مقالات

لا ضوء في آخر النفق!

28/03/2024, 10:19:29

عندما بدأت الحرب على اليمن في 26 مارس، بدون أي مقدّمات أو إرهاصات أو مؤشرات تدل على حرب وشيكة، حيث تزامنت هذه الحرب مع هروب عبد ربه منصور إلى سلطنة عُمان، وكان قرار الحرب سعودياً، ثم إماراتياً خالصاً، تحت مسمى "إعادة الشرعية"، التي في الأصل قامت السعودية بفتح كل الطرق لدخول الحوثيين إلى صنعاء وطرد الشرعية منها، وأن هذه الحرب لم تكن مرتجلة بل مخطط لها لإعادة اليمن إلى ما نحن عليه اليوم، من شتات وتمزّق.

السعودية باختصار شديد كانت هي صاحبة القرار بإسقاط الشرعية، وطردها من صنعاء، وإحلال الحوثيين مكانها على رأس السلطة، وفي الوقت نفسه هي التي قررت شن الحرب تحت مسمى "إعادة الشرعية المترهلة"، وهذا كله سيناريو مدروس بدقة، ومأخوذ من طريقة الأمريكان في العراق، التي دخلوها تحت مسمى "نشر الديمقراطية  وأسلحة الدمار"، ثم ليتركوها نهبا للفوضى الخلاقة.

وها نحن في اليمن في فوضى لا بصيص أمل للخروج منها، بينما السعودية تحاول إخراج نفسها من كل تبعات الحرب مثل "الشعرة من العجين"، لتترك اليمنيين لمصيرهم، ثم لتجلس لسنوات طويلة تتفرّج  وتضحك على ما يحدث في حديقتها الخلفية، حسب تعبير البركاني، بينما تتفرغ هي لعام 2030م.

كانت أكثر المؤشرات والقراءات السياسية، في بداية الحرب، تذهب إلى حرب قصيرة وخاطفة، لا تزيد عن شهرين أو سبعين يوما، تبعا لحرب 94م، وكان الأمر مخيفاً ومرعباً  لجميع فئات الشعب الذين يريدون الخلاص والنظر إلى المستقبل، ولكن -ويا للأسف- تبخّرت كل أحلام اليمنيين، يوم 21 سبتمبر الأسود ـ ثم يوم 26 مارس، ثم يوم 4 ديسمبر ـ وما تلاها من تطورات الأحداث، والاستيلاء على المدن، وسقوطها واحدة تلو الأخرى كأحجار "الدومينو" بيد شاصات الحوثيين، ثم التدخّل العسكري من دول ما يسمى "التحالف الخليجي"؛ لإعادة الشرعية - حسب زعمهم، والحقيقة كانت مغايرة تماما، فقد كانت الخطة أن تبقى اليمن هكذا، وعلى هذا الحال من الضعف والحروب، والصراعات والكانتونات، وحصار المدن، وتقطيع أوصال البلاد بين قوى متصارعة تم تخليقها، وتمويلها بكل ما يلزم من عُدة وعتاد، على ألا تكون إحداها قادرة على الانتصار على أي طرف من أطراف الحرب وتجارها.

كانت ومازالت وستظل مسرحية من أكثر المسرحيات عبثية في التاريخ القديم والحديث، جمعت المأساة والملهاة، وزاوجت بين الضحك والبكاء، وتبددت أحلام اليمنيين جميعا، وتبخرت طموحاتهم، وضاعت أجمل السنوات من حياة جيل أو جيلين من اليمنيين، وهي سنوات مرشحة للزيادة، وها نحن ندخل السنة العاشرة من هذه الحرب، وهذا الصراع العبثي يزداد عبثية، وتدميرا ممنهجا لكل شيء، ابتداء من الإنسان إلى الشجر والحجر.

عشر سنوات كانت كفيلة بالقفز إلى المستقبل، واللحاق بركب العالم المتقدم من حولنا على كل صعيد، وفي كافة المجالات، ولكننا وجدنا أنفسنا نرجع إلى الخلف ألفا وأربعمئة سنة، ونتخلى عن كل أحلامنا وطموحاتنا، ونخسر مستقبل أجيال قادمة من اليمنيين.

تشرد كثير من اليمنيين المؤهلين، وأصحاب الكفاءات، وهاجر الرأسمال الوطني  جماعياً وفردياً، وتم إغلاق مصانع كانت قائمة من سنوات طويلة، وغادر الأكاديميون إلى جامعات الخليج وغيرها.. أما السياسيون فحدِّث ولا حرج، وحصر ما حدث لليمن من فجائع وفظائع ليس أمراً سهلاً على المدى المنظور.

عشر سنوات وأكثر، ولا يلوح في الأفق، أو آخر النفق، أي ضوء أو بصيص ضوء، ولن يلوح ما دامت الشرعية الرخوة بكل تكويناتها مشتتة في المهاجر والبلدان، وأولاد رموز الفساد في الشرعية يدرسون في أكبر جامعات العالم، ويركبون أفخم السيارات، وأعراسهم تُقام بملايين الدولارات، تاركين الشعب لمصيره المحتوم، ولذلك إذا لم تتوحد الشرعية والقوات التابعة لها، وتلتحم مع الشعب؛ من أجل الخلاص من هذا الكابوس الرهيب الجاثم على الشعب اليمني، وماضيه ومستقبله، سنظل في دائرة مفرغة، ننتظر مغادرة الدنيا لعلّ بعد ذلك يخرج من أصلاب اليمنيين من يقود حركة التحرر من الإمامة البغيضة.

مقالات

كيف عزز النصر السوري حضور تركيا

في السنوات الأخيرة، عززت تركيا حضورها كقوة إقليمية تسعى إلى لعب دور محوري في إعادة تشكيل التوازنات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى.

مقالات

هل أصبح الحوثيون حقاً في دائرة الاستهداف؟

أكثر من مجرد الرّعب والفزع اللذين أحدثتهما الغارات الأمريكية على صنعاء، مساء السبت الماضي، فلا شيء يُذكر يمكن أن يؤثر على قدرة "جماعة الحوثيين"، وعلى استمرارها في استهداف إسرائيل، حتى ولو لمجرد المشاغبة عبر إطلاق مسيِّرةٍ هنا أو إسقاط صاروخ هناك على أرضٍ "فارغةٍ"، وكلُّها وسائل لا تقدِّم أو تؤخر شيئاً.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.