدواتها، إذ باتت تمثل امتدادًا مباشرًا للاستراتيجية الإيرانية في استهداف المصالح الخليجية والدولية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب والخليج العربي.

مقالات

قراءة في ضباب المشهد العالمي

لم يكن العالم في أي يوم أسوأ مما يبدو عليه اليوم من فوضى وارتباك وتضارب مصالح وضبابية رؤيا، فمن الحرب في أوكرانيا المزدوجة والمعقدة بين روسيا، من جهة، والغرب الأوروبي الأمريكي من جهةٍ أخرى، التي لا تبدو لها في الأفق نهاية، إلى نزاعات الشرق الأوسط بين إيران المصممة كما يبدو على امتلاك سلاحٍ نووي وإسرائيل المهووسة بحلم الدولة |(اليهودية) في واقعٍ لا يحتمل ذلك والطموحات الجامحة لتركيا، وإلى اليمن المنكوب والسودان المتشرذم وليبيا الغارقة في فوضى الميليشات والسلاح المنفلت، وحتى المغرب المضطرب، نرى مشهداً غير مسبوقٍ في التاريخ الإنساني وخارطةً عريضةً من المشكلات المركبة، المتداخلة، المزمنة والعصية على الحل في المدى المنظور.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.