مقالات
مطهر الإرياني.. شاعر أزهر الحب والوطن في قصائده (2-2)
غير النصوص التي كتبها عن الأرض، والفلاح، ومواسم الزراعة هناك عدة نصوص وطنية، وأناشيد ثورية كتبها مطهر الإرياني تغنى بها فنانون مختلفون، واستمرت أجيال متتابعة ترددها مثل أنشودة "فجر أيلول"، التي اشتهرت بصوت الفنان الراحل عمر غلاب باسم "يا بلادي نحن أقسمنا اليمينا".. هذه الأنشودة كبرت مع جيلنا يوما بيوم، وبقينا نستمع إليها حتى وقت قريب. تقول بعض كلمات الأنشودة:
يا بلادي نحن أقسمنا اليمينا
أن نكون الأقوياء القادرينا
فانطلقنا ثائرين
وانتزعنا الحق والنصر المبينا
كان (أيلول) وكان الليل داجي
قاتم الجدران مضروب السياج
فأتينا صارخين
يا جدار الليل إنا قادمونا.
وإلى جانب انشودة "فجر أيلول"، هناك أنشودة عنوانها "لبيك"، التي لحنها الفنان عبدالولي الطوقي، وغناها الفنان محمد الوديع، وعرفت بأنشودة القوات المسلحة:
يا مجدنا المخلدا
والخير يا نبع الندى
لبيك يا مهد الهدى
يا وطناً معززاً مكرما ممجدا
محصنا لا يُرتقى.. ممنعاً مشيدا
نحميك لا نخشى العدى.. نحن الفدا.
قصيدة "فوق الجبل"، التي لحَّنها وأداها الفنان علي عبدالله السمة لا تزال إحدى درر القصائد الوطنية التي تغنت بالجندي اليمني الذي شبهه بالنسر المحلق:
فوق الجبل حيث وكر النسر فوق الجبل
واقف بطل محتزم للنصر واقف بطل
يزرع قُبل في صميم الصخر يزرع قُبل
يحرس أمل شعب فوق القمة العالية.
اللحن البديع الذي أنتجه الفنان الراحل محمد مرشد ناجي لقصيدة "حارس البن" جعلها تحلق عالياً بصوته وصوت الفنان عبد الرحمن الحداد لاحقاً:
حارس البن في وادي سبأ غير غافل
ذاهن العقل والعين
يحسبوه الأعادي قاصر السن جاهل
أينهم من ذكاه أين؟
حارس البن في وادي سبأ شعب كامل
شعب لكن بشعبين
بل بسبعين شعب كادح مكافح مقاتل
شعب يُقضى به الدين.
أما قصيدة "يا قافلة عاد المراحل طوال"، التي ظهرت بصوت الفنان علي السمة في أواخر ستينات القرن الماضي، فتوَّصف في خانة الأعمال الفنية ذات البعد الوطني، حتى وهي تحمل أبعاداً رمزية متعددة:
يا قافلة بين أمسهول وامجبال
الله معش حامي وحارس
يا قافلة عاد المراحل طوال
وعاد وجه الليل عابس
يا قافلة رصي صفوف الرجال
واستنفري كل الفوارس.
من الأوبريتات المتعددة، التي كتبها الإرياني، كان يُستدل على بعض المقاطع فيها لتصير أناشيد وأغانيَ ذات بعد رمزي على نحو مقطع "وضاح يا ساري الليلة"، في أوبريت "مغناة وادي سبأ"، التي كأنها كتبت اليوم:
يا ساري الليل يا "وضاح"
"وضاح" يا ساري الليلة
لا بد لليل ما ينزاح
مهما تراخت سرابيله
الليل يا "وضاح"
قد أغلق أبوابه
وضيَّع المفتاح
وسربل اثوابه
وارسل عليك أشباح
بالدجل صخَّابة
حافظ على المصباح
في ريح هبّابة
والليل مهما ارتاح
وطمّن اصحابه
لا بد ما ينزاح
وينقض أطنابه.
(*)
العديد من القصائد العاطفية كتبها الشاعر مطهر الإرياني، ومنها رائعته "وقف وودّع"، التي غناها الفنان علي بن علي الآنسي، تقول بعض كلماتها:
وقف وودَّع حبيبي واسبل اجفانه
ومسّ كفي وورَّد بالحيا اوجانه
ما ارحم دموع الأسى في الخد هتانِه
يوم الوداع ليت يا يوم الوداع ما كان.
وأغنية أخرى غناها الفنان عبد الرحمن الأخفش عنوانها "اعشق ويالله"
اعشق ويالله
خلَّ اعتمادك على الله
واعشق ويالله
الحب أجمل هدية
للناس من الله
كرَّم بها الأدمية
من كل مِلَّة
الفنان أحمد فتحي لحن وغنى له قصيدة "يا صبايا البلد"، تقول بعض كلماتها:
يا صبايا البلد
ما لخلي وعد
باللقا وابتعد
ما لوعد الحبيب
مثل بارق كذوب
كاد قلبي يذوب
يا خُضْر الروابي
دمعي وانتحابي
يشكي لك عذابي
هناك أغنية أخرى غناها الفنان أحمد فتحي عنوانها "لهفة الغريب" يقول مطلعها:
يا (سهيل) أنت في السما
مثل (عيبان) في (أزال)
يا يماني إذا انتمى
مثلما ينتمي الرجال
هات خبّر عن الحِمى
في التهايم وفي الجبال
خيّل البرق كلما
لاح بالله خيّله
لليماني واسأله
عن مسيره ومحمله
يا هليله يله يله
أغنية "قالت الهايمة" بلحنها البديع الذي أنتجه محمد قاسم الأخفش، وطارت بجناحين ملونين بصوته، وصوت شقيقه الفنان يحيى قاسم، وتقول كلماتها:
قالت الهايمة لي خل خلف البحارة
غاص قلبي وراه
ولا رجع بالأمارة
خلف سبعة بحور
خلي مهاجر ومهجور
لو تدور الدهور كم يحتمل قلب مقهور
ما نسيت يا حبيب حين قلت شارحل مسافر
قلت ترجع قريب قال السفر له مخاطر
والعيون غيّمت وقت الوداع وامطرت دم
والشموس أظلمت واحسست عمري تهدم
ليت عندي جناح يا خلّ أو قلب هكَّام
واتبعك في الصباح أو في المساء جُنح الظلام
ليت شعري وهل با نلتقي يا نواظر
قبل صوت الأجل يعلن فراق ماله آخر
واللقاء في السمر صفين نسرح ونرجع
تحت ضوء القمر بالبال والدان نسجع.
وبمقابل قصيدة "قالت الهايمة"، هناك قصيدة له بعنوان "قالت الباكية"، سمعتها بصوت الفنان فؤاد الكبسي وهي تصوير سردي لحالة امرأة يفسخ عقدها لتزويجها برجل أخر بدلاً عن زوجها الغائب، تقول كلماتها:
قالت الباكية
لي خلّ غاب أربع اشهر
سال دمعي عليه
مثل السماء حين تمطر
ما بشفّي سواه
لو يغترب طول دايم
لكن اهلي قساة
تطمّعوا بالدراهم
ابن شيخ المحل
دخل لهم بالذريعة
قال: هذا رحل
والفسخ حكم الشريعة
قلت لأهلي: حرام
عقد الأحبّة مقدّس
كيف يُقطع ذِمام
على المحبّة تأسّس
يا دموع اسكبي
باعونيَ اهلي لمن زاد
عند حاكم شقى
بالرشوة افتى بالإبعاد
يا اهل هذا البلد
مَن ذي بحكمي تقلّد
لا بزى له ولد
ولا شفع له محمّد
ربّ وانت الحسيب
يا منتقم كلّ ظالم
كيف بيع القلوب
بالمال بيع السوايم.
القصيدتان -كما هو واضح- تحفران في مدونة تغريبة اليمنيين التاريخية، وهي الهجرة، التي اكتوت بنارها النساء اللواتي فارقن رجالهن، وأبناؤهن الذين تشتتوا في الاصقاع؛ بحثاً عن حياة جديدة خارج مملكة الظلام وقتذاك.
مجموعة من القصائد الاجتماعية للشاعر الإرياني وجدت، هي الأخرى، طريقها إلى نوتات الملحنين وحناجر الفنانين، ومنها قصيدته الذائعة "ألا جينا نحييكم"، التي لحنها وأداها لأول مرة الفنان محمد قاسم الأخفش، التي تقول بعض كلماتها:
جينا نحييكم ونسمر معاكم
اسعد الله مساكم يا جماعة
يا الله با نسمر سوى في حماكم
ليت واحنا معاكم كل ساعة
كما الوفا للسلف واجب علينا
في العوايد فوايد قد وفينا
واحنا بعلم الخير والحال جينا
حال وافي وزايد قد لقينا
إن تسألونا عندنا علم وافي
كل ظاهر وخافي با نقوله
الحمد لله الأمور العوافي
والمطر جود كافي سال سيله
أول خبر يا باقي الحال يذكر
نجم نيسان بكّر بالمراوح
وكان مذرى خير في النجم الأحمر
مالنا أصبح أخضر زرع صالح.
قصيدة "دق الجرس يا مهندس" كتبها في افتتاح مصنع الغزل والنسيج بصنعاء أواسط الستينيات، تقول بعض كلماتها:
دق الجرس يا مهندس حل وقت العمل حل
شغل وخل المكاين والترابين تعمل
واحنا اليد العاملة ما عندنا احلى ولا اجمل
من العمل يالله اليوم انسجي يا مغازل
لكل عامل وباني اليوم تحلى الأغاني
خلي المكاين دايرة ترعد وتبرق هادرة
مثل الجموع السايرة تنشد أغاني ثايرة
لكل عامل وباني اليوم تحلى الأغاني
خلي المكاين دايرة ترعد وتبرق هادرة
مثل الجموع السايرة تنشد أغاني ثايرة