مقالات

مستقبل معدوم

02/01/2023, 17:24:34

‏‎في العام الماضي، كتبت العديد من المقالات، وبشكل متكرر، عن موضوع مستقبل اليمن، وكانت تلك المواضيع تتقاطع مع إيقاعي ككاتب وسياسي يمني عمل للعديد من المؤسسات، وشارك في النشاط السياسي خلال العقدين الماضيين، تحديداً في العقدين اللذين عشتهما في ذلك المجال، وكانت الحياة في اليمن تقود إلى الفشل على كافة المستويات، أو كنا -بمعنى أدق- نعيش الفشل على كافة المستويات الحياتية، وكان هناك سؤال واحد يطوف ويتردد، ولا يزال، في يومياتنا، ومرارا وتكرارا يُطرح: متى يبدأ نجاح الحياة في اليمن بشكلها السياسي والاقتصادي، وحتى الاجتماعي؟

‏‎وهذا السؤال معقّد، وفي الوقت نفسه إجابته صعبة للغاية، بل تكاد تكون إحراجاً لأي كاتب أو مفكّر أو حتى متنبئٍ تائه.

وكما أن السؤال مصيرياً لدرجة أن المشاركة المدروسة والواعية في الإجابة عنه صعبة وإخلاقية، هو كذلك - برأيي- هام للغاية. ومن ناحية أخرى، السؤال نفسه يمكن أن يكون واسعا بشكل مربك، ويدعونا إلى الهرب من التفكير به.  
‏‎من الناحية السياسية والاجتماعية، السؤال: متى يكون اليمني مستقرا سياسياً واجتماعياً؟ أما من الناحية الفلسفية والاقتصادية: ما الذي سوف يجعل الإنسان اليمني شخصاً منتجاً وناجحاً ومزدهراً؟ ودينياً: متى يكون للإنسان اليمني دين يساعده على الخروج من مستنقع الصراعات الدِّينية عوض أن يغرقه فيها؟

‏‎تصارع اليمنيون اجتماعياً وسياسيا ودِينياً عبر الزمن! على مدى القرون القليلة الماضية، حدثت صراعات وغزوات وانقلابات عديدة، تاريخ يدعونا إلى القطيعة معه، وفي الوقت نفسه يدعونا إلى استكشاف السؤال، والأهم إجابة السؤال السابق ومعرفة كيفية تفكير الناس فيه.

‏‎استطيع أن أقول إن مسألة  صناعة مستقبل اليمن، ووضعه في الطريق الصحيح، أكبر بكثير من المعارك التي تدور اليوم، وهي أهم من تلك المعارك التي يبدو ألّا نهاية قريبة لها.

يتجاوز هذا المنطق حدود ورؤية المتقاتلين، وربما - فقط- يطرق حدود القانون والفلسفة الإنسانية الحديثة، التي يمكنها فقط إخراج اليمن من مستنقعه، وهي الفلسفة التي يمكن أن تنقله إلى قلب التجربة الإنسانية.
‏‎هناك بعض الإجابات الواضحة، التي يمكن أن نجدها عن سؤالنا السابق -إن فكرنا جيداً- في التجارب البشرية المختلفة.

لكن في اليمن، هناك ممانعة حقيقية لاستكشاف السؤال في حد ذاته، وليس فقط الإجابة عنه تماماً.
‏‎فكرتي إلى الآن لا تجيب عن هذا السؤال، لكنها تطرحه فقط.

وبدلا من ذلك، آمل -من خلال الكتابة اليوم- البحث عن إجابة وحل، لأن الإجابة تكون بوعي جمعي واسع، والحل كذلك، لا يكفي أن نفرد بعض المساحة والأفكار للتفكير في وجهات نظرنا الخاصة، أو بدء محادثة مع الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي، والعائلة، "ومقيل القات" حول الإجابة، ومن ثم الاعتقاد الشخصي الساذج -في الوقت ذاته- أنّا في الطريق الصحيح، ونبلي حسناً، وبالتالي فعلنا ما يجب فعله، ونحن في الطريق الصحيح، كل ذلك ليس كافياً، بل سذاجة متناهية، فنحن بحاجة إلى وعي جمعي حقيقي وواسع، يمكن أن يشعر بالمسؤولية للخروج من هذا المستنقع.

اليوم، وفي العام الماضي، وفي العام الذي قبله، وقبل عشر سنوات، وعشرين عاماً، كان الوعي بالمستقبل في اليمن وسُبل صنعه معدوما، وفي أفضل الأحوال أمل يعتمد على النوايا الخاصة، بغضّ النظر عن إيجابية وسلبية تلك النوايا، وللأسف سيبقى الحال كذلك.

كيف يفهم ويفكّر الناس بشكل جمعي مشترك وذكي ومتناغم بحياتهم ليس مسألة سهلة، يحتاج إلى شعب يعي الفلسفة الجمعية وأهميتها، وكذا يحبّ بعضه، ولديه الرغبة بمشاركة أفراده في الخروج من المأزق التاريخي، وهذا ما يمكن أن نسمّيه بداية الطريق.

قبل حوالي عشر سنوات، ومع  بدايات ما يسمى "ثورات الربيع العربي"، ارتفعت فرص بناء دولة علمانية ديمقراطية، لكن الإسلاميين قوّضوا تلك الفكرة، وهيمنوا على الأجواء الإيجابية بمشاريعهم الدِّينية في مجتمع تقليدي ومتواضع معرفياً وفكرياً، ومن ثم احتواء تطلّعات القلة الواعية من الشباب الحديث والطامح.

كتبنا حينها عن أهميّة وكيفية بناء مستقبلنا وطموحنا، ولكن الربيع كان شتاءً. لقد فشلنا في التحوّل نحو مستقبل سياسي واجتماعي واقتصادي أفضل.

هذه كلها مسائل نعيشها اليوم، وهي مسألة اشتركنا في صنعها جميعاً عبر الانقسامات، ومن ثم الصراعات.. الصراعات التي لن تنتهي كما نتوقّع أو نأمل.

مقالات

الوصول إلى الحوثي عبر الحرس الثوري

على مدى العقود الثلاثة الماضية، أظهرت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران قدرة مدهشة على الجمع بين التنسيق والتعاون والتنافس، خصوصًا في ملفات أفغانستان والعراق. لم تتردد واشنطن في نسج خيوط تعاون غير مباشر مع طهران أثناء غزو العراق وبعد سقوط نظام صدام، وتطور التعاون لاحقًا إلى مستوى من التحالف والشراكة في قمع المكوّن السني، ومنع سقوط الحكومة العراقية الموالية لكلٍّ من الولايات المتحدة وإيران، تحت ذريعة الحرب على تنظيم القاعدة، ولاحقًا داعش.

مقالات

أفول إيران.. بقاء الحوثي!

معركة كسر العظم التي تدور الآن بين الكيان الصهيوني وإيرن، تعيد الحوثي إلى المشهد، ليس فقط بالمشاركة المنسقة في المعركة إلى جانب طهران، بل باعتباره ذراعها المركزي لمواجهة الغرب

مقالات

إيران وإسرائيل.. موازين القوة وأفق المواجهة

أخيراً، حدث ما كان متوقعاًً، بل مؤكداً في نهاية المطاف، أن تصبح المواجهة، بين إسرائيل وإيران، وجهاً لوجه على أراضي الطرفين، بدلاً من استخدام الوكلاء وأراضي الآخرين ساحةً لحربٍ عبثيةٍ غير مباشرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.